الأحد, يونيو 1, 2025
الرئيسيةمقالاتالسودان أرض البطولات والثورات(8)

السودان أرض البطولات والثورات(8)

السودان أرض البطولات والثورات(8)

كتب :حسين سعد

أكد خبراء نقابيون علي الدور الكبير الذي قامت به النقابات في الثورات في السودان قبل ، وبعد الإستقلال ،وأشاروا الي إبعاد العمال والمزارعيين في المشاركة في الحكومات الإنتقالية والرقابة عليها ،والإسراع في تنفيذ إصلاحات قانونية لصالح العمال والنقابات ،وتنظيم العمال والمزارعين ،والدفاع عن حقوقهم، والمطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور، وتوفير الخدمات الاجتماعية لأعضائها، مثل الدعم الصحي والتعليم والإسكان. وقالوا ان إنشغال تجمع المهنيين بالصراع السياسي أضاع فرصة كبيرة لوضع قانون للنقابات والإهتمام بإجراء انتخابات بالأجسام المهنية،ووصف صديق في ملف السودان أرض البطولات والثورات الذي يناقش عبر سلسلة من الحلقات نضالات العمال والنقابات ضد الانظمة المستبدة ،ووصف التجمع بأنه، لم يهتم بإجراء انتخابات او الاستعجال في تغيير القانون وانخرط في الصراع السياسي الذي أدي لإنقسامه وخفوت صوته، وأوضح الزيلعي تجمع المهنيين لعب دورا كبيرا في ثورة ديسمبر، ولكن بعد إنتصار الثورة، ضاعت فرصة قيام نقابات منتخبة خلال الفترة الإنتقالية وتابع( نحن نعاني من آثارها الآن) وأوضح ان الإنقسام الحالي سببه عدم خبرة من يعملون في النقابات حالياً وأشار الي ان إتحاد العمال تاريخياً تعرض لعدة محاولات للإنقسام لكنه عالجها بالخبرة النقابية.
وأشار صديق الي نظام مايو عقب فشل إنقلاب يوليو 1971 عدلت السلطة قانون النقابات وأصدرت لائحة البنيان النقابي لسنة 1972 التي عدلت كل الهياكل النقابية. اثر ذلك على موقف النقابات ولكن ابتداء من 1973 بدأت المقاومة النقابية تشتد ووصلت قمتها بعد 1977 ( رغم صدر قانون جديد للنقابات يتبعها للاتحاد الاشتراكي) وصارت النقابات ( خاصة المهنية) تتمرد على سلطة الدولة والاتحاد الاشتراكي. لافتا الي ان النقابات كانت تابعة لمكتب في الاتحاد الاشتراكي. ولم تتوقف الإضرابات والصدمات مع السلطة. وقال صديق ان النقابات رأت في تلك الفترة ان الوقت مناسب لعمل كبير لذلك أسست التجمع النقابي من ستة نقابات وصار مركزا للمقاومة. وأوضح الزيلعي ان النقابات كانت منتخبة ديمقراطيا والقيادات موثوق بها من قواعدها. وهكذا دخلت معركة الانتفاضة بكل قوة وبعد سقوط نميري تم اسقاط كل النقابيين السدنة ديمقراطيا.
قيادة بلا قواعد:
ومن جهته قال الخبير النقابي محجوب كناري فان تجمع المهنيين الذي قاد الحراك الثوري لم يفتح الباب أمام العمال والمزارعين وأقتصر الأمر علي الأجسام المهنية فقط ،وهو ذات الحال حدث في ثورة مارس أبريل حيث أبعد التجمع النقابي، النقابات التي ساهمت في الثورة من المشاركة في الحكومة بعكس جبهة الهيئات التي أشركت النقابات والمزارعين في الحكومة الانتقالية، وأضاف حاولنا إقناع تجمع المهنيين بإدخال العمال والمزارعين لكنه رفض وأتهم الخبير النقابي كناري تجمع المهنيين بالانشغال في الصراع السياسي والابتعاد عن بناء التنظيمات النقابية جاهلاً البناء النقابي لذلك صار قيادة بلا قواعد،وأوضح كناري في ملف السودان ارض البطولات والثورات الذي يناقش عبر سلسلة من الحلقات نضالات العمال والنقابات ضد الانظمة المستبدة ،قال ان الثورات الثلاثة التي ساهمت فيها النقابات لم تهتم بالرقابة علي الجهاز التنفيذي لذلك اصبح هنالك تناقض بين القيادات والقواعد الجماهيرية التي كانت لها مطالب محددة وتابع(هذا أضعف المكون الثوري وساهم في ردة الثورة المضادة)
رأس الرمح في التغيير:
وفي الأثناء قال عضو لجنة المعلميين عمار يوسف ان النقابات كانت لها إسهامات واضحة في كل الثورات والتغييرات التي حدثت بالسودان منذ تأسيس نقابة هيئة شوؤن العامليين بالسكة حديد في العام 1947م،كما ساهمت في إخراج الإستعمار من البلاد والمساهمة الكبيرة في مناهضة الانظمة المستبدة وأضاف بالرغم من مساههمة النقابات في الاطاحة بالانظمة لكن ما ينتج من تغييرات لا يرتقي لطموحات العمال والنقابات،الذين يعتبروا أكثر شريحة منظمة ولديهم مصلحة في إستدامة نظام ديمقراطي وحراسته،وأشار يوسف الي وجود أوجة شبه بين دور النقابات في عامي 1985م و2019م حيث كانت النقابات رأس الرمح ،ورمانة التغيير.
دور تاريخي:
وفي المقابل قال الصحفي خالد فضل بالنسبة لأدوار النقابات في العمل السياسي في السودان ، هذه أدوار مؤكدة عبرالتاريخ ،ومصطلح الإضراب السياسي كان واحدا من تلك الأدبيات الثورية طيلة عهود الأنظمة الديكتاتورية في بلادنا، في الواقع تاريخ الحكم في السودان هو تاريخ المؤسسة العسكرية، وليس العمل السلمي والجماهيري الذي ظل لحوالي 60سنة في خنادق المقاومة ، وتلك من المفارقات بالطبع، فالنقابات أسهمت بفعالية في تلك لمقاومة المستمرة، جبهة الهيئات لها لبقدح المعلى في إسقاط ديكتاتورية عبود في 1964م، بل شكلت حكومة الفترة الإنتقالية عقب سقوط الديكتاتور ، وفي عهد تسلط الجيش بقيادة النميري في حقبة مايو ظلت النقابات نشطة على جبهة الموالاة لأول عهدمايو ثم تحولت إلى خانة المقاومة بعد العام 1971م ،فالسمة الأبرز في نشأة وتطور النقابات السودانية هي إتجاهاتها اليسارية، وهذا أمر طبيعي في سياق القيم والأهداف التي تناضل من أجلها وهي نيل الحقوق للطبقات العاملة، كان التجمع النقابي بارزا في إسقاط مايو 1985م ورئيس الوزراء في الفترة الإنتقالية جاء على خلفية نقابية د. الجزولي ، عندما سطي الجيش علي السلطة الديمقراطية بإنقلاب الإنقاذ كان الإسلاميون قد فطنوا تماما لدور النقابات في المقاومة السياسية ،باعتبار ها تمثل الفئات الإجتماعية الأكثر وعيا، وهي منظمات حديثة كما معلوم لذلك كان الإستهداف الأول والرئيس منذ البداية للنقابيين والغمل النقابي نفسه، وبالفعل تم تدجين النقابات وجعلها واحدة من أذرع النظام للتسلط على العاملين بما يتنافى وطبيعة دورها.
إنقسام المهنيين:
إستمر هذا الواقع حتى ظهور تجمع المهنيين السودانيين إستمرارا لنسق المقاومة ، مع الأسف لم يستمر التجمع في لعب دوره كمنظمة تحفظ التوازن بين مختلف المكونات السياسية وتعبر عن الكتلة الثورية غير الحزبية فانقسم ، وكان هذا أحد أبرز الإحباطات في ثورة ديسمبر ، بالطبع الحديث عن النقابات اليوم يعيدنا إلى حقبة الإنقاذ مباشرة ، الآن يتم العودة الكاملة لجميع لافتات العهد المباد بمن فيهم الأشخاص على مستوى النقابات والمسميات وبالتالي لا يتوقع المرء أن يتجاوز دورها في هذه المرحلة تحديدا موالاة التيار المشعل والداعم للحرب ،كما ظلت طيلة فترة الإنقاذ، لقد تراجعت أولويات الحقوق في هذه الحرب المدمرة بعد النزوح واللجوء والتصنيف البغيض للمواطنين، وبات النقابيون الذين برزوا خلال فترة الانتقال القصيرة أهدافا للتخوين والملاحقة والفصل التعسفي ، فالشعار السائد لا صوت يعلو على صوت المعركة تلك حقيقة . ونذر الإنقسام الجهوي والإداري تسير على خطى متسارعة لذلك تبدو فرصة الدور النقابي ضئيلة في المجالات المطلوبة من وقف الحرب او نيل الحقوق للعاملين والمواطنين ، ولا نسى حالة الإستقطاب الحاد وسط القوى السياسية المدنية الديمقراطية ومن ضمنها النقابات المهنية نفسها وهذا يعطل من نفوذها واسهامها
تجارب دولية:
ومن الأمثلة الباهرة على دور النقابات في المساهمة بإنجاح الانتقال السياسي،لعبت النقابات العمالية دورًا رئيسيًا في الكفاح ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) وفي دعم التحول الديمقراطي في جنوب أفريقيا، فكانت كونفدرالية نقابات جنوب أفريقيا أحد الأعضاء الرئيسيين في تحالف المعارضة الذي أدى إلى إنهاء الفصل العنصري، وفي بولندا، كانت النقابة العمالية (التضامن )بقيادة ليخ فاوينسا حافزًا رئيسيًا في التحول من نظام الحكم الشيوعي إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات،كما لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دورًا كبيرًا في الانتقال السياسي بعد الثورة التونسية في 2011، حيث كان الاتحاد جزءًا من الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي حصل على جائزة نوبل للسلام في 2015 لدوره في تحقيق الحوار الوطني والدفع باتجاه الاستقرار والديمقراطية.(يتبع)

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات