الجبهة القادمة لحماس؟ جيش السودان الإسلامي والتهديد الإفريقي لإسرائيل
بقلم أمجد طه وإيتان نيشلوس
لم يعد السودان مجرد ساحة معركة؛ بل تحوّل بسرعة إلى مركز للإرهاب، موقعه الإستراتيجي بالقرب من الجناح الجنوبي لإسرائيل وخطوط الملاحة الحيوية في البحر الأحمر يجعله تهديدًا حقيقيًا.
في الذكرى السابعة والسبعين لاستقلال إسرائيل، تواجه الدولة تهديدًا متصاعدًا: القوات المسلحة السودانية أصبحت حماس إفريقيا، الجناح العسكري للإخوان المسلمين. مدعومة بالمتطرفين، ومغذية بالأيديولوجيا، ومخترقة بالإرهابيين، قد تتحول هذه القوات قريبًا إلى منصة لإطلاق هجوم مشابه لـ7 أكتوبر – ولكن هذه المرة من إفريقيا.
السودان، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كشريك واعد ضمن اتفاقيات أبراهام، ينهار الآن إلى معقل للجهاديين العالميين. وقد أحبطت الاستخبارات الإماراتية مؤخرًا شحنة أسلحة غير قانونية كانت في طريقها إلى القوات المسلحة السودانية، التي أعلنت اصطفافها مع جماعات إسلامية متطرفة.
هذه الشبكة نفسها دعمت إرهابيين نفذوا هجمات في كشمير بالهند، وهرّبت أسلحة إيرانية إلى حماس، وساعدت سابقًا في تدريب مقاتلي أسامة بن لادن – كل ذلك تحت حماية الجيش السوداني.
لواء البراء بن مالك، الذي يعمل تحت مظلة القوات المسلحة السودانية، يُجاهر بتقديس سيد قطب، مهندس الفكر الجهادي. ويُعرف قائده، المصباح أبو زيد، بلقب “يحيى السنوار السوداني”، ويظهر برفقة شخصيات مثل مختار بدري، المعروف بخطابه المعادي للسامية وارتباطه بالإرهاب العالمي.
وقد عاد إلى الساحة أبو حذيفة السوداني، أحد قياديي القاعدة، داعيًا جيلًا جديدًا من شباب السودان للانضمام إلى الجهاد العالمي، مكررًا شعارات الاستشهاد وحرب العصابات على نمط مجزرة حماس في 7 أكتوبر.
في الوقت نفسه، تستغل داعش فوضى السودان لغسل الأموال، ونقل الأسلحة، واستهداف ممرات الشحن البحرية قرب خطوط الملاحة الإسرائيلية. البحر الأحمر، الحيوي للتجارة العالمية ولأمن إسرائيل، بات الآن ضمن مرمى نيرانهم.
ورغم ادعاء الجنرال عبد الفتاح البرهان دعمه للتطبيع مع إسرائيل، فإن الوقائع على الأرض تحكي قصة أخرى. عاد إلى الساحة السياسية السودانية رموز إسلامية مثل علي كرتي – الذي يُنظر إليه كـ “إسماعيل هنية الخرطوم” – ومحمد علي الجزولي، مستغلين القوات المسلحة كمنصة لإعادة نفوذ الإخوان المسلمين في المنطقة.
كما أن لإيران دورًا محوريًا في هذا الصعود الإسلامي. فقد تحوّل ميناء بورتسودان بهدوء إلى نقطة محورية في شبكة تسليح إيران الإقليمية. ومن خلال شحنات بحرية سرية وعقود عسكرية، بدأت إيران في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيرة من نفس النوع الذي يستخدمه الحوثيون لاستهداف سفن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.
لم يعد هذا مجرد تحالف تكتيكي، بل توسع استراتيجي. فميناء بورتسودان على وشك أن يصبح مركز إيران اللوجستي لتسليح وكلائها عبر إفريقيا، من القرن الإفريقي إلى الساحل. وقد رصدت مصادر استخباراتية زيادة في نقل الطائرات المسيرة عبر شركات وهمية إيرانية تعمل قرب الميناء.
والتاريخ يُحذر. ففي عامي 2009 و2012، شنّت إسرائيل ضربات جوية على قوافل سودانية كانت تهرّب أسلحة إيرانية إلى غزة عبر سيناء المصرية، ضمن ما يُعرف بعمليتي “بلو” و”كلاود”، حيث كشفت هذه المهام عن ممر تسليح عميق بين إيران والسودان وحماس. هذا الممر عاد للعمل – ولكن هذه المرة، بشكل أكثر تعقيدًا وسرية وخطورة.
وبينما تستخدم إيران بورتسودان للتحايل على العقوبات وتسليح حلفائها المتطرفين، لم يعد البحر الأحمر مجرد ممر جغرافي، بل ساحة معركة.
ولا يمكن لإسرائيل أن تغض الطرف عن هذا التصعيد. فالتقاطع بين عودة الإسلاميين في السودان ودبلوماسية الطائرات الإيرانية قد يعيد رسم خريطة الأمن في إفريقيا، ويغيّر حسابات التهديد من الجبهة الجنوبية.
هذه ليست أزمة داخلية سودانية فقط، بل هي الجبهة الجنوبية لإسرائيل. غزة الإفريقية قيد التشكل.
فما الذي يجب على إسرائيل وحلفائها فعله؟
* فضح تحالفات السودان الإسلامية وقطع وصولها إلى السلاح والتمويل.
* إعادة صياغة الحرب في السودان على أنها ليست فقط كارثة إنسانية، بل تهديدًا إرهابيًا استراتيجيًا.
* تأمين البحر الأحمر عبر تكثيف المراقبة البحرية والعمليات الرادعة.
لأن موجة الإرهاب القادمة على نمط حماس قد لا تنبع من غزة، بل من ضفاف النيل.
فبعد 77 عامًا من الصمود، يجب أن تواكب إسرائيل صمودها ببصيرة. والبصيرة تبدأ من مراقبة السودان… قبل أن يضرب.