التعارضات العربية تضعف مخرجات قمة لندن حول السودان
تقدير موقف، ذو النون سليمان، وحدة الشؤون الإفريقية، مركز تقدم.
عقدت المملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا يوم الثلاثاء 15 أبريل، قمة دولية من أجل إنهاء الصراع وتخفيف معاناة الشعب السوداني وفق الأهداف والمبادئ المنصوص عليها في نتائج المؤتمر الإنساني الدولي للسودان والدول المجاورة الذي عقد في باريس في 15 أبريل 2024
شارك في القمة وزراء خارجية وممثلين رفيعي المستوى من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وتشاد ومصر وإثيوبيا وكينيا والمملكة العربية السعودية والنرويج وقطر وجنوب السودان وسويسرا وتركيا والإمارات العربية المتحدة وأوغندا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى عن جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
أكد المشاركون التزامهم بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامته الإقليمية، ودعم تطلعات شعبه إلى مستقبل سلمي، موحد، عادل وديمقراطي. كما يمثل زيادة الاهتمام الدولي بالتكلفة البشرية لهذا الصراع، بما في ذلك النزوح الداخلي، وتأثيره على البلدان المجاورة.
اتفق المشاركون على أن المبادرات والالتزامات الدولية يجب أن تركز على التأكيد على مسؤولية أطراف النزاع في حماية المدنيين والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. وأن تبني على قرار مجلس الأمن رقم 2736 (2024) وإعلان جدة وكذلك على الركائز الأساسية الست المنصوص عليها في خارطة طريق الاتحاد الأفريقي لحل النزاع في السودان في مايو 2023، وأن تسترشد بالمبادئ التالية:
• أن تكون الأولوية للتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار وإنهاء الصراع، بما في ذلك التدخل الخارجي، الذي يزيد من حدة التوترات أو التي تطيل أمد القتال.
• شدد المجتمع الدولي على ضرورة منع أي محاولات لتقسيم للسودان. بما في ذلك أي إعلان عن حكومات موازية، من شأنها أن تهدد وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه.
• أيد المشاركون الانتقال إلى حكومة بقيادة مدنية ودور للقوى المدنية في العملية السياسية
• دعوة أطراف الحرب السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحتاجة وفقا للالتزامات التي تم التعهد بها في إعلان جدة، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
• اتفق المشاركون على تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان. وأقروا بأهمية تكامل الجهود في عمليات الوساطة.
نصف نجاح نصف فشل:
وفق صحيفة الغارديان البريطانية، فشلت القمة في تشكيل مجموعة اتصال لتسهيل محادثات وقف إطلاق النار في السودان عندما رفضت الدول العربية التوقيع على بيان مشترك بعد المؤتمر بسبب الجدل الذي استمر يوما كاملا بين مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة بشأنها.
تأكيدات المشاركين في قمة لندن الواردة في بيان القمة تضمنتها مخرجات لقاءات دولية وإقليمية سابقة لوقف الحرب في السودان، مما جعل المراقبين يتساءلون عن الأسباب التي تجعل من قمة لندن مختلفة، قياسا على الأهداف الرئيسية للمؤتمر. فقد نجح في حشد موارد مالية لصالح الوضع الإنساني، قدرت بما يقارب المليار دولار، من الناحية السياسية فقد سجلت القمة بحسب مراقبين في لندن فشل سياسيا تمثل في أنها لم تستطع تأسيس مجموعة اتصال لتسهيل تشكل آليات عملية لوقف إطلاق النار بسبب تباينات مصرية اماراتية حول مستقبل السودان وفق ما رشح في الإعلام الرسمي، ويرجح أن يكون ذلك بسبب الموقف من المؤسسات الأمنية والعسكرية والمستقبل السياسي للجماعات الإسلامية والدعم السريع.
يتضح من فعاليات القمة وجود خلافات عربية حول تصورات اليوم التالي للحرب في السودان من خلال موقفهم من طرفي الصراع، وهو ما سعت لندن تداركه عبر الوصول لرؤية مشتركة للحل والتركيز على الدبلوماسية بدلا من دعم الفصائل المتحاربة.
وفق مصادر خاصة، اتفق المشاركون في القمة على تكوين لجنة فنية بعضوية المملكة المتحدة والسعودية وتركيا وقطر والإمارات ومصر، تجتمع في الرياض من أجل تشكيل موقف موحد بشأن مستقبل السودان.
تحفظت المملكة العربية السعودية على طلب القمة بإحياء منبر جدة معللة ذلك بعدم رغبة أمريكا في تفعيل المنبر بسبب عدم توفر الإرادة السياسية للأطراف السودانية، يعزي عدد من المراقبين هذا الموقف للالتزامات المالية المتوقعة، بينما يرى آخرون أنه يتعلق برغبة إقليمية في إفساح المجال لفرض واقع عسكري أفضل على الأرض.
احتفظت القمة بشعرة معاوية بينها وبين طرفي الصراع بالرغم من استبعادهما من المشاركة فيها، حيث شددت على وحدة السودان وعدم تأييدها للحكومة الموازية المنتظر إعلانها برعاية الدعم السريع، في خطوة فسرت بأنها تدعم موقف الجيش وحكومة بورتسودان، بينما صمتت عن سيطرة قوات الدعم السريع على معسكر زمزم بولاية شمال دارفور بالرغم من التحذيرات الدولية حوله، وهي خطوة تؤكد رغبة القمة في التوصل لحلول سياسية بين الطرفين.
وصف الإعلام الرسمي للجيش القمة بالفاشلة، بينما تمسك قائد الدعم السريع بإعلان حكومته الموازية عبر خطاب مكتوب عشية انتهاء القمة من قائد قوات الدعم السريع في الذكري الثانية للحرب..
الخلاصة:
** كان واضحا ان التعارضات الإقليمية وموقفها من أطراف الحرب واستمرارها كانت السبب الرئيس في فشل القمة في إصدار بيان جماعي إقليمي ودولي يضع آليات عملية لفرض وقف فوري للحرب، رغم التوافق على مخاطر استمرارها على الأمن الإقليمي والدولي
** فشلت قمة لندن في الإجابة على متطلبات اليوم التالي للحرب، بما يوحي وكأن العالم الخارجي وصل الى درجة اليأس من الوضع السوداني وان البلاد المنكوبة ستترك الى موازين القوى الحربية والحلول العسكرية.
** بفشل هذا الجهد المكثف، رغم شمول المشاركة الواسعة، عواصم القرار الدولي والإقليمي، باتت البلاد مفتوحة على خيار التقسيم، كبديل لاستمرار الحرب والمأساة الانسانية المتفاقمة، وهو ما بدأت بعض المراكز البحثية التي توجه صنع القرار الدولي في دراسته جديا كخيار أخير، خاصة مع إصرار قيادة الدعم السريع على تشكيل حكومة خدمات موازية في مناطق سيطرتها