الثلاثاء, فبراير 4, 2025
الرئيسيةمقالاتالدعم السريع وشعار إنهاء دولة ١٩٥٦م (٢) .

الدعم السريع وشعار إنهاء دولة ١٩٥٦م (٢) .

 الصادق علي حسن  يكتب :الدعم السريع وشعار إنهاء دولة ١٩٥٦م (٢) .

إنهاء دولة ١٩٥٦م (٢)

الاسترداد وحُكم الضرورة .

يُطلق على الدستور الذي يستقر وتسود أحكامه على الأجيال المتعاقبة في الدولة بالدستور الدائم، وغالبا ما ترتبط أحكام الدستور الدائم في الدولة الحديثة بنشأة الدولة وتأسيسها .في بريطانيا استقرت الأعراف المرعية وصارت أحكاما تنظم الدولة ويتعلم البريطاني منذ ميلاده هذه الأعراف والأحكام وترسخ في ذهنه ،ولم تعد هذه الأحكام في بريطانيا تتطلب الكتابة وقد صارت محفوظة تتوارثها الأجيال المتعاقبة (النموذج الوحيد للدستور غير المكتوب في العالم). الضابط البريطاني أوليفر كرومويل قاد انقلابا على الملك تشارلز الأول وتم إعدام الملك المذكور في عام ١٦٤٩م وحكم الضابط المذكور بريطانيا ثم ورث ابنه ريتشارد الحكم من بعده ويوصف حكم أوليفر كرومويل وابنه ريتشارد بالحكم الجمهوري الوحيد الذي مر على بريطانيا . عادت الملكية إلى بريطانيا في عام ١٦٦٠م وأول ما قام به الملك تشارلز الثاني الذي تم تنصيبه خلفا لوالده الذي تم اعدامه بواسطة كرومويل أنه قام بإستخراج جسد الضابط المذكور من قبره وإدانته بالخيانة العظمى وتعليقه في مشانق تابيرن بلندن عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه تقويض النظام الملكي الدستوري ، كما ويطلق على فترة أوليفر كرومويل وابنه ريتشارد فترة حُكم الضرورة باعتبار ان الحكم لم يستند على مرجعية دستورية صحيحة كما ويطلق على عودة النظام الملكي بالاسترداد أي استرداد الشرعية الدستورية . إن فترات الحكم العسكري التي مرت على السودان هي فترات حُكم الضرورة (وضع اليد) كذلك شراكة المكونين العسكري والمدني بموجب الوثيقة الدستورية المعيبة لأنها خالفت قواعد تأسيس الدولة السودانية .

الحقائق التاريخية :

وجود الدولة السودانية أرتبط بمحمد علي باشا وأسرته . إن مصر ليست كالسودان فقد تمكنت من ادماج وتوظيف كل التجارب التي مرت بها في تشكيل الشخصية المصرية وعلى رأسها مواريث الحضارة الفرعونية القديمة إنتهاءًا بالحكم العثماني في عهد محمد علي باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة وأسرته ، في السودان اهملت نخب الدولة السودانية الوليدة مواريث الحضارات التي كانت قائمة بالأراضي السودانية وعلى رأسها الحضارة النوبية القديمة وحضارات البجا في الشرق وحضارات مملكة الداجو والفور والمساليت وجبال النوبة والنيل الأزرق وجنوب البلاد وتشكلت الشخصية السودانية وهي تعاني الإزدواجية، الشخصية الرسمية السودانية تعبر عن ثقافة آحادية لحالة انفصام وجداني بثقافة عربية وإسلامية ولم تستفد نخب السودان الحاكمة من تجارب الدولة المصرية التي نشأت في كنفها في صياغة شخصية سودانية متوازنة جامعة لكل الثقافات المحلية وتعبر عنها باللغة العربية المشتركة للمكونات السودانية .

قواعد تأسيس الدولة السودانية:

قواعد تأسيس الدولة السودانية حددت شكل الدولة وشعبها ونظم حكمها . عقب ثورة أكتوبر ١٩٦٤م قررت الأحزاب والنقابات بعد نجاح الثورة العودة لدستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م وأطلقت عليه دستور السودان المؤقت (المعدل ١٩٦٤م) ولم يتم إنتخاب وتشكيل مجلس الشيوخ إلى جانب مجلس النواب كما وتم تعطيل استحقاق الفيدرالية لجنوب السودان وجرت الإنتخابات التي أفضت لتشكيل البرلمان المنتخب في ١٩٦٥م وقام البرلمان المنتخب بإجراء تعديلات على الدستور المذكور والذي تم تحريره بواسطة النقابات والأحزاب بمسمى دستور السودان المؤقت (المعدل لسنة ١٩٦٤م)م وصار المعمول به دستور السودان المؤقت (المعدل لسنة ١٩٦٤م) تعديل ١٩٦٥م كما وخضع لتعديلات أخرى حتى ١٩٦٨م قبل إنقلاب مايو ١٩٦٩م ، وفي عام ١٩٨٥م عقب ثورة أبريل تم القفز مباشرة إلى إنتخاب وتشكيل جمعية تأسيسة ووفقا لقواعد التأسيس فإن البرلمان عقب ممارسة مهمته الأساسية في ممارسة الحكم الذاتي والتقرير بشأن مصير السودان وقد صوت بالإجماع على استقلال السودان وصار السودان دولة مستقلة تأتي مرحلة تنظيم الإنتخابات العامة لإنتخاب جمعية تأسيسية من كل أقاليم السودان لإنتخاب النواب المؤسسين ليباشر النواب المؤسسون وضع الدستور الدائم للبلاد والذي يحدد شكل ونظم حكم الدولة وذلك ما لم يحدث بذات النسق الإجرائي المنصوص عليه في دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م.

المحافظة على الدولة السودانية :

في حال التخلي عن قواعد تأسيس الدولة لن تكون هنالك مرجعية تأسيسية في الدولة السودانية مستمدة من قواعد نشأتها وتأسيسها فالأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية والحركات هي من وسائل أدوات إدارة الدولة بعد تأسيسها وما لم تؤسس الدولة بواسطة النواب المنتخبين الذين يحصلون على التفويض الإنتخابي للتأسيس تصبح كل الممارسات والأنشطة السياسية الأخرى من ورش عمل ومؤتمرات وموائد دستورية بلا قيمة دستورية معتبرة.

حركة الإخوان المسلمين والدعم السريع :

ظاهرة حركة الإسلام السياسي بممارساتها الفاسدة تضاءل دورها في الحياة السودانية ولن تعود هذه الظاهرة مرة أخرى لحكم دولة مستقرة بالسودان ويمكنها في الظروف الاستثنائية كظروف الحرب الحالية أن تعلي من ضحيج صوتها كما يحدث حاليا تحت غطاء الاستنفار ، أما الدعم السريع فلا يطرح حتى الآن أي فلسفة لإدارة الدولة مع أن قائد الدعم السريع حميدتي صار مصدرا لالهام أنصاره ويدفعهم للحرب والقتال بضراوة، ولكن من دون رؤى أو برامج أو أهداف واضحة وفي نهاية المطاف لن تكون لحرب بالشعارات وبلا غاية مستقبل لحكم في دولة مستقرة .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات