الأحد, يونيو 8, 2025
الرئيسيةمقالاتالجميل الفاضل يكتب:سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! أفلا تنظرون إلي حرب "رعاة الإبل"،...

الجميل الفاضل يكتب:سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! أفلا تنظرون إلي حرب “رعاة الإبل”، كيف تسعرت؟!

الجميل الفاضل يكتب:سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! أفلا تنظرون إلي حرب “رعاة الإبل”، كيف تسعرت؟!

وأي هجن من حديد؟

لابد أن “بعرة” هنا تدل علي أن هذه الحرب هي أيضا حرب “بعير”.
فأي شيطان هذا الذي أنزل بعض السودان من رعاة الأبل من أسنمة بختهم، ليركبهم مطايا تسابق الريح بقوة “دفع رباعي”، لا تريح ولا تستريح، تقطع الفلوات في لمح البصر.
من هذا الذي فتح مضمارا لسباق هجن من حديد.
هي هجن بلا حادي، وبلا “حويات”، أو مسادير، هكذا إنخرط رعاتها في سباق دموي لا رحمة ولا هوادة فيه.

من يزكي ناركم أيها “الأبالة”؟

تري هل من قبيل الصدفة، أن غالب المنخرطين في هذه الحرب من سائر قبائل السودان، قبائل تعتبر حرفتها بالدرجة الأولي “تربية الأبل”؟.
ثم هل من ورط ولازال يورط مزيدا من هذه القبائل في الحرب، هو بعيد عن أعين ظل يفترسها هاجس إسمه “السودان”، ترقب كافة تطوراته باهتمام وعن كثب، منذ أن وردت الإشارة إليه في بعض الأسفار التوراتية القديمة وفي السنة النبوية الشريفة، بخاصة قول النبي الكريم لأمير المؤمنين إبن الخطاب: “يا عمر، تعال فاسمع ما قد أنزل الله: “ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، ألا وإن من آدم إلي ثلة، وأمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له”.

ثم كيف نوقف سباق تسلح القبائل؟

علي أية حال، فما أن يسرح “أبالة” ما، في مكان ما، علي متن طوافات الأرض اليابانية، (Land Cruiser)، الا وتدافع رصفاء آخرين لهم من محترفي رعي الأبل، للنزول من أعناق “العير” الي نفير السلاح وأرتال “التاتشرات”، للإنخراط في معامع هذه الهوجاء بدوافع مختلفة.
انظر ماذا قال بيان مُذَيَّل باسم ناظر البطاحين “منتصر خالد محمد صديق طلحة”، قال: “نعلن أننا بصدد تكوين قوة ضاربة من أفراد القبيلة بولاية الخرطوم وكل مكوناتها، لتكون ظهيرًا وسندًا لقوات شعبنا المسلحة.
وأضاف طلحة أن القوة المزمع تشكيلها ستكون من أبناء قبيلته حصرا جندًا وقادة، مشيرا إلي أنهم يريدون بتكوين هذه القوة العسكرية قطع الطريق أمام جهات، قال إنها فتحت مكاتب للتجنيد في مناطق نفوذ قبيلة البطاحين.
مردفا بأن هذا التكوين يأتي مواكبا لظهور كيانات في كل بقاع السودان تسعي لتكوين أجسام عسكرية شعبية.
مؤكدا أن أبناء قبيلته من المستحيل أن يقاتلوا تحت لواء لا يحمل إسمهم أو أن تكون قيادته من غيرهم، بما يستدعي أن تكون قيادة القوة المرتقبة من أبناء القبيلة، ومن أبناء المنطقة.

أطويل يوم “بسوسنا” هذا، أم يطول؟

المهم فإن يوما أسود وأشام وأطول من يوم “بسوس العرب”، ربما ينتظر هو أيضا “السودان من رعاة الإبل” خاصة.
فالبسوس هي الناقة التي لا تدر إلا على التلطف بأن يقال لها: “بس، بس”.
وفي المثل قيل: “أشأم من البسوس”.
لأنه قد أصابها رجل من العرب بسهم في ضرعها فقتلها، فقامت الحرب.
وقيل “البسوس”، إسم امرأة، هي خالة جساس بن مرة الشيباني، كانت لها ناقة يقال لها سراب.
فرآها كليب وائل في حماه، وقد كسرت بيض طير كان قد أجاره، فرمى ضرعها بسهم، فوثب جساس على كليب فقتله، فهاجت حرب بكر وتغلب، ابني وائل بسببها أربعين سنة.

وهل تشبه ليلة “العنجاء”، بارحة “البسوس”؟

وفي تاريخ دارفور ثمة ناقة أوقعت هي الأخري حربا لاتقل عبثية عن حرب “البسوس”، وحرب السودان الحالية.
يقال إنها قد استمرت لنحو (45) عاما، منذ العام 1530، وإلي أن وضعت أوزارها في العام 1575.
هي حرب الناقة “العنجاء” التي عرفت في الروايات الشفاهية المتناقلة، بناقة “فني”.
وتقول قصة هذه ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ، أنها قد ﺩﺧﻠﺖ الي “ﻣﺮﺍﺡ أبل” “ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺷﺮﻧﻘﻮ” سلطان قبيلة خزام، فطمع ﻓﻴﻬﺎ ﻹﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮ من اﻟﻠﺒﻦ، ﻭﺭﻓﺾ ﺇﻋﺎﺩﺗﻬﺎ ﻹﺑﻦ ﺃﺧﺘﻪ “ﻓﻨﻲ”.
ﻓﺈﺳﺘﻐﺎﺙ الفتي “ﻓﻨﻲ” من جهته ﺑﻌﺸﻴﺮﺗﻪ من ﺟﻤﻮﻉ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺟﻬﻴﻨﺔ ﻓﺈﻧﺪﻟﻌﺖﺍﻟﺤﺮﺏ.
ﻭمما قال “ﻓﻨﻲ” معتدا بعشيرته في هذا المقام:
“ﺍﻟﺴﺎﻳﺮ ﻋﻄﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﺣﻴﻤﺎﺩ، ﻭﺍﻟﺪﺧﺎﻥ ﺍﻟﺒﺘﻠﺘﻞ ﺩاك ﺭﺍﺷﺪ ﺍﻟﻮﻻﺩ.
ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺃﺑﺘﻤﺸﻲ ﺑﻴﻬﺎ ﻭﻳﻦ ﻳﺎ
ﺍﻟﺨﺰﺍﻣﻲ ﺍﻟﺪﺍﺝ”.
ﻭ”عطية”، ﻫﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﻄﻴﺔ من “ﺭﺯﻳﻘﺎﺕ، ﻭﻣﺴﻴﺮﻳﺔ، ﻭﺣﻮﺍﺯﻣﺔ”.
ﻭ”ﺣﻴﻤﺎﺩ” ﻫﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺣﻴﻤﺎﺩ، ﻭﻫﻢ “ﺃﻭﻻﺩ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﺗﻌﺎﻳﺸﺔ، ﻭﻫﺒﺎﻧﻴﺔ، وبني هلبا، ﻭﺳﻠﻴﻢ”.
ﻭ”ﺭﺍﺷﺪ” ﻫﻢ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺭﺍﺷﺪ، ﻭﺟﻤﻴﻌﻬﻢ أﻭﻻﺩ ﺟﻨﻴﺪ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ خاله الزعيم ﺍﻟﺨﺰﺍﻣﻲ:
ﻛﺎﻥ ﺗﻠﻤﻮ ﺟﻨﻴﺪ، ﻭﻣﺠﻨﻮﺩ،
ﻭﺍﺧﻮﻛﻢ ﺍﻟﺴﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻮﻕ،
ﻛﻮﺭ ﺍﻟﻐﻨﻢ ﻣﺎ ﺑﻘﺎﺑﻞ ﺟﺒﻴﻦ “ﺍﻟﺪﻭﺩ” والدود هو إسم للأسد.
ﻳﻌﻨﻲ: “ﻟﻮ ﺇﺟﻤﻌﺘﻢ” ﺟﻨﻴﺪ الذي ﻫﻮ ﺟﺪ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻳﺔ، ﻭأﺧﻴﻪ “ﻣﺠﻨﻮﺩ” الذي ﻫﻮ ﺟﺪ ﺍﻟﺸﻜﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺑﻴﺶ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺮ، ﻭﺑﻨﻲ ﺟﺮﺍﺭ،
ﻭ”ﺳﻼﻣﺔ” الذي ﻫﻮ ﺟﺪ
ﺍﻟﺴﻼﻣﺎﺕ.
وهنا ﺗﺤﺪﻯ ﺍﻟﺴﻄﺎﻥ “ﺷﺮﻧﻘﻮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ” أبن أخته “ﻓﻨﻲ” ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰﺃﺑﻨﺎﺀ عمومته ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻳﻴﻦ “ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺣﻴﻤﺎﺩ، ﻭﻋﻄﻴﺔ، ﻭﺭﺍﺷﺪ”، ﻓﺰﺍﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺷﺮﻧﻘﻮ، ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻋﻤﻬﻢ الآخر ” ﻣﺠﻨﻮﺩ”، ﻭﺷﺒﻬﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺑﻘﻄﻴﻊ ﺍﻷﻏﻨﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻷﺳﺪ، ﻭﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻷﺳﺪ ﻫﻨﺎ ﻗﺒﻴﻠﺔ “ﺧﺰﺍﻡ” بالطبع، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺩﻗﺖ طبول ﺍﻟﺤﺮﺏ.
ليبدأ “ﻓﻨﻲ” ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻟﻠﺤﺮﺏ،
بإثارة ﻗﻮﻣﻪ ﻟﻨﺼﺮﺗﻪ.
فتحالفت ﺟﻤﻴﻊ تلك ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺿﺪ قبيلة ﺧﺰﺍﻡ، ﻷﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻨﻮﺓ، ﻭﺇﻧﻄﻠﻘﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ التي ﺇﺳﺘﻤﺮﺕ لنحو (45) عاما.
يبدأ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ فيها كل يوم ﻧﻬﺎﺭﺍً ﻭﻳﺘﻮﻗﻒ ﻟﻴﻼً.
ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻳﻦ ﻃﻠﺒﻮا ﺍﻟﻤﺪﺩ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ أﺧﺮﻱ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻳﻦ الأخري، ﻓﻴﺘﺮﺍﺟﻌﻮﺍ ﺣﺘﻲ ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻤﺪﺩ، ﺛﻢ ﺗﻌﺎﺩ ﺍﻟﻜﺮﻩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻗﻴﻞ أنه ﻓﻲ المعركة ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ.
حيث فعل ﺍﻟﺠﻨﻴﺪﻳﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ ﻷﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﺎ ﺃﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ، بل حاولوا ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﺳﺮﻗﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ.
لكنهم ﻓﺸﻠﻮﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ ﻗﻮﺓ حماية ﺧﺎﺻﺔ.

ومن يعقر ناقة حربكم أيتها العير؟

ثم اتجهت ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻏﺮﺑﺎً، ﺗﻤﺎشيا ﻣﻊ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ، ﻭﻗﻴﻞ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ قد ﻫﺮﺑﺖ هي ايضا ﻏﺮﺑﺎً، ﻭﺇﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺇﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺿﺮﺍﻭﺓ.
ﻭﺍلي أن ﻗﺎﻣﺖ ﺷﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺷﺮﻧﻘﻮ، ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺧﺰﺍﻡ، ﻭﻫﻲ ﻣﺘﺨﻔﻴﺔ بنحر ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ “العنجاء” ﺳﺒﺐ الفتنة، ﻓﻤﺎﺗﺖ ﻭﺑﻤﻮﺗﻬﺎ ﺧﻤﺪﺕ ﻧﺎﺭ هذه ﺍﻟﺤﺮﺏ.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات