عبدالوهاب الانصاري
مدخل: ‘”بول يوزف غوبلز”
(Paul Joseph Goebbels)
وزير دعاية النازية ” المعروف كان يتمتع بحضورٍ طاغٍ وقدراتٍ خطابيةٍ مهولة، ومقدرات كتابية مذهلة، وإمكانياتٍ استثنائيةٍ جعلت من بيانه سحرا، وجاذبيته آسرة في التأثير على الجماهير المغيبة، بسبب المنهج المُعتم للوعي، والرأي العام المُكبل بأجواء الإرهاب والقمع، كانت كلماته تأسر العامة بشكلٍ مدهش، وظفها بمكر منتهجاً التكرار لتثبيت المعلومة، في إضلال وتضليل الشعب، تماماً كما يفعل إعلام البلابسة من داعمي جيش الفلول، لتعتيم الوعي الجماهيري واستلاب التفكير، ولكن بحمد الله أن الفارق المعرفي، والقدرات العقلية والثقافية شاسعة البون، بينه وبينهم، وهي التي قللت من آثار فعلهم النكير وكانت برداً وسلاماً، احاط بسوء مكرهم، واصابوا ارجلهم.
حيث لا الزمان هو الزمان؛ ولا البيئة من حيث إمكانية إنتشار المعلومة، وفحص مدى مصدقايتها أو محدودية بث المعلومات واحتكارها كان كما السابق.
فنحن نعيش تحت ظل السماوات المُشرعة، والمعلومات المنسابة تدفقاً فائق الوتيرة وتطور علم “الببليوغرافية” التي ساعدت في تنظيمها كمصادر معلومات وتوثيقها بعد تصنيفها وحفظها لتجعل من استرجاعها متاحاً.
فالزعيم النازي: بول يوزف غوبلز (Paul Joseph Goebbels) ، سياسي ألماني
(29 أكتوبر 1897 – 1 مايو 1945) شغل كرسي وزير دعاية النازية في حكومة الفوهرر “أدولف هتلر” أثناء الحرب العالمية الثانية (1939م-1945م).
كان الأقرب للزعيم النازي (هتلر) والاكذب؛ في نشر الاخبار المفبركة الكاذبة بالضرورة، والأرهب حضوراً، وكان أيضاً أكثرهم تفانياً وإخلاصاً في نسج الضلال والأكاذيب، كعادة المطبلين حاملي المباخر والاباريق للطغاة المتسلطين.
إلا أن خطبه التعبوية، مثل كلٍ من ينفخون في ابواق الحرب منعدمي الضمير، منذ بدأ الخليقة؛ وحتى هذه الحرب المستعرة في بلادنا السودان، والتي اشعلتها ونفخت كيرها “الحركة الاسلامية الارهابية” التي يفتقر فيها حمالت حطبها إلى التأهيل الفني والاتساق، إضافة إلى فقدانهم للقيم الأخلاقية، والقدرات المهارية في حبك حتى الكذب؛ رغم إستنادهم إلى إحدى مقولاته التأسيسية: “أعطني إعلاماً بلا ضمير ، أُعطك شعباً بلا وعي”.
فلا دهشة في ذلك، أنَّ نرى مثل هذا الخطاب التعبوي الصراخي الدعائي، المسيلمي، الصادر من منعدمي الضمير المهني، من كلٍ عتلٍ زنيم من الحق فاقد للمصداقية ” “يكذب يكذب حتى ظن أن الآخرين يصدقونه” وهكذا الدعاية الكاذبة، خالية القيم الأخلاقية، تذهب جفاء كالزبد، في مثل هذه الأيام العصيبة الكريبة، والمفصلية في تاريخ السودان.
“كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها” يعيد هؤلاء الكذبة؛ إنتاج الكذب لتعقيد الأزمة السياسية فهذه الحرب ليست،ب”العبثية” كما يدعي “البرهان” ولكنها الاجرامية بحرفية الكلمة؛ و هي التي اشعلتها الحركة الإسلامية الإرهابية، بإعلانها البواح لها وهي حمالت حطبها، في وضح النهار، ليس عبثاً، ولكن بهدف عودتها متسلطة، بعد تخطيط إجرامي متعوب فيه، وسريعاً بعد نفخ كيرها، وإنطلاق شرارتها معلنة صرختها، تحسبها خاطفة لتعود. فكانت واجفة خائفة راجفة، حيث خرج علينا “احمد هارون” الهارب من سجن كوبر، والمطلوب القبض عليه، لدى المحكمة الجنائية الدولية في لآهاي. بتهم جرائم الحرب، والتطهير العرقي، والابادة الجماعية بمذكرة جنائية حمراء، رئيس الموتمر الوطني “المنحل” واحد قيادات الحركة الاسلامية الارهابية، معلناً إسمها ومطلقاً عليها، يالسخرية القدر حرب “الكرامة” كرامة مين؟ فجعلها الله عليهم ندامة.
يظن هؤلاء الاشرار، أن كذبهم الأشر، سينطلي على الاحرار، ويصرف الثوار عن البحث في جذور المشكلات الحقيقية، لإعادة بناء الدولة السودانية، من ساسها على أسس جديدة، إنتهى عهد الترقيع و”الطرطشة” ليست هيكلة جيش إنما هدم وإعادة بناء من جديد، جيش مهني حديث بعقيدة وطنية غير مرتبطة بالاستعمار.
وإنشاء دولة حقيقية، لا مكان فيها لمروجي الدعايات الفاسدة الكاذبة، الذين ينطلقون من مذهبيات صماء وذاهلة، تجاوزها الزمن وبادت، وجنحت عن مقاصد الأشياء.
لتجد تلك الخطابات البلبوسية البائسة، ضالتها في البيئات المستلبة الوعي، ذات المناسيب المرتفعة من الجهل، وإنحسار الوعي والتخلف المعرفي والأمية.
التي تنتج الاعلامي البلبوسي الانتهازي “الغوبلزي” الذي يجسد الموصوف في “بطنك كرشت، غي البنات نافي، دقنك حمست، جلدك خرش مافي”
منتفخ الأوداج، متقدم الكرش، ممتليء المؤخرة، من مال الغلابا، بوجهه القمري اللامع من الترف، مزين عنقه “بكرافيت براند” من بلاد (الكفار) وحذاء يتلألأ جلد أصلي، من انتاج “بلاد تموت من البرد حيتانها” كله من مالٍ سحت، يعيش هذا المترف منعماً، في مصر أو الخليج أو تركيا، مع أسرته واولاده تحت جناحه في أمنٍ وأمان، ويطل بوجهٍ مشرقّ أسيل الخدين مملس مصقول بالكريمات والدلك والبلش؛ عبر الشاشات الكاذبة، ليقول للعالم “Hi” (بل بس) ما بهمّنا جوع ومسغبة جموع الناس، ولا موت الآلآف، أو نزوح ولجوء الملآيين في ظروفٍ إنسانية بالغة السوءِ، ولا أن تُغتصب النساء، أو يأكلن من أثدائهن او عرض اجسادهن في الميديا ليجدن لقيمات، أو حتى انتهاكهن على أيدي جنود وحلفاء ومتمرّدي طرفي القتال.
لا؛ نحن وحدنا لا شريك لنا اوصياء على الشعب، ونعلم ما ينفع “الشعب الجاهل”ونقبل بكل هذا الدمار من أجل أن تعود الحركة الاسلامية الارهابية للسلطة، لأن الوطنية في خطر، والدين في خطر، والوطن في خطر، والخطر في خطر، أو الطوفان.
“وبل بس” ولو إحترق السودان كليةً شجراً وحجر”.
لذلك لزاماً على المهمشين التوحد، والعمل على تبوء كابينة صناعة القرار، كما عليهم كشركاء مصلحة أُصلاء المشاركة في تقديم حلول للقضايا الكلية، التي تقتضي معالجات جذرية لمشاكلهم، والوقوف على قواعد راكزة دائمة، حتى لا يكون الرأي العام ملهياً، بتنميط الآخرين، تنميطاً سطحياً ، قوامه خطاب الاثنية والقبلية والكراهية والاصطفاف الجهوي أو القبلي المنتن. الذي أقام له “جهاز الأمن والمخابرات” سيء الصيت، وكريه السمعة؛ التابع للحركة الاسلامية الارهابية؛ إدارة كاملة أسماها “شعبة القبائل” لخلق الفتن وتسعير أوار الإختلاف – وكان يديرها بخبث ممنهج، لعب في إعدات إدارته الاهلية وغير نظام دقتها الموروث، لبث خطاب الكراهية العنصري، وتسعير الخلافات بين القبائل والمجتمعات والحواضن الاجتماعية “بعقلية فرق تسد” مستعيناً وراشياً بعضٍ من العاقين، المنتمين لنفس هذه المجموعات القبلية، منتهجاً نفس الاساليب التي ورثها من الاستعمار.
الوعي، الوعي؛ سلاح الثورة الجذري نحو تأسيس وبناء وطن عالي، ووطن عاتي، ووطن غالي، ووطن خير ديمقراطي، يسع الجميع إلا من طغى وتكبر.

