السبت, أكتوبر 18, 2025
الرئيسيةمقالاتالجميل الفاضل يكتب من نيالا يوميات "البحير": إنهم يرفعون الكذب إلى مرتبة...

الجميل الفاضل يكتب من نيالا يوميات “البحير”: إنهم يرفعون الكذب إلى مرتبة الطرب؟!

الجميل الفاضل يكتب من نيالا يوميات “البحير”: إنهم يرفعون الكذب إلى مرتبة الطرب؟!

منذ أن أوحى شيخ الحركة الإسلامية الراحل، حسن الترابي، لقائد انقلابها الأول، المخلوع البشير، بكلمة سرّها: “اذهب إلى القصر رئيسًا، وسأذهب إلى السجن حبيسًا”،
كشف الإسلاميون عن أنهم يتمتعون بكفاءة عالية في رفع الكذب إلى مرتبة الطرب، فلا يخرج الصدق من أفواههم إلا هفوة هاربة، تأتي كزلة لسان.
لكن عندما يُصدِّق هؤلاء الإسلاميون أنفسهم، يغدون أسوأ بالفعل من حالهم حين يمارسون كذبهم العادي على الناس.
فهم، بحكم هذه العادة، أقرب دائمًا إلى تصديق أكاذيبهم ذاتها، وفقدان القدرة على التمييز بين ما هو واقعي وحقيقي، وبين ما هو وهمي أو خيالي.
كأنهم يترجمون حرفيًا قاعدة إعلام النازية التي تقول: “اكذب، ثم اكذب، حتى تصدّق نفسك.”
فيقعون، من ثم، في حبائل ما يشبه الكذب المرضي، الذي يجعلهم يصدّقون كثيرًا من القصص الخيالية التي اختلقوها هم أنفسهم، لخداع سواهم من الناس.
وللهروب من صورة هذا الواقع البائس الكئيب الذي صنعوه بأيديهم، ربما يجد أغلب الإسلاميين أن الكذب أسهل، وأكثر متعة وراحة لهم، من كوابيس مزعجة ومخيفة، يمكن أن يجرّها أي حديث صادق من قبلهم، ينطوي على أدنى درجة من الاعتراف بالحق.
عموماً، هكذا هم الإسلاميون في السودان: يعيشون حالة لجاجة دائمة، تعتري طول الوقت من تأخذه العزة بالإثم.
وبالطبع، فإن من كذب مرة، سيكذب مثنى وثلاث ورباع، قبل أن يستهويه الكذب، الذي قد يُصبح هوايته المفضلة، وإدمانه الدائم، ثم ليُصدّق في مرحلة ما حتى كذبه هذا الذي افتراه بنفسه، بل وقد يتعامل به أو وفقه، كأنه “أمُّ الحقائق”.
على أية حال، فقد فارق الإسلاميون الحق والحقيقة مفارقةً، ربما تجعل حالهم مطابقًا تقريبًا لقول دوستويفسكي:
“إن الذي يكذب على نفسه ويؤمن بأكاذيبه، يصبح غير قادر على الوصول إلى الحقيقة، سواء كانت هذه الحقيقة في نفسه أو في الآخرين، لينتهي به الأمر إلى فقدان احترامه لنفسه وللآخرين كذلك.”
المهم، فقد حذّر رسولنا الكريم من زمن يشبه إلى حد بعيد زمن هؤلاء الرجال، بقوله:
“سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتَمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة.”
وكلما اقتربنا، في الحقيقة، من خواتيم أيام هذه الجماعة، قبل اقتلاعها الحتمي المنتظر، ومن نهاية سنوات خداعها المتطاولة، التي قصّ شريطها حسن الترابي عشية انقلابه على الحكم المدني الديمقراطي، في الثلاثين من يونيو سنة 1989،
أفرغت حركته هذه، أو كادت، آخر ما في جعبتها، وأسوأ ما عندها، من تدابير غشّ ومكر، ومن أساليب تمويه، ومخاتلة، وخداع.
برع فيها قائد انقلابها الثاني، الجنرال برهان، الذي يبدو أن رباعية ترامب قد حشرته مجددًا اليوم في جُحر آخر، هو أضيق من خرم إبرته التي يتباهى بها كأداة للحفر.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات