السبت, ديسمبر 27, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالسودان :إنهيار النظام الصحي والحرب تحاصر المستشفيات وتطلق الأوبئة !

السودان :إنهيار النظام الصحي والحرب تحاصر المستشفيات وتطلق الأوبئة !

تقرير: حسين سعد
في السودان يختلط صوت القصف برائحة الموت والجوع، بسبب حرب منتصف أبريل الكارثية يقف المواطنون عاجزين أمام كارثة صحية غير مسبوقة، المستشفيات التي كانت يوماً ملاذاً للمرضى، تحولت إلى أنقاض، أو إلى ثكنات عسكرية، فيما الأطباء والممرضون يتعرضون للقتل والإعتقال، ويغادر العديد منهم البلاد هرباً من الخطر المباشر، الأطفال يموتون بصمت من أمراض يمكن الوقاية منها، والنساء الحوامل يواجهن مخاطر قاتلة، وكبار السن يعانون بلا دواء ولا رعاية، بينما تنتشر الأوبئة كالنار في الهشيم، من الكوليرا والملاريا إلى الحصبة وأمراض سوء التغذية، كل يوم يمر، يصبح المواطن محاصراً بين أزمات متشابكة صراع البقاء، غياب العلاج، وانعدام الخدمات الصحية، في ظل صمت العالم وخذلان المجتمع الدولي، الذي يتفرج علي هذا الواقع القاسي، فالحصول علي جرعة دواء غير متاحة، وكل مريض بلا سرير، وكل جريح بلا رعاية، في كل زاوية من السودان، وفي كل مستشفى مهدّم، يواجه المواطنون واقعاً قاسياً: جروح بلا علاج، أمراض بلا أمل، موت بلا وداع، وغياب شبه كامل للدولة التي يفترض أن تحمي شعبها. وفي الوقت الذي تتحرك فيه دول العالم أحياناً لإنقاذ مناطق بعيدة، يبقى السودان صامتاً على خريطة الاهتمام الدولي، تُرك شعبه ليواجه الموت بصمت، متجاهلاً وملقياً باللوم على قسوة الصراع المستمر، هذه الكارثة الإنسانية ليست مجرد إنهيار للمستشفيات أو نقص للأدوية، بل شهادة على فشل النظام الصحي بأكمله، على تراجع الدولة، وعلى حاجة عاجلة لتحرك دولي ومجتمعي سريع، قبل أن تتحول حياة ملايين السودانيين إلى مجرد أرقام على صفحات التقارير الأممية، في وقت ظل فيه الأطباء يطلقوت صياحات االاستغاثة العاجلة للتحرك العاجل لانقاذ أرواح الملايين قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة لا عودة منها؟؟


إنهيار النظام الصحي:
وتقول الدكتورة أديبة إبراهيم السيد عضو اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في ورقتها التي قدمتها في مؤتمر الإغاثة الذي إنهي جلساته في الأسبوع الثالث من الشهر الحالي قالت : منذ إندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، دخل القطاع الصحي في حالة انهيار شبه كامل، ما يعكس واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ البلاد الحديث، فقد أدى تدهور الأمن، العمليات العسكرية المكثفة، وسوء الإدارة، إلى تعطيل المرافق الصحية، نزوح الكوادر الطبية، وانتشار الأوبئة والمجاعة، مما هدد حياة ملايين المدنيين في مختلف أنحاء البلاد، وأضافت السيد إن القطاع الصحي ظل تحت النار منذ اليوم الأول للحرب، حيث شكلت نقابة أطباء السودان واللجنة التمهيدية غرف طوارئ لاستقبال الحالات الطارئة داخل وخارج البلاد، كمحاولة لتقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحيةن إلا أن هذه الجهود إصطدمت بواقع بالغ القسوة: بيئة عمل خطرة للأطباء، تهديدات بالقتل والاعتقال، نقص حاد في المستلزمات الطبية، وغياب الممرات الآمنة، إلى جانب قصف واحتلال المستشفيات من قبل أطراف النزاع، وأشارت أديبة إلى أن نحو 80% من المستشفيات والمراكز الصحية خارج الخدمة، كما توقفت أعمال حوالي 57 منظمة طوعية ودولية كانت تقدم خدمات صحية وإنسانية. وترافق هذا الانهيار مع نقص حاد في الأدوية المنقذة للحياة، وانتشار المجاعة، ما أدى إلى إرتفاع كبير في معدلات الوفيات، خصوصًا بين الأطفال والحوامل وكبار السن، فضلاً عن تفشي الأوبئة والمجاعة مع انهيار النظام الصحي، شهد السودان انتشارًا واسعًا للأمراض الوبائية، مثل الكوليرا، مع مئات الآلاف من الحالات ووفيات متزايدة، وكذلك حمى الضنك، الملاريا، السل، الحصبة، شلل الأطفال، والسعال الديكي، والكبد الوبائي والليشمانيا الجلدية في ولاية الجزيرة، وتفاقمت الأزمة مع مجاعة شديدة وارتفاع حاد في أسعار السلع وانعدامها في مناطق واسعة، ما تسبب في وفاة أعداد كبيرة، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.
الأطفال والنساء ضحايا الحرب :
وقال أديبة إن أكثر من 10 ملايين طفل حُرموا من التعليم، ويعاني الملايين من غياب الرعاية الصحية وسوء التغذية. وقد سجلت التقارير وفاة عشرات الآلاف من الأطفال منذ بداية الحرب، مع معدل وفاة يومي مرتفع في معسكرات النزوح بسبب الجوع والأمراض وبعد المسافة عن المرافق الصحية، وتوقف عمل ما يقارب 57 منظمة طوعية ودولية، في ظل بيئة عمل شديدة الخطورة للأطباء والعاملين الصحيين، تشمل التهديد بالقتل والاعتقال والضرب، وغياب الممرات الآمنة، واحتلال وقصف المستشفيات من أطراف النزاع، مؤكدة تفشي الأمراض والمجاعة سجلت البلاد أرقامًا كارثية في انتشار الأوبئة، كما توثق الورقة التي إستعرضتها الدكتورة أديبة إنتهاكات جنسية مروعة، شملت الاغتصاب والتحرش، خاصة بحق الأطفال والفتيات، مع صعوبات كبيرة في تقديم العلاج والدعم النفسي بسبب الوصمة الاجتماعية، وإنعدام الأمن، وإحتلال المستشفيات، وهجرة الكوادر الطبية. وسُجلت حالات حمل قسري، وإجهاض، ومواليد مجهولي الهوية، وسط مطالب بتدخل عاجل من اليونيسف والمنظمات المختصة
مناشدات عاجلة:
وإستعجلت الدكتورة أديبة الجهات ذات الصلة بالحقل الصحي بالتحرك العاجل ، والإعلان الرسمي عن الأوبئة وطرق الوقاية والعلاج، وتفعيل فرق التدخل السريع وإستثمار التجارب السابقة مثل جائحة كوروناالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية لإعلان تفشي الأوبئة دوليًا، وتشكيل لجنة قومية عليا ببروتوكول موحد للمكافحة والتشخيص والعلاجن وتحسين بيئة المستشفيات في المناطق الآمنة ووضع سياسات صحية بديلة لما بعد الحرب، وأشارت إلي أن الوضع الصحي في السودان بلغ مرحلة الإنهيار الكامل، حيث حولت الحرب وسوء الإدارة الأمراض إلى أدوات قتل جماعي، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لإنقاذ أرواح المدنيين، خصوصًا الأطفال والنساء، والحفاظ على ما تبقى من النظام الصحي في البلاد.


الخاتمة : (من المحرر)
إن ما يشهده السودان اليوم من إنهيار شامل في النظام الصحي ليس مجرد أزمة عابرة أو نتيجة جانبية للحرب، بل كارثة إنسانية متكاملة تهدد حياة ملايين البشر، فالمستشفيات فقدت مصداقيتها كمراكز للشفاء، وتحولت إلى أنقاض أو ثكنات عسكرية، بينما يغرق المواطنون في بحر من الأمراض بلا دواء، بلا رعاية، وبلا أمل، الأطباء والممرضون، الذين كانوا نبض هذا النظام، أصبحوا أهدافاً للقتل والاعتقال، أو اضطروا إلى الفرار، تاركين الشعب السوداني وحيداً في مواجهة الموت، أما الأطفال، والنساء الحوامل، وكبار السن، وذوو الأمراض المزمنة، جميعهم يعيشون تحت تهديد مستمر، حيث يختلط صوت الحرب بصراخ الجوع والألم، ويغيب عنهم أبسط حقوق الإنسان في الحصول على العلاج والحياة الكريمة، كل يوم يمضي، تتحول فيه المستشفيات المدمرة إلى شاهد صامت على فشل الدولة، وعلى تراجع قيم الإنسانية أمام صمت المجتمع الدولي، فهذه الأزمة ليست مجرد أرقام في تقارير، بل وجوه أطفال تموت بلا علاج، ونساء يفقدن أطفالهن بسبب نقص الرعاية، ومرضى ينتظرون الموت في صمت، وهي دعوة عاجلة لكل الحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني، أن يتحرك بشكل فوري، ليس بالكلمات الرنانة أو البيانات الرسمية، بل بتوفير العلاج الفوري، وحماية الكوادر الطبية، وإعادة تشغيل المستشفيات، وفتح ممرات آمنة للوصول إلى المتضررين، إن تحرك العالم الآن ليس خياراً، بل واجب إنساني، وإلا سيظل السودان شاهداً جديداً على فشل الإنسانية الدولية في زمن الحروب، والواقع المؤلم يفرض على الجميع أن يدرك أن أي تقاعس أو تأجيل سيكلف المزيد من الأرواح، ويضاعف حجم المعاناة، فإما أن ينتصر الضمير الإنساني، أو يظل الشعب السوداني رهينة الصمت الدولي، يعاني دون حماية، يموت بلا دواء، ويُنسى بين الخراب والحرب.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات