الخميس, ديسمبر 26, 2024
الرئيسيةمقالاتالعلاقات السودانية المصرية بمقر الحزب العربي الديمقراطي الناصري (٨) .

العلاقات السودانية المصرية بمقر الحزب العربي الديمقراطي الناصري (٨) .

العلاقات السودانية المصرية بمقر الحزب العربي الديمقراطي الناصري (٨) .

بقلم الصادق علي حسن

الديمقراطي الناصري (٨) .

حصاد مشروع الإسلام السياسي في السودان :

ظاهرة حركة الإسلام السياسي السوداني عقب استلائها على السلطة في السودان في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م ربطت وجودها بوجود الدولة ونشطت في زعزعة استقرار الدول الأفريقية وتصدير الأعمال والأنشطة المسلحة والإرهابية تحت غطاء الدعوة الإسلامية ورعاية الجهاد الإسلامي وفي تصريحات موثقة للدكتور حسن الترابي سخر فيها من الغرب ووصفه بالسطحي في سبر غور أفريقيا ونظام حكمه بالسودان وقال مباهيا بنظامه في السودان (حينما كان الغرب الغبي يحاول سبر غور كنه نظام الإنقاذ في السودان كان نظام الإنقاذ يقوم بأحداث التغيير في أنظمة بعدة دول بأفريقيا ولا يدري الغرب الغافل). إن الباحث المنقب يجد أن نظام الإنقاذ ساهم في تغيير نظام الحكم في تشاد ووصول إدريس دبي إلى السلطة ودعم الثوار في أثيوبيا وارتيريا التي انفصلت عن إثيوبيا في أبريل ١٩٩٣م بعد انتصار جبهات التحرر ولم يكن ذلك الدعم إنطلاقا من توجه لدعم حركات وجبهات التحرر الوطنية بل من منظور مشروعها في التمدد السياسي في أفريقيا وقد ساهمت حركة الإسلام السياسي في زعزعة الاستقرار بدولة أفريقيا الوسطى وشاركت في محاولات التغيير عدة مرات منها في عام ٢٠١٣م نظام (حركة سيليكا) والذي لم يستمر طويلا وكان لأحد منسوبي التنظيم من ولاية جنوب دارفور ممن شغلوا وظائف رفيعة في الدولة الدور الفاعل في التغيير الذي تحول بعد ذلك إلى مجازر بشرية بين المسلمين والمسيحيين حتى تم إجبار قائد التغيير في أفريقيا الوسطى على التنحي ومغادرة البلاد ،في الصومال وصل طلاب الشريعة الإسلامية الذين تخرجوا في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم إلى السلطة المتنازع عليها في الدولة التي لم تستقر حتى الآن، وقد حدث التغيير في دول أخرى بأفريقيا وكانت الخرطوم قبلة للحركات الجهادية والشيوخ والقادة والرموز والشخصيات العالمية المناوئة للغرب وأستضافت الخرطوم الشيخ أسامة بن لادن والشيخ عمر عبد الرحمن والفنزويلي المطلوب دوليا كارلوس وصار نظام الإنقاذ في السودان الشغل الشاغل للعالم المهتم بأفريقيا وحركات الجماعات الإسلامية الجهادية .
بعد تجربة حكم فاشلة أمتدت لثلاثين عاما يحصد السودان الآن نتائج فشل ظاهرة حركة الإسلام السياسي في السودان كما ولا زالت قيادة الحركة المذكورة وقد ربطت مصيرها بالدولة والسلطة طامحة في العودة إلى السلطة مرة أخري وبأي طريقة أو وسيلة حتى ولو تحولت الدولة إلى أشلاء وقد وضعت نواة تقسيم وتجزئة الدولة وتصدير النماذج للدول المتاخمة للصحرى الكبرى والحزام الأفريقي الممتد من بوركينا فاسو وصولا إلى جيبوتي .

بدو الصحرى في معادلة نظام حركة الإسلام السياسي :

بدو الصحرى الكبرى ودول الحزام الأفريقي ظلوا يعانون من الإهمال وغالبيتهم لم تشملهم خطط التوطن والتنمية والخدمات الصحية والعلاجية والتعليم وظلوا يعتمدون في الحياة على التنقل، لقد كان من وسائل نظام حزب المؤتمر الوطني بالسودان توظيف هؤلاء البدو واستغلالهم في مشروعات تغيير الأنظمة السياسية في دول حزام الغرب الأفريقي وفي توطيد حكم نظامه بالسودان ،ولم يكن لنظام حزب المؤتمر الوطني بالسودان منذ نشأته سقوفات مبدئية وفي سبيل تحقيق أهدافه يفعل أي شيء . في عام ١٩٩٤م تم تسليم الفنزويلي كارلوس إلى فرنسا بعد أن تم تقييده وتخديره وكان التبرير من مسؤول نافذ بالحركة والدولة وقتذاك لوسائل الإعلام العالمية أنهم استضافوا كارلوس بأعتباره مناضلا داعما للقضية الفلسطينية وفي الخرطوم وجدوه يعاقر الخمر بشراهة وزير للنساء فسلموه لفرنسا غير مأسوف عليه، وكأن لم يكن نظام الإسلام السياسي هو الذي دعاه وبذل له الوعود والترغيب للحضور إلى السودان والإقامة فيه ، كما وبحسب الأمير تركي بن فيصل رئيس الاستخبارات بالمملكة السعودية السابق لقناة العربية وقنوات أخرى في ٢٠١٩م (أبحث فى الجوجل) فإن الرئيس السوداني عمر البشير عرض على العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز في عام ١٩٩٥م تسليم بن لادن بشرط عدم محاكمته ولم تقبل السعودية الشرط ،وبحسب بن لادن نفسه فإنه أتضح له انه لم يُسلم وقتذاك للسعودية ليس بسبب الشرط السعودي بل لأنه لم يكن مطلوبا لأمريكا وتجنبت السعودية إستلامه، وكان يمكن للسعودية إذا كانت راغبة في محاكمته وقتذاك للقبول بعرض البشير بإستلامه بالشرط ولفعلت ما شاءت دون الإكتراث للشرط ،كما ذكر أنه بعد استقراره بافغانستان ورغبت السعودية بالفعل في إستلامه، أرسل العاهل السعودي عبد الله إلى الملا عمر طالبا منه تسليم بن لادن ولكن الملا عمر رفض كما ورفض طلبا لأمريكا وكانت النتيجة الحرب عليه، لقد وصف بن لادن بعد وصوله إلى أفغانستان الحركة الإسلامية بالسودان انه مزيجا من الجريمة المنظمة بالشعارات الدينية ولا يوجد هنالك مشروع لحركة إسلامية حقيقية بالسودان كما وصف كارلوس قادة الحركة الإسلامية بالسودان بالثعالبة بعد تسليمه لفرنسا وأنهم بأعوه .
إن محاولة اغتيال الرئيس المصري في عام ١٩٩٥م بأديس أبابا من الدلائل التي تؤكد أقوال أسامة بن لادن بأن حركة الأسلام السياسي في السودان شكلا من أشكال الجريمة المنظمة التي تستغفل العوام بالشعارات الدينية وليست لديها سقوفات أخلاقية .

مستقبل العلاقات السودانية المصرية .

في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها الدولة السودانية صارت الدولة السودانية ساحة مستباحة، وتحتاج مصر لشراكة حقيقية مع الدولة السودانية والشعب السوداني وليس بمخاطبة الأزمات بعقلية المزايدة الرعناء لمنسوبي حركة الإسلام وإلى تبني مشروعات التنمية بدول أفريقيا خاصة دول حوض النيل وأن تحول حالة الإستقطاب وعدم الثقة بين دول حوض النيل ومجموعة اتفاقية عنتيبي إلى تمتين العلاقات الاقتصادية والاجتماعية .

الدبلوماسية الرشيدة :

مصر في حاجة إلى شراكة دبلوماسية مستقرة مع السودان تخدم وتحافظ على المصالح الحيوية الأزلية للبلدين وليست الدبلوماسية الرعناء التي عبر عنها وزير خارجية السودان الحالي والذي بمجرد ما تعيينه في منصب وزير الخارجية ذكر بأن رؤيته الشخصية أن تمنح بلاده قواعد عسكرية لكل دولة راغبة فيها بالمقابل واستشهد بوجود خمس قواعد عسكرية لعدة بلدان في دولة جيبوتي ،والأخطر من ذلك تحدث عن خيار الحرب ،هذا الخيار الذي لم تتحدث عنه الدبلوماسية المصرية على وظلت الدبلوماسية المصرية تتحدث عن حقها في الدفاع عن مصالحها الحيوية إذا تأثرت ولكن الوزير السوداني يتحدث عن خيار الحرب ، لقد كان يمكن للسودان أن يلعب دور الدبلوماسية المرنة التي تحافظ على مصالح الدولتين وليست الدبلوماسية الرعناء التي عزلت السودان من التأثير الإيجابي على مجموعة إتفاقية عنتيبي.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات