أغرد خارج السرب: التحديات السياسية والنظرة العنصرية في السودان
وصال بله
في قلب القارة الإفريقية يتجلى تاريخ السودان كواحد من أكثر القصص السياسية تعقيدًا لقد عانى من سلسلة من الأنظمة السياسية التي جلبت معها تقلبات عميقة وأثرت على الهوية الدينية و الثقافية والاجتماعية….. أغرد خارج السرب لأستعرض التحديات السياسية والتصنيفات العنصرية التي يعاني منها أبناء الهامش في السودان أملا نحو رؤية سودان جديد يتجاوز هذه القيود
منذ الاستقلال في عام 1956 شهد السودان تغييرات جوهرية في أنظمته السياسية
كانت الحكومات سواء كانت ديمقراطية أو ديكتاتورية تسيطر عليها نخبة محددة تعظم مكونات معينة على حساب أخرى
هذا التوجه خلق شعورًا بالدونية لدى العديد من المجتمعات، خاصة تلك التي تعتبر “هامشية” في الخطاب السياسي
تاريخيًا، كانت الأنظمة السياسية في السودان تتعامل مع المجتمع ككتلة واحدة متجاهلة التنوع الديني والثقافي والعرقي والجغرافي.
غالبًا ما تم تفضيل الشمال على باقي المناطق مما أدى إلى تفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية هذه النخبة التي تستند إلى استراتيجيات سياسية تعتمد على الهوية كانت تمارس سياسات تمييزية مما أثر على النسيج الاجتماعي للسودان
تتجلى النظرة العنصرية بشكل خاص في كيفية تعامل الإنسان السوداني الشمالي مع المجتمعات الأخرى وفي إدارة الدولة.
كثيرًا ما يُنظر إلى أبناء الهامش بنظرة دونية، حيث تُعتبر ثقافاتهم وتقاليدهم ولغاتهم أقل قيمة. هذا التصنيف لا يعكس فقط الجهل، بل هو نتاج عقود من الهيمنة السياسية والاجتماعية وتكريس الظلم السياسي وهي مشاركة جميع السودانيين في ادارة الدولة.
يعاني أبناء الهامش في السودان من التمييز الممنهج. على الرغم من أنهم يمثلون جزءًا كبيرًا من السكان، إلا أنهم غالبًا ما يُستبعدون من عمليات اتخاذ القرار
إنهم يتحملون عبء الفقر والحرمان من الحقوق الأساسية بينما تستمر النخبة في تعزيز مكانتها من خلال استغلال الموارد
إن النظرة العنصرية والعقيمة التي تكرست عبر الأنظمة الديكتاتورية يجب أن تكسر نحن بحاجة إلى سودان جديد يتقدم نحو المستقبل بكل مكوناته
يجب أن نتجاوز الأفكار القديمة التي كانت تقيدنا ونعمل على بناء مجتمع يحتفي بالتنوع ويعترف بحقوق الجميع
لقد استغلت الشعارات الدينية في السياسية لتبرير التمييز والهيمنة لكن يجب أن نعي أن الدين في جوهره يدعو إلى التسامح والتعايش لذا يجب تحطيم الأيدولوجيات الزائقة و يجب علي الدولة تكون علي مسافة وحدة من كل الأديان في البلد.
يجب أن نعيد التفكير في كيفية استخدام الدين في السياسة وأن نعمل على خلق بيئة تعترف بالتنوع الديني والثقافي والاجتماعي والجغرافي
لن نتمكن من بناء سودان جديد إلا من خلال الاعتراف بالاختلافات والاحتفاء بها المستقبل يتطلب منا أن نكون أكثر شجاعة في مواجهة العنصرية والتمييز وأن نعيد تشكيل هويتنا الوطنية لتكون أكثر شمولية نحن بحاجة إلى صوت جديد يجسد تطلعات جميع السودانيين من كل المناطق ومن كل الخلفيات
فبعد عقود من الحكم الاستبدادي باتت الحاجة ملحة لإعادة بناء مؤسسات سياسية تعمل لصالح جميع المواطنين وليس فقط لفائدة فئة معينة
يعتبر التحول الديمقراطي فرصة لإشراك جميع فئات المجتمع في صنع القرار فهو يعبر عن أصوات أبناء الهامش وعن تطلعاتهم مما يسهم في تصحيح الفجوات التاريخية التي أُسيء إليها
كما يعد التحول الديمقراطي منصة لتعزيز حقوق الإنسان وضمان حريات الأفراد ويساهم في خلق بيئة أكثر شمولية
في النهاية لا يمكن تحقيق سودان جديد إلا من خلال ديمقراطية حقيقية تحترم التنوع وتعمل على تعزيز الوحدة الوطنية
لن يكون التحول الديمقراطي مجرد تغيير في الأنظمة بل هو دعوة لكل السودانيين للمشاركة في بناء مستقبلهم لنغرد جميعًا خارج السرب ونعمل سويًا من أجل سودان جديد يتقدم نحو الديمقراطية حيث يُحتفى بالتنوع وتعزز حقوق الجميع.