التحالف السوداني للحقوق يدين عمليات الهدم القسري والتهجير العرقي في ولاية الجزيرة
متابعات: السودانية نيوز
أدان التحالف السوداني للحقوق بأشد العبارات عمليات الهدم القسري التي تستهدف المنازل والمتاجر في ولاية الجزيرة، والتي تنفذها السلطات الحكومية تحت ذريعة تطبيق القانون. وأشار التحالف إلى أن هذه الحملة، التي بدأت في 25 يونيو 2025، تكشف عن نمط مقلق من التطبيق الانتقائي والتمييز، حيث استهدفت عمليات الهدم بشكل رئيسي مجتمعات من كردفان ودارفور والنيل الأزرق، مما يعرضهم للتهجير القسري وفقدان مصادر الرزق.
وطالب التحالف بتعليق فوري لأوامر الهدم ووقف جميع عمليات الإخلاء القسري الجارية في ولاية الجزيرة، كما طالب بفتح تحقيق مستقل في ممارسات الاستهداف التمييزي. وأكد التحالف في بيان أن هذه الأفعال ترقى إلى مستوى الإخلاء والتهجير القسري وتنتهك التزامات السودان بموجب الدستور والمواثيق الدولية.
ودعا التحالف مفوضية الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمقررين الخاصين المعنيين في الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع مزيد من حالات التهجير وضمان الحماية الكاملة للأفراد والفئات المعرضة للخطر.
ورغم تقديم هذه الإجراءات باعتبارها جزءًا من خطة عامة للتخطيط العمراني تهدف إلى إزالة التشوهات و”السكن غير القانوني”، فإن تنفيذ القرار يكشف عن نمط مقلق من التطبيق الانتقائي والتمييز. فقد استهدفت عمليات الهدم، في المقام الأول، مجتمعات من كردفان ودارفور والنيل الأزرق، والتي تواجه اليوم تهجيرًا قسريًا، وفقدانًا لمصادر الرزق، وحالة من الهشاشة البالغة، في ظل وضع إنساني كارثي قائم بالفعل.
عقب استعادة الجيش السوداني السيطرة على ولاية الجزيرة مؤخرًا، تصاعدت بشكل مقلق خطابات الكراهية والتحريض من قبل جماعات محلية تصف نفسها بـ”السكان الأصليين” للمنطقة. وقد دعت هذه الجماعات علنًا إلى طرد الأشخاص القادمين من مناطق مهمشة تاريخيًا، متهمة إياهم زورًا بدعم قوات الدعم السريع. في هذا السياق، تبدو حملة الهدم وكأنها تخدم أجندة سياسية وعنصرية أكثر منها أهدافًا إدارية، ما يعمق من الإقصاء والتمييز والعقاب الجماعي.
ورغم أن الأمر الرسمي يشمل جميع السكان، إلا أن تطبيقه الانتقائي استهدف بشكل غير متناسب الأحياء التي تقطنها هذه المجتمعات، في حين تم استثناء أحياء أخرى تتمتع بوضع قانوني مماثل. وقد ظلت العديد من الأحياء المتأثرة قائمة لعقود بموافقة الدولة، واستفادت من بنى تحتية معتمدة حكومياً، تشمل مدارس ومساجد ومراكز صحية، وهو ما يمثل اعترافاً فعلياً بشرعيتها.
إضافة إلى ذلك، تتم عمليات الهدم في موسم الأمطار، وهو توقيت يجعل التنقل وإعادة التوطين شبه مستحيل، دون تقديم أي تدابير تخفيفية أو بدائل للسكن. ويمثل هذا انحرافاً عن الممارسات السابقة التي كانت توفر على الأقل تعويضات أو قطع أراضٍ بديلة للسكان المتضررين. ويعكس غياب هذا الدعم في هذا التوقيت الحرج عملاً انتقامياً متعمداً، لا تطبيقاً للسياسات.
وترقى هذه الأفعال إلى مستوى الإخلاء والتهجير القسري، وتنتهك التزامات السودان بموجب:
• المادة 29 من دستور السودان الانتقالي، التي تكفل الحق في الملكية وتحظر الحرمان التعسفي منها ؛
• المادة 14 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، التي تكفل الحق في الملكية، والمادة 18 التي تحمي الأسرة؛
• اتفاقية كمبالا (والتي يُعد السودان طرفاً فيها)، والتي تحظر التهجير القسري وتُلزم بحماية ومساعدة النازحين داخلياً؛
• العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذين يحظران التمييز ويكفلان الحق في السكن وعدم الإعادة القسرية.
نطالب بالتعليق الفوري لأوامر الهدم، ووقف جميع عمليات الإخلاء القسري الجارية في ولاية الجزيرة.
كما نطالب بفتح تحقيق مستقل في ممارسات الاستهداف التمييزي، وما ترتب عليها من تدمير للمنازل وسبل العيش.
ويجب على الحكومة أن تتحرك بشكل عاجل لتوفير مأوى طارئ، وحلول بديلة لإعادة التوطين، وتعويض عادل لجميع الأسر المتضررة.
وندعو مفوضية الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والمقررين الخاصين المعنيين في الأمم المتحدة، وكافة الجهات الإنسانية ذات الصلة، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع مزيد من حالات التهجير، وضمان الحماية الكاملة للأفراد والفئات المعرّضة للخطر.
إن استخدام الأدوات القانونية لتغطية أعمال العقاب الجماعي والتمييز العرقي أمر لا يمكن التسامح معه. إن عمليات الهدم هذه ليست مجرد إساءة لاستخدام السلطة الإدارية، بل تمثل اعتداءً على كرامة وأمن وانتماء مجتمعات بأكملها.
التحالف السوداني للحقوق – 25 يونيو 2025