5/24/2022 8:53:28 AM
الصادق علي حسن المحامي
ثورة ديسمبر المجيدة اعظم ثورة مرت على البلاد منذ استقلالها كما بزت سابقاتها وهما ثورة اكتوبر المجيدة ١٩٦٤ وثورة ابريل المجيدة ١٩٨٥م بالتضحيات، والمؤسف حقا ان شعارات ثورة ديسمبر المجيدة قتلت في مهدها بسهم أصابتها في مقتل من قوى الحرية والتغيير والتي انقلبت على شعارات الثورة ومطالبها بالتكريس للإنقلاب الرابع عقب الثورات الجماهيرية الناجحة في تاريخ السودان وتم الإنقلاب هذه المرة من خلال شراكة بين غطاء مدني وعسكري مرجعيتها الوثيقة الدستورية المعيبة وانتجت الشراكة المولود الهجين من عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد وقوى الحرية والتغيير، ولم تدرك عناصر قوى الحرية والتغيير حتى الآن بانها هي ذاتها صارت قوى إنقلابية بل وارتكبت اكبر جريمة في تاريخ السودان منذ إستقلاله بمنح الجيش ومن خلاله عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد، وفي معية الجيش منحت ايضا قوات الدعم السريع وهي التي تكونت في فترة الإنقطاع الدستوري لنظام إنقلاب من مليشيات مسلحة كما واسبغت عليها صفة القوات العسكرية النظامية وذلك ما لم يكن ليحدث لو تمت الإستعادة الدستورية السليمة فقانون القوات المسلحة يمنع الجيش من ممارسة السياسة بصورة مطلقة وكان من البديهي بعد ان حازت عناصر اللجنة الأمنية لنظام البشير على الصك الذي يخولها ممارسة السياسة وتولي السلطة السيادية والتنفيذية التخلص من السلم الذي به صعدت وتربعت على السلطة فقذفت بالسلم (قيادات قوى الحرية والتغيير في السجون والمعتقلات) لتهب الجماهير هذه المرة في ثورة ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م المجيدة في ثورة لا تعرف المساومة او المزايدة، قوامها الشباب وقد نضج عودهم وقويت شوكتهم .
قانون لجنة التفكيك المعيب ولجنته المعيبة :
الوثيقة الدستورية المعيبة نصت في أحكامها على مهام الفترة الإنتقالية وفي الفقرة (١٥) المادة (٨) منها الآتي تلتزم أجهزة الدولة في الفترة الإنتقالية بإنفاذ المهام الآتية (تفكيك بنية التفكيك لنظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م وبناء دولة القانون والمؤسسات) ثم صدر قانون التفكيك الذي نظم أحكام التفكيك.
الوثيقة الدستورية المعيبة بخلاف ان مرجعيتها غير سليمة لمخالفتها لقواعد التأسيس الدستوري السليم أسبغت على إنقلاب الإنقاذ (إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م) مشروعية زائفة كما وقد حوى القانون وقبله الوثيقة الدستورية المعيبة على مصطلحات مبهمة غير ضابطة للمعاني المقصود منها او جامعة مانعة من اللغط كمصطلح التفكيك الذي تم إستخدامه في سياق لا يحقق المعنى المقصود من مصطلح البطلان، لقد وضح من قانون التفكيك ان مُشرع قوى الحرية والتغيير قد قصد من القانون ومن مصطلح التفكيك إزالة بنية نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م ولم يع المُشرع المذكور ان الإزالة لن تتم من خلال تجزئة المشروعية وتبعيض القانون، ان معنى التفكيك الذي استخدم (هو حل الشئ المربوط) وحل الشئ المربوط يكون من الشئ الذي ربط فيه، ونظام الإنقاذ عطل دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م واصدر مراسيمه الإنقلابية في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ثم منها إنتقل إلى مرحلة دستور التوالي السياسي بتعديلاته ثم دستور إتفاق نيفاشا بتعديلاته مما يعني ان مصطلح التفكيك استخدم في سياق تفكيك نظام بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م من مرجعيته والإبقاء على المرجعية نفسها من خلال الوثيقة الدستورية المعيبة التي ابقت على كل القوانين التي اصدرها المخلوع كما ظل الإبهام واللبس وعدم السلامة في قرارات لجنة التفكيك المحصنة بالوثيقة الدستورية المعيبة.
لقد وقع مُشرع الحرية والتغيير في أخطاء كارثية فادحة نتيجة لعدم استخدام المصطلحات القانونية الجامعة المانعة والراسخة والتي تفي بالغرض ومنها (البطلان والإبطال وإعادة الحال إلى ما كان عليه) ولو قام مُشرع قوى الحرية والتغيير بإستعادة الحياة الدستورية للبلاد باستدعاء دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م وتفعيله بإصدار دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م تعديل ٢٠١٩م لما أحتاج مطلقا لقانون التفكيك ولا آليته المسمى بلجنة التفكيك ولكشفت الإستعادة الإجرائية تلقائيا عن كل المراكز التي نشأت باطلة وكان ذلك هو المدخل الصحيح لإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م كما ورد في ورقة الأستاذ يوسف آدم بشر بالعنوان المدخل الصحيح للتأسيس الدستوري السليم .
الآثار السالبة لقانون التفكيك لسنة ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠م منها :
١/ نصت الوثيقة الدستورية المعيبة لسنة ٢٠١٩ م مقروءة مع قانون التفكيك لسنة ٢٠١٩م تعديل ٢٠٢٠م على تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م واعتبر قانون التفكيك ان نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م محصورا في حزب المؤتمر الوطني فقط والمعروف ان اسم هذا الحزب عند قيام إنقلاب الإنقاذ كان ممملوكا لتنظيم آخر بقيادة الأستاذ عبد المجيد إمام وقد تم الإستيلاء منه على هذا الإسم كما تم الإستيلاء على البلاد برمتها، وبحصر قانون التفكيك لنظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م في المؤتمر الوطني وحده بموجب أحكامه لم يشمل التفكيك كما لم يطبق قانونه على حزب الترابي المؤتمر الشعبي والمعلوم ان الترابي هو العقل المدبر لإنقلاب نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م كما ولم يشمل التفكيك او يطبق على حزب الإصلاح الآن برئاسة د غازي صلاح الدين احد المشاركين الأساسيين في إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وفي تقويض النظام الديمقراطي كما لم يشمل التفكيك ولم يطبق قانونه على حزب الطيب مصطفي رئيس منبر السلام العادل والمذكور كان من غلاة النظام البائد، ومثلما لم يشمل قانون التفكيك عتاة الإنقلابيين وتنظيماتهم الحزبية، شمل القانون المعيب المؤلفة قلوبهم من منتسبي حزب المؤتمر الوطني والمنتفعين والمستقطبين ممن لا علاقة لهم بنظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م سوى صحبة الراكب وقد ضم المؤتمر من امثال هؤلاء محمد يوسف كبر وعبد الباسط سبدرات وكبشور كوكو وغيرهم ممن وصفهم الترابي بانهم قد استقطبوا ليقوموا باداء دور الكمبارس وتمثيل الأدوار الثانوية لتجميل صورة النظام فصاروا لاحقا مخرجين.
٢/ بمَوجب قانون التفكيك المعيب تم تعيين لجان تسيير النقابات ومن هذه النقابات نقابة المحامين والصحفيين والأطباء والعمال وهي ذات عضوية في الإتحادات الإقليمية والدولية والتي تشترط نظمها الأساسية على عضويتها انتخاب قياداتها من قواعدها ولا تتعامل هذه النقابات الإقليمية والدولية مع إتحادات التعيين والتسيير كما وتعتبر الإنتخاب الديمقراطي من أساس نظمها وأعمالها وتلزم بها عضويتها.
ان تعيين لجان تسيير النقابات والإتحادات المهنية بموجب قانون التفكيك والقرارات الصادرة من مسجل عام الإتحادات والنقابات كان من نتائجه الكارثية ان رفضت النقابات والإتحادات الإقليمية والدولية الإعتراف بذلك التعيين وتمسكت بعضوية ممثلي النقابات والإتحادات السودانية الذين حازوا على عضويتها خلال فترة النظام البائد مثل إتحاد المحامين العرب وإتحاد المحامين الأفارقة وإتحادات الصحفيين الإقليمية والدولية والإتحاد الدولي للعمال الذي اصدر مؤخرا بيان تهنئة عقب الإفراج عن إبراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطني المكلف ووزير الخارجية الأسبق ومساعد المخلوع وقد كان رئيسا في السابق لما يسمى بإتحاد عام عمال السودان ، ولا يزال الصادق الرزيقي يحمل صفة رئيس إتحاد الصحفيين السودانيين لدى المؤسسات الإقليمية والدولية ويتجول بهذه الصفة في المنابر والمحافل الخارجية كما هنالك الذين يشاركون بصفة تمثيل نقابة المحامين السودانيين في محافل إتحاد المحامين العرب والمحامين الأفارقة، وقد منح مُشرع قوى الحرية والتغيير اجسام وتكوينات النظام البائد حق التمسك بتلك الأجسام والتكوينات الباطلة والتي تم تكوينها في ظل الإنقطاع الدستوري السند بقانون التفكيك المعيب كما ولم يفتح الله لمُشرع قوى الحرية والتغيير بإدراك إصدار مذكرة تفسيرية عن لماذا لا تمتلك تلك الأجسام والكيانات التي نشات باطلة في ظل إنقلاب نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م المشروعية والصفة .
ونواصل :
المراجع :
١/ المدخل الصحيح للتأسيس الدستوري السليم للأستاذ يوسف آدم بشر.