حرب السودان.. تحرير أم إبادة باسم التنظيمات الإسلامية؟
تقرير:السودانية نيوز
مع استمرار الحرب في السودان واقترابها من العام الثاني.. بدأ جلياً حجم الدمار الهائل والانتهاكات الواسعة التي عاش جحيمها المدنيون.. وخلال هذا الأسبوع أعلن الجيش السوداني “فك الحصار” الذي كانت تفرضه “قوات الدعم السريع” منذ أكثر من عام ونصف العام، على مقر القيادة العامة، بالإضافة إلى استعادة السيطرة على مصفاة الجيلي للبترول، كما سبقها بالإعلان عن تحرير مدينة ود مدني وسط البلاد، وبالتزامن مع ذلك بدأت تطفو على سطح الأحداث الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها المليشيات المتحالفة مع الجيش..
مليشيات الإخوان
من أبرز المليشيات التي استعان بها الجيش ما يسمى بلواء البراء بن مالك، وهي كتيبة إسلامية مسلحة من الشباب الذين كان يستخدمهم النظام السابق، ويعود انخراط الحركات الإسلامية في الجيش إلى مطلع التسعينيات، وكثيراً ما تم عزل المعارضين المشتبه بهم أو إعدامهم، وتعرف هذه الكيانات أيضاً باسم كتائب الظل..
معركة تحرير الخرطوم ..
في أحدث مقاطع مصورة تداولها ناشطون جرت اعدامات ميدانية نفذتها قوات مايسمى (العمل الخاص) في مدينة الجيلي شمال الخرطوم ، حيث يتم اعتقال المواطنين على حسب الهوية العرقية واتهامهم بالتعاون مع الدعم السريع ..
ويتم تنفيذ هذه الاعدامات في الشوارع وسط حضور وتصفيق المواطنين ويتم تصويرها ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة الخوف والذعر بين المواطنين .. ومعظم ضحايا هذا النوع من الجرائم تتم الوشاية بهم بسبب خلافات قديمة، أو ينتمون إلى قوى الثورة التي شاركت في إسقاط نظام البشير .. وتتمتع هذه القوات بحصانة وبحماية الجيش نفسه لكونها تنتمى للإسلاميين الذين دربوا عناصرها لحماية النظام السابق..
أحداث ود مدني
مع دخول الجيش إلى مدينة ود مدني أظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون إلقاء أفراد من كتيبة البراء، أحد الشباب من أعلى جسور المدينة، وإطلاق الرصاص عليه قبل وصوله إلى مياه النهر، وتصفيه شاب آخر بعد أن أحاط به أفراد مسلحون وسط الدماء التي تسيل من وجهه ليتهموه بالتعاون مع الدعم السريع، كما بين مقاطع أخرى اقتحام مجموعة من أفراد الكتائب الإسلامية منزل سيدة أربعينية تدعى “مريومة”، وجرى تعنيفها وضربها ومن ثم أفادت أسرتها بإخفائها قسريا.
تصفيات جماعية
لم تتوقف انتهاكات ولاية الجزيرة عند الجرائم الموجهة ضد الأفراد بل امتدت لجرائم جماعية بتصفية ما يسمى بسكان “الكنابي” وهم أقليات تعمل في مشروع الجزيرة الزراعي، استوطنوا في الولاية منذ سنوات.. فيما طالت التصفيات مواطنين من دولة جنوب السودان لتتسارع وتيرة الاحتجاجات الرسمية والشعبية المنددة بهذه الجرائم في البلد الجار الذي انفصل عن السودان في العام 2011، وهو ما دعا منظمات حقوق الإنسان لتوجيه التهمة مباشرة إلى الجيش، الذي سارع قائده البرهان لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لامتصاص غضب الشارع السوداني، ودفع الاتهامات التي ساقتها المنظمات الحقوقية..
عقوبات دولية
بالتزامن مع الأحداث المتسارعة في حرب السودان أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بسبب اختيار الحرب على المفاوضات لإنهاء الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من السودانيين، ودفع الملايين إلى النزوح من ديارهم..
الجنائية الدولية
تحركات دولية أخرى للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمام مجلس الأمن الدولي، بشأن جرائم الحرب في دافور الممتدة منذ نظام الإسلاميين مطلع التسعينيات، مبيناً أن جيلاً جديداً من السودانيين سيعاني من الجحيم نفسه الذي عاشه سكان دارفور خلال الحرب الأهلية، وأكد خان أن المحكمة لم تتمكن من تنفيذ أوامر الاعتقال بحق العديد من الأشخاص المتهمين بارتكاب تلك الجرائم، ومن بينهم الرئيس السابق عمر البشير، وأحمد هارون، الوزير السابق المطلوب منذ العام 2007 بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مشيراً إلى أنه أبلغ الحكومة السودانية بذلك.
تساؤلات السودانيين
ويتساءل السودانيون حول مصيرهم وإلى أين تمضي الحرب في بلادهم مع تجدد الانتهاكات وازدياد جرائم الحرب المروّعة؟؟ وهل هي حرب تحرير أم إبادة يمارسها النظام السابق بحقه عقاباً على ثورة ديسمبر 2018 التي أنهت ديكتاتورية السنوات الثلاثين.