الثلاثاء, سبتمبر 16, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةبين الأمل الشعبي والرهان الدولي.. بيان الرباعية هل يترجم إلي أفق سياسي...

بين الأمل الشعبي والرهان الدولي.. بيان الرباعية هل يترجم إلي أفق سياسي ؟

بين الأمل الشعبي والرهان الدولي.. بيان الرباعية هل يترجم إلي أفق سياسي ؟

“كتب: حسين سعد
لم يكن البيان الأخير الصادر عن مجموعة الرباعية (أمريكا ، مصر، السعودية، والإمارات) بشأن وقف الحرب في السودان مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل تحوّل إلى حدث سياسي لافت أثار ردود فعل مرحّبة على نطاق واسع داخليًا وخارجيًا، هذا الترحيب الكبير يعكس تداخل عدة عوامل ترتبط بالمسار السياسي المتعثر، والتدهور الإنساني الكارثي، وتطلع القوى المدنية والشعبية إلى أي بادرة أمل تعيد ملف السلام إلى الطاولة، بعض القوي السياسية والمجموعات المدنية وصفت البيان بأنه خارطة طريق واقعية للخروج من دوامة الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023. كما نالت المبادرة تأييداً من تكتلات إقليمية مؤثرة، في وقت تتزايد فيه الدعوات لإنهاء النزاع الذي خلّف آثاراً إنسانية كارثية، وبدورها أعلنت مجموعة نداء السلام في السودان ترحيبها بالبيان المشترك حول إستعادة السلام والأمن في السودان ، وقالت نداء السلام في السودان في بيان لها اطلعت عليه مدنية نيوز اليوم إنها تقف صفًا واحدًا في هذه اللحظة التاريخية. ونؤكد التزامنا المشترك بإنهاء الحرب وتعزيز السلام العادل والشامل، وكرر البيان نُرحب بالدور المحوري لشركائنا الإقليميين والدوليين في تهيئة الظروف لنجاح عملية السلام في السودان، ويظل دوركم حيويًا، إذ يُمكن أن يُسهم تأثيركم في تهيئة البيئة اللازمة لترسيخ هذه العملية ونجاحها.
وقال البيان :ندعم تمامًا دعوة البيان الختامي إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، ووقف دائم لإطلاق النار، ومرحلة انتقالية مدتها تسعة أشهر إلى حكومة مدنية شاملة، تُدار من خلال عملية جدة وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين، وطالبا البيان بأن تُشكل هذه الخطوات جزءًا من خارطة طريق شاملة تجمع بين المفاوضات السياسية والحوار الجاد في جميع أنحاء المجتمع السوداني، وتطال المجتمعات المحلية، وتعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان المتكررة – الحرمان من المواطنة المتساوية، والتنازع على الهوية الوطنية، ودورات التهميش والإقصاء، في الوقت نفسه، لا يمكننا تجاهل التكلفة البشرية الباهظة: فما بدأ كمواجهة بين الجماعات المسلحة تحول إلى حرب مدمرة ضد الشعب السوداني، تُدمر الأرواح، وتُشرد المجتمعات، وتُمزق نسيج الأمة.
السياق العام للبيان:
صدر البيان في ظل حالة انسداد سياسي وأمني غير مسبوق، حيث لم تفلح كل المبادرات الإقليمية والدولية السابقة في إحداث اختراق ملموس. الحرب الممتدة منذ أكثر من عام ونصف أرهقت المجتمع السوداني ودفعت الملايين إلى النزوح واللجوء، وخلقت أكبر أزمة إنسانية في المنطقة. في هذا السياق، جاء البيان حاملاً إشارات واضحة إلى أن الرباعية ما زالت تحتفظ بموقعها كأحد اللاعبين الأساسيين القادرين على التأثير في مسار الأزمة.
دوافع الترحيب الواسع:
القوى المدنية والمجتمع السوداني بدا في حالة بحث عن أي مبادرة تُخرج الوضع من دائرة العنف، فكان البيان بمثابة (جرس إنذار إيجابي) يعيد التذكير بأن الملف لم يُترك للنسيان، بعكس مبادرات سابقة اتسمت بالضبابية، جاء البيان بلهجة أكثر وضوحًا من حيث المطالبة بوقف القتال والدفع نحو تسوية سياسية، كما يعكس ترحيب المنظمات الحقوقية والإغاثية بالبيان يعكس إدراكها أن الضغط الدولي المتماسك قد يشكل فرصة لإيصال المساعدات وفتح الممرات الإنسانية.
تباين المواقف الداخلية
اللافت أن الترحيب لم يقتصر على القوى المدنية أو المنظمات، بل شمل أيضًا أصواتًا من داخل الأجسام السياسية والاقليمية، وإن بدرجات متفاوتة:
القوى المدنية رأت في البيان انتصارًا لخطابها الداعي لوقف الحرب باعتباره المدخل لأي عملية سياسية.

الوساطات الإقليمية مثل الاتحاد الافريقي ومبادرة جدة أو جهود “إيقاد” تعاملت مع البيان كرافعة جديدة قد تمنحها زخمًا مفقودًا.

الدلالات السياسية للترحيب
إعادة تموضع الرباعية: الترحيب الواسع أعطى مؤشرًا بأن الفاعلين المحليين ما زالوا ينظرون للرباعية كمرجعية قادرة على التأثير، رغم الانتقادات السابقة حول انحيازات أو ضعف المتابعة.
شرعية جديدة للضغط الدولي: أضفى الترحيب نوعًا من الشرعية الشعبية والسياسية على أي خطوات لاحقة للرباعية في اتجاه فرض ضغوط على أطراف الحرب.
كشف محدودية البدائل: الترحيب أظهر أيضًا أن الخيارات الإقليمية الأخرى، سواء من بعض دول الجوار أو من الاتحاد الأفريقي، لم تعد تحظى بالثقة الكافية مقارنة بالرباعية.
التحديات أمام البيان
رغم الترحيب اللافت، إلا أن البيان يواجه اختبار التحول من الرمزية إلى الفعل:
هل تملك الرباعية أدوات الضغط الكافية لدفع الأطراف نحو طاولة التفاوض؟
كيف ستتعامل مع التشابك بين مصالح القوى الإقليمية والدولية الأخرى المتداخلة في الصراع؟
هل يمكن أن تُترجم هذه الإرادة الدولية إلى خطة إنسانية عاجلة تعيد فتح الممرات وتخفف من معاناة ملايين النازحين؟

بين الأمل والحذر:
الترحيب الواسع ببيان الرباعية يعكس حالة تعطش عامة لأي ضوء في نفق الحرب المظلم، لكنه في الوقت نفسه يكشف حجم التعقيد الذي يحيط بالأزمة السودانية. فالمجتمع السوداني يدرك أن البيانات وحدها لا تُنهي الحروب، لكنه يرى فيها إشارات مهمة يمكن البناء عليها إذا ترافقت مع إرادة سياسية دولية وإقليمية جادة، ومع استعداد داخلي للانخراط في مسار تفاوضي شامل، إنها لحظة مفصلية تتأرجح بين الأمل والحذر، وقد يحدد كيفية استثمارها مستقبل الحرب والسلام في السودان.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات