تقرير: السودانية نيوز
تعيش الطفولة في السودان واحدة من أسوأ فصولها، في ظل حرب مدمّرة وحالة انهيار اقتصادي وإنساني غير مسبوقة، انعكست بشكل مباشر وقاسٍ على حياة الأطفال وصحتهم ومستقبلهم. فمع استمرار النزاع المسلح وتفاقم الأوضاع المعيشية، أصبح الأطفال من أكثر الفئات تضررًا، حيث حُرم كثيرون منهم من أبسط حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها الغذاء والرعاية الصحية.
اللبن… حلم بعيد المنال
من أبرز مظاهر الأزمة، ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها اللبن، الذي يُعد عنصرًا رئيسيًا في تغذية الأطفال. فقد وصل سعر رطل اللبن إلى نحو 2000 جنيه سوداني، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر، ما أجبر الكثيرين على حرمان أطفالهم منه بشكل شبه كامل.
وتداول ناشطون صورة لطفل صغير في مدينة أم درمان أثارت مشاعر واسعة، حيث ظهر الطفل وهو يفاجئ عريسًا وعروسًا أثناء مراسم «الجرتق» ويشرب من إناء اللبن المخصص للاحتفال، في مشهد لخص حجم الحرمان الذي يعيشه الأطفال، وأصبح رمزًا لمعاناة الطفولة في زمن الحرب.
أجساد نحيلة وأمراض تتفشى
يؤكد مواطنون في أم درمان أن الأطفال باتوا يعانون من النحافة الشديدة وضعف البنية الجسدية، نتيجة سوء التغذية ونقص الفيتامينات. وقال أحد السكان إن «أجسام الأطفال أصبحت هزيلة ولا قوة لهم، وعدد كبير منهم يعاني من نقص حاد في الفيتامينات والمعادن».
وأشار إلى أن بعض الأطفال بدأت تظهر عليهم أعراض أمراض خطيرة، من بينها شلل الأطفال وأمراض مرتبطة بسوء التغذية، في ظل غياب الرعاية الصحية وانعدام الأدوية واللقاحات.

معاناة الأسر وغياب الدعم
تعيش الأسر السودانية صراعًا يوميًا من أجل توفير لقمة العيش، حيث قال أحد الآباء: «فقدنا كل شيء، ولا نستطيع شراء احتياجات الأطفال الأساسية مثل اللبن والغذاء». وأضاف أن المنظمات الإنسانية التي كانت تقدم مساعدات غذائية، بما في ذلك الألبان، توقفت عن العمل في عدد من المناطق.
وأرجع ذلك إلى القيود المفروضة على وصول المساعدات، مشيرًا إلى أن حكومة بورتسودان ترفض في كثير من الأحيان إدخال الإغاثة الإنسانية، ما فاقم من معاناة الأطفال والأسر.
نهب المساعدات وبيعها في الأسواق
في السياق ذاته، تحدث مواطنون عن قيام بعض الجهات بسرقة المساعدات الغذائية، خاصة الألبان المخصصة للأطفال، وطرحها في الأسواق بأسعار باهظة، لا يستطيع المواطن البسيط تحملها، ما حوّل الإغاثة الإنسانية إلى سلعة تجارية على حساب صحة وحياة الأطفال.
طفولة على حافة الضياع
إن ما يعيشه أطفال السودان اليوم لا يهدد حاضرهم فحسب، بل ينذر بكارثة طويلة الأمد تمس مستقبل البلاد بأكمله. فجيل يُحرم من الغذاء والعلاج والتعليم، هو جيل مهدد بالإعاقة والمرض والضياع. ويجمع مراقبون وناشطون على أن وقف الحرب فورًا، وفتح المسارات الإنسانية دون قيود، وضمان وصول الغذاء والدواء للأطفال، باتت خطوات عاجلة لا تحتمل التأجيل، لإنقاذ ما تبقى من طفولة السودان قبل فوات الأوان

