عبدالوهاب الانصاري
النشأة والتكوين لنواته، الهجانة عقيدة استعمارية، خُصبت خارج السودان، معلومات وحقائق وليست تحليل، أو إبداء رأي، لا احتكر العنف وفق عقيدة وطنية، ولا حمَّى الحمِّى ولا كان جند الله، أو هو جند الوطن، ادوات العنف مبذولة في النقعة، وحدوده مستباحة ومباحة، وجنده مُعرد بسيقان غزالة.
تأسست قوات الهجانة عام 1896م من وحدات مصرية بجبل طرة، بمصر تحت قيادة ضابطين إنجليزيين هما القائمان (عقيد) “لوزي” ونائبه البكباشي (مقدم) “هنرى” وكان من ضمن هذه الوحدات “لواء سوداني” ولكني لا يعرف بالتحديد عدد الضباط السودانيين، الذين عملوا بذلك اللواء.
في العام 1896م أثناء “حملة الفتح” إعادة إستعمار السودان، بقيادة كتشنر باشا؛ تقدمت هذه الوحدات للسودان كجزء من قوات الاستعمار البريطاني المصري، ومن ضمنها “اللواء السوداني!” جاء راجعاً من طرة، وعسكرت القوات للحشد، بحلف القديمة؛ ودعمت بسودانيين من أبناء حلفا؛ وكانت قوة كل بلك (150) ضابط صف وجندي، وقد مرت في طريقها “لفتح السودان” إعادة إستعمار السودان، بمناطق (خميرة ، توشكي ، الحفير، عطبرة ، القضارف ، الجديد ، ابو دليق حيث عسكر فيها 5 جي هجانة.
واستمرت هذه القوات ألى أن وصلت عاصمة السودان أمدرمان سنه 1898م ثم عسكرت بخور شمبات إستعداداً لمعركة كرري ضد قوات الدولة المهدية.
وقد كان تعداد هذه القوة (3) بلوكات مصرية وهي جي 4 ، ج 5 وجي 7 ، جي8، وهي نفس العام تقدم الكلونيل “ماهون” ومعه فرقة “هجانة: إلى مديرية كردفان وتم إحتلالها وفي عام 1901م وبينما هذه القوات تعسكر في خور شمبات نقل إليها 5 جي من أبو دليق وأنضم اليها.
وأعيدت البلوكات الثلاثة المصرية، الي مصر لعدم إستطاعة الضباط والجنود المصريين تحمل تقلبات الطقس في السودان؛ وقد كان لزاماً علي السلطات إيجاد وحدات بديله للقوات المسلحة المصرية العائدة؛ وإستقر الرأي علي نقل البلك الخامس جي، الذي يتكون جنوده من قبليتي “الهبانية والجعليين” إلى مدينة ودمدني، وعسكر في الجانب الشرقي منها.
في المكان الذي يطلق عليه الآن (دردق) وسمي البلوك الخامس (جبل طرة) نسبة للتسمية القديمة التي تطلق علي الهجانة إدبان وجوده في مصر عام 1901م.
أمرت رئاسه الهجانة بقية البلوكات بالتوجه الي كردفان، وبالفعل توجهت رئاسة الهجانة إلى كردفان مارة ببئر سوار، ودميرة واستقرت بمدينة “بارا”
وقع الأختيار على مديرية كردفان نسبة للنجاج الذي حققته الهجانة التي صاحبت الكولونيل “ماهون” في الحملة علي كردفان فضلاً عن أنها تتمتع باستراتيجية بالغة لتوسطها السودان، وسهولة التحرك منها وإليها، وإضافة الي وجود المراعي ووفرة المياه، الكلأ بصورة لا تتوفر في شمبات التي كانت الحكومة تعاني فيها من توفير العلف للأعداد الهائلة من الحيوانات، كذلك لإلمام الكردفانيين بشئون “الهجن” الجمال ومهارتهم في عنايتهم وحسن استعمالها وتعلقهم بها.
وتم إستكمال البلوك الثالث وكانت مواصلاته من الخيل والبقال وسمي بلوك البيادة الراكبة؛ ثم تم تجنيد البلوك الرابع من أبناء قبائل كردفان العربية وهم من راكبي الجمال. لذلك سميت هذه الفرقة بالعرب الغربية “هجانة”
*وفي عام 1902م عملت رئاسة الهجانة علي تجنيد البلوك الأول الذي كان جميع جنوده من قبائل البقارة، وكان يعسكر في غرب مدينة بارا ثم أعقبة البلوك الثاني هجانة وكانت مباني معسكره شبيهة بمباني مستشفي بارا الحالي.
في عام 1906م تحركت الرئاسة الي الأبيض، مخلفة وراها البلوك الأول والثاني وعسكرت بالأبيض وكانت مكاتبها في الكنيسة الإنجليزية حالياً.
وفي هذه الفترة بدأت الهجانة في تجنيد عساكر جدد من ابناء الجبال.
■ وعندما لاح فجر الاستقلال، تقلد أول سوداني منصب قائد ثاني الهجانة، المرحوم “مأمون المرضي” الذي كان برتبه الملازم، ثاني ثم رفع إلى رتبة الملازم أول، ونقل منها وعاد إليها برتبة البكباشي (قمندان بلوك) وترقى بعدها إلى القائم مقام “عقيد” فأميرلاي “عميد” وأصبح بذلك أول سوداني أنيط به قيادة زمام الهجانة، منذ تأسيسها تحت القيادة الأجنبية.
وفي العام 1980م إنتقلت الحامية من مباني الكنيسة الي مبناها الحالي في نفس العام.
● شاركت الهجانة داخلياً في معركة تلودي الشهيرة بـ (أبي رفاس) في موقعة “البنما دار جول”.
● وفي عام 1910م إشتركت في موقعة “تقلي جنوب كردفان.
●ساهمت تحت القيادة الاستعمارية؛ في وضع الحدود بين السودان،واثيوبيا، وكينيا، ويوغندا وزائير “الكنغو البجليكي سابقاً” وافريقيا الوسطي، “السودان الإفريقي”.
وفي نفس العام إشتركت في موقعة “المك القديل” وإشتركت عام 1914م في موقعة جبل المندل والصبي، وفي عام 1915م قمعت ثورة “الفكي علي الميراوي”.
● وأشتركت في الحرب الإيطالية الحبشية في منطقة أم بريقع في جبال البحر الأحمر عام 1939م.
●عند إندلاع الحرب العالمية الثانية وإحتلال الطليان لكسلا اشتركت في فك الحصار تحت القيادة البريطانية، بواسطة بلوك 2 جي و 4 جي أتومبيلات مدافع الماكينة والبلوكين 5 جي و 6 جي ، وفي عام 1940م بعد إسترداد مدينة كسلا توغلت الهجانة تحت القيادة البريطانية، داخل اريتريا ضمن :قوات الحلفاء” مارة بحدود قندار
● في أوائل عام 1955م وعلى عتبة الاستقلال، أندلعت شرارة تمرد جنوب السودان في “حامية الأستوائية” بالجنوب قام بلوك 5 جي من أمدرمان الى جوبا وفي 11 اغسطس قام بلوك 1 جي، وكانت أول قوات تصل جوبا وتسيطر على الموقع.
وفي عام 1960م بعد الاستقلال الوطني، إشتركت الأورطه الثانية ضمن قوات الامم المتحدة بالكنغو وقي عام 1962م ساهمت قوة من نفس الأورطه ضمن أمن جامعة الدول العربية إبان أزمة الكويت.
نلاحظ ان الجيش السوداني، “كمليشيا” جندرمة إستعمارية الرحم، والظهر، والكنف، كانت على الدوام أداة طيعة في قمع شعبها، بحكم قالبها الصانع.
مسألة “الجيش” مؤسسة ووطنية، وبتدافع عن الشعب والوطن، ولذلك يفترض الوقوف مع “جيش” البلد؛ و طرح ذلك السؤال اللزج، الذي يكرره كيزان الاعلام المدجن والمؤدلج سودانيين، و عرب اجانب، من ابناء التنطيم العالمي، الذي لا يؤمن منتسبيه بالدولة الوطنية؛ “يعني انت بتساوي بين الجيش، والمليشا؟.
قاصداً “قوات الدعم السريع” “دا حنك بيش زي ما، بقولوا الشباب”. و يضيفون الجيش حافظ بيضة الوطنية وحامي الوطنية، إذا إنتهى يعني البلد انتهت.
فالسردية دي، أو الخطاب دا معطوب، لأنو الدولة نفسها “معاقة” البمثل الجيش أحد عناصرها.
وللحيقية هل هذه الدولة السودانية، دولة وطنية؟
الاجابة بكل بساطة لا؛ بل هذه الدولة، دولة “كولونيالية” من طراز ممتاز، والجيش من أكثر عناصر هذه الدولة، “إستعماري العقيدة توارثها ضباطه كابر عن كابر” – لأنه تخلق في رحم الاستعمار، وترعرع على كنفه.
وبدأ تكوين، واعداد هذا الجيش منذ العام 1820 دخول محمد علي باشا إلى السودان؛ على يد الحكم التركي المصري، بدأ بإعداد “الباشبوزق.
بدخول محمد علي باشا للسودان، والذي كان، أصلاً كما درسنا منذ المرحلة الابتدائية، لعدة اسباب أهما: الحصول على الذهب، لتقوية إقتصاده المنهار؛ وتجنيد الرجال السود الاقوياء، لبناء امبراطوريته الجديد المرتجاة.
والدليل على ذلك، مشاركة هذا “الجيش” في المكسيك وضد تطلعات شعبه، تحت قيادة الحكم التركي المصري، وضد إرادة شعبه، المتطلع لبناء الجمهورية، وكُرِّم في “باريس”ومنح النياشين، والاوسمة، والانواط؛ قبل عودته إلى السودان غازياً بلاده تحت إمرة الانجليز.
لذلك هذا “الجيش” أكبر مليشيا، استعمارية مجرمة، بحرفية الكلمة ومعنى المصطلح، وفق مسار التكوين، وحجر اساس التأسيسها.
كانت قوة هذا الجيش في العهد التركي المصري في الخرطوم تحت قيادة غردون باشا، يقدر بعدد “5” اورطات 3 منها تتكون من “سودانيين” (الاورطة كلمة تركية عثمانية: تعني كتيبة).
عادت إلى مصر بعد انتصار الثورة المهدية؛ وشاركت 6 كتائب منها مع كتشنر باشا، قائد حملة إعادة استعمار السودان التي انطلقت في العام 1896.
وهي التي خرجت من رحمها قوة دفاع السودان 1925بقيادة “هيدلستون” باشا ومن رحمها خرجت ذرية جيش السودان الحالي ابو مليشيات السودان.

