مع نساء السودان في عيدهن يجب وقف الحرب وتحقيق العدالة
بقلم.. حسين سعد
إحتفل العالم يوم السبت الموافق الثامن من مارس الحالي باليوم العالمي للمرأة، تخليداً لنضالاتها وجسارتها وعطائها ،تقديراً لكفاحها اليومي والدوؤب، بلا حدود من أجل تأمين العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة للناس كل الناس ،وفي مدن وقري وفرقان السودان جاءت هذه المناسبة العظيمة وبلادنا مثخنة بحرب 15 أبريل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع حيث سددت النساء السودانيات فاتورة باهظة الثمن لهذه الحرب الكارثية تمثلت في القتل والاغتصاب،والعنف الجنسي، والتشريد والنزوح الجماعي والقسري للقري والمدن كما حدث في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنجة وغيرها من الولايات التي تاثرت بالحرب التي إمتدت تداعياتها لتشمل غياب تام للخدمات الصحية والتعليمية وتفشي العطالة والفقر وإنتشار للسلاح وغياب الامن، ومعاملة الملايين من النساء كمواطنين من الدرجة الثانية، حيث إنهن عديمات الحقوق، فضلاً عن تعرضهن الى أشكال مختلفة من التمييز الصارخ الذي تندى له جبين الإنسانية،ولا يتقاضن الأجور سواء التي تكفل معيشتهن وتأمين حياة اسرهن، او تضاهي ما يتقاضاه الرجل، وتتنصل الدولة عن القيام بمسؤوليتها تجاه الأطفال من حيث توفير دور الحضانة ورياض الاطفال مما يثقل كاهل المرأة ، وتفرض عبودية العمل المنزلي عليهن، ويتعرضن للاغتصاب جراء الحروب ، وتفشي العنف المنزلي ، فضلاً على ذلك ، فرض القوانين التي تقوض من مكانتها وتسلبها حق الاختيار في نمط الحياة ونوع العمل والشريك وتمتعها بحرية التنقل والسكن وحضانة الأطفال، كما سنت عشرات القوانيين المناهضة للمرأة مثل النظام العام والاحوال الشخصية، وسلب حضانة الأطفال من المرأة وشيوع زواج الطفلات ،مشكلات عديدة وعصية إستحكمت حلقاتها علي النساء السودانيات وأحالت حياة الناس إلي جحيم،وبحسب تقارير لمنظمات عالمية فهنالك أكثر من 10 مليون نازح بسبب الحرب منهم نحو (90%) نساء وأطفال،وهنالك أكثر من 5 مليون سيدة وطفلة تواجه خطر الاعتداءات الجنسية، وهناك تقارير مقلقة عن وجود أسواق لبيع النساء في السودان. وفي مواكب ومظاهرات ثورة ديسمبر المجيدة كانت المراة السودانية في مقدمة الصفوف والمواكب ،وعندما جاءت حكومة الثورة تم تهميشهن وإستبعادهن من مراكز صنع القرار في الحكومة الانتقالية وذلك بالرغم من مساهماتهن وتضحياتهن النبيلة حيث تم وعدهن بتخصيص نسبة 40% للتمثيل النسائي لتلبية تطلعات النساء السودانيات لكن ذلك الوعد لم يحقق، والنسب التي نالتها النساء كانت أقل مما وعدن به، مما يعكس إخفاقاً في تلبية تطلعات النساء السودانيات والاعتراف بدورهن الحيوي في المجتمع والعملية السياسية، ونري ان الخلاص من ذلك الكابوس ، بوقف الحرب وتحقيق العدالة والانصاف هو تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء والابتعاد من نهج الحكم الحالي القائم علي المحاصصات القبلية والمحسوبية وتغيير شامل في منهجية إتفاقيات السلام التي لم تحقق لبلادنا سوي المزيد من الحروب وتمدد خطاب الكراهية والعنصرية التي حلت مكان المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ، وعندما يبداء الحراك في عمليات السلام كما حدث في فترات سابقة يتم إقصاؤهن في الوقت نفسه من المشاركة في العملية السياسية الرامية لوقف الحرب وتحقيق السلام ،وأحيانا نري مشاركة صورية لبعض النساء، فمن الدروس المستفادة العديدة من تجارب تحقيق السلام في السودان وحماية النساء هي ان بلادنا لديها تاريخ طويل من الإفلات من العقاب، كما إن عدم محاسبة مرتكبي الفظائع لا يشكل عائقًا أمام العدالة الانتقالية فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى استمرار دائرة العنف هذه، حيث صارت العديد من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي وقعت في إقليم دارفور منذ سنوات، تتكرر في الخرطوم والجزيرة ،وسنجة والنبيل الابيض ،وأماكن أخرى ، فالافتقار التام للعدالة يعكس فشل الدولة السودانية والمجتمع الدولي، ويرسل رسالة للضحايا مفادها أنهم لا يستحقون العدالة، وأن الجناة يمكنهم مواصلة أفعالهم دون خوف من العواقب، وفي اليوم العالمي للمرأة، نقول بأنه لا حرية للمجتمع دون تحرر المرأة، ولا معنى لاية معايير إنسانية ومتمدنة ومتحضرة دون تحقيق المساواة التامة للمرأة وتمتعها بجميع الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المساوية، وانهاء كل القوانين التي تمس مكانة المرأة وماهيتها وكرامتها الإنسانية،وفي ظل الحرب الحالية بالسودان ندعو المجتمع الدولي بوضع ملف النساء خلال هذه الحرب ضمن أولويات المفاوضات الجارية والمستقبلية، وضمان أنها تحظى بالحماية الكاملة وأن أطراف النزاع لا يعتبرون النساء واحدة من ساحات الحرب…