محمد علي احمد يكتب :السلطة الضالة و الإعلام المضلل
بعد أن استعاد الجيش السوداني سيطرته على مدينة ود مدني و أجزاء من ولاية الجزيرة لا يكاد ينقضي يوم إلا و تظهر مقاطع مصورة توثق الجرائم الوحشية التي يرتكبها الجيش السوداني و الكتائب المتحالفة معه في حق المواطنين المدنيين بذريعة تعاونهم مع الدعم السريع و لعل من الملفت في هذه الموجة الفظيعة من العنف الدموي أمران : الأول هو اجتهاد مرتكبي هذه الجرائم في إتباع اشد أنواع التنكيل و التطرف غير المسبوق في الوحشية تجاه المدنيين الأبرياء و الأمر الثاني هو الحرص على بث هذه المقاطع الشنيعة على وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة مما يثبت أن هنالك مقصد يجب تحقيقه و رسالة يجب أن تصل تُبلغ ! و مما يثير الاشمئزاز و الأسى هو التأييد و التشجيع الذي رافق المجازر التي ارتكبها الجيش و حلفاؤه من قبل مناصريهم من فلول النظام البائد و بعض مَن وقع تحت تأثير إعلام السلطة المضلل الذي ظل يستخدم الشحن العاطفي بدراجات عالية لتعطيل العقول و تخدير الضمائر باستغلال الدين و العنصرية البغيضة ليقتنع الناس بأن الجيش و حلفاؤه من كتائب المتطرفين الإسلاميين الإرهابيين و من انضم إليهم من كتائب و حركات مسلحة مأجورة , إنما يقاتلون من أجل الوطن و لتحقيق الأمن و السلام للمواطن و هذا قد يبرر قتل الأبرياء و ذلك هو المقصد المرجو حتى لا تجد هذه المجازر البشعة أي قدر من الممانعة أو الاستنكار من قبل المواطنين أما الرسالة فهي إلى صندوق بريد كل مواطن سوداني يدعم التحول للحكم المدني الديمقراطي و فحواها أن مصير دعاة المدنية و الديمقراطية سيكون كمصير أولئك الضحايا الذي تم قتلهم بعد تعذيبهم و التنكيل بهم بأبشع الطرق التي نالت شجب و استنكار كل صاحب ضمير حي على نطاق العالم أجمع و لا يحتاج الأمر إلى كثير اجتهاد لإدراك سبب كل هذه البشاعة و التطرف هو القضاء على كل مَن يحاول الوقوف ضد عودة النظام السابق للسلطة مرة أخرى هكذا يظن الجيش و حلفاؤه أن الإرهاب و سفك دماء الأبرياء هما السبيل الأمثل للرجوع إلى سدة الحكم دون منازع أو رقيب متناسين أن ثورة ديسمبر المجيدة التي خلعت رأس نظامهم السابق إنما هي امتداد لما سبقها من ثورات سلمية قام بها الشعب السوداني دون خوف من الطغاة و لا رهبة من الأنظمة العسكرية و الأمنية المجرمة التي لا تتردد أبداً في ارتكاب المجازر و الانتهاكات في حق الشعب الأعزل, من أجل حماية الحكم الدكتاتوري الظالم وان بذور الحرية سوف تظل باقية للأبد في دماء هذا الشعب العاشق للسلام والذي لن يتنازل عن تحقيق العدالة مهما تمادي هذا النظام الدكتاتوري الباغي في أساليب القهر ومحاولات اغتصاب إرادة الأمة و وأد أحلام الجماهير الواعية بمخططات النظام العسكري الإسلاموي الآثمة التي تسعي إلى تمكين نظام مجرم ضال ظل يقود البلاد على مدى أكثر من ثلاثة عقود إلى موارد الضلالة و الدمار فتنكبت البلاد من الكوارث و الأهوال ما أوصلها إلى أن تكون الآن في أتون حرب ضروس تهدد وجودها في ظل تمسك أطراف سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بخيار الحرب ضد طموحات الشعب السوداني المشروعة لتشهد أهوال حربهم هذه ضد إعلامهم المضلل الذي يجاهد في طمس الحق و نشر الباطل بجعل انتصارات الجيش مسوغاً لهدر الدماء و إزهاق الأرواح البريئة و ليكون دحر – الميلشيا التي صنعوها- صك عبور فوق جثث الضحايا و ملهاة عما ارتكبوا و يرتكبون في حق البلاد و العباد و ليفلتوا من العقاب.
ختاماً لا يمكن النظر لما يحدث في حق المدنيين من مجازر و انتهاكات مروعة دون ربطه بما حدث في كل الأماكن و المدن التي استعاد الجيش و فلوله السيطرة عليها إذ يمثل ذلك التزام مستمر بنهج جبهة الإسلام السياسي المجرمة منذ ظهورها في السودان قبل حوالي خمسة عقود ذلك النهج الذي يعتمد على العنف تجاه كل من يختلف معهم في الرأي أو العرق أو المعتقد خصوصاً بعد فشلهم في الوصول إلى السلطة بالطرق السلمية بسبب رفض الشعب لهم فاختاروا الوصول إلي السلطة عن طريق الانقلاب العسكري المشئوم في منتصف العام 1989 بعد أن وجدوا من ضباط الجيش من غدر بمستقبل الشعب و طموحاته و خان الجيش بالانتهاك قانونه و لوائحه بتسخير قوات الشعب المسلحة لتوجه فوهات بنادقها نحو الشعب السوداني الأعزل المسالم و رضيت لتكون مطية لفئة ضالة مجرمة تضمر كل الشر للأمة السودانية و للإنسانية قاطبة.