الجميل الفاضل يكتب :عين علي الحرب “الفيتو الروسي” هل هو نهاية أم بداية مطاف
“الفيتو الروسي”
أتصور أن إستخدام روسيا المفاجيء لحق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار البريطاني المتعلق بحماية المدنيين في السودان، يؤكد فرضية أنّ السُودانَ قد وقعَ بالفِعل في مَهبِ رياحٍ دوليةٍ عاتيةٍ، مُتعاكسةٍ ومُتسارعةْ.
وبالطبع فإن سرعة الرياح لا تَشّتدُ، ما لم تندفع من مناطق ضغط مرتفع، الي مناطق ضغط منخفض.
اذ أن مايشبه تساوي خطوط الضغط في عالم يتقولب الآن، يتهيأ لمرحلة ما بعد الآحادية القطبية، قد أغري هو أطرافا شتي بتحسس وتجريب قدراتها علي هذا المنخفض الجوي المثالي الذي يقبع فيه السودان اليوم، استغلالا لحاجات أطراف الحرب.
وفيما كان يتوقع أن تزود بريطانيا مقدمة مشروع القرار المتعلق بالسودان، والذي اسقطته موسكو بالضربة القاضية علي حلبة مجلس الامن، اوكرانيا بصواريخ “ستورم شادو” طويلة المدي.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وافق علي استخدام اوكرانيا لصواريخ امريكية طويلة المدي من نوع “أتاكم”.
لتؤكد موسكو الثلاثاء أن اوكرانيا أطلقت بالفعل صواريخ امريكية بعيدة المدي علي منطقة بريانسك الروسية لأول مرة.
وفيما أعلن الكرملين عن توقيع بوتين مرسوما بتحديث العقيدة النووية لروسيا،
قررت واشنطن من جانبها تزويد كييف بالغام أرضية ضد الافراد.
علي أية حال لابد من النظر إلي أن “الفيتو الروسي” ضد المشروع البريطاني الخاص بالسودان، قد جاء في سياق وتحت مناخات صراعات هذه الافيال الكبري.
لكن صحيح أيضا أن الدُبٌ الروسيٌ المُشاغبْ “سيرغي لافروف” وزير خارجية دولة الإتحاد الروسي، المُدخِنُ الشره، الذي يهوي ويجيد صيد “الأسماك المترنحة”، علي وقع انغام جيتاره، ولحنه الجديد الذي بات يعزفه حيثما حل علي وتر إفريقي حساس للغاية يقول:
“إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي تطالب الدول الأفريقية بوقف التعاون مع روسيا، تسعى لاستعادة التبعية الاستعمارية للقارة”.
ويضيف لافروف: “في أفريقيا نعلم أن وفودًا أمريكية وبريطانية وأوروبية أخرى تظهر في أفريقيا بانتظام، وتطالب البلدان الأفريقية بعدم التعاون مع روسيا، مشيرا إلي إنهم يسعون لإستعادة الهيمنة والتبعية الإستعمارية على الدول الأفريقية، لكن بشكل جديد”.
ويلفت لافروف: إلى أن أفريقيا أغنى قارة من حيث الموارد الطبيعية، تلك الموارد التي كانت عرضة للإستغلال من قبل الغرب لعدة قرون، مؤكدا أن الغرب يسعى للحفاظ على سياسته الإستغلالية تجاه أفريقيا”.
فضلا عن نصائح أخري كان قد أسداها السفير الروسي بالخرطوم في وقت سابق للسودانيين إبان الفترة الإنتقالية، من أن الديمقراطية الليبرالية رجس من عمل شيطان الغرب، وإنها بالضرورة لا تناسب لا السودان ولا شعبه.
المهم فأن المزاج الروسي يفضل التعامل مع أنظمة علي غرار نظام “بشار الأسد” في سوريا، و”أسيمي غويتا” في مالي، و”فوستان أركانج” في افريقيا الوسطي، و”كيم جونغ أون” في كوريا الشمالية.
وبالطبع ليس بعيدا عن نوع هذا المزاج، “عبدالفتاح البرهان” قائد الجيش الحالي في السودان.