الجمعة, يونيو 27, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالسيسي في جيبوتي :استكمال حصار إثيوبيا واستعداد لعملية برية محتملة في اليمن

السيسي في جيبوتي :استكمال حصار إثيوبيا واستعداد لعملية برية محتملة في اليمن

السيسي في جيبوتي :استكمال حصار إثيوبيا واستعداد لعملية برية محتملة في اليمن
بناء قاعدة عسكرية ودعم لوجستي مصرية في دوراليه.

تقدير موقف: وحدة الشؤون الإفريقية- مركز تقدم للسياسات.

ثمة وجاهة سياسية في وصف زيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السياسي لدولة جيبوتي في الرابع والعشرين من أبريل بأنها تاريخية، فهي واضحة في رسالتها ومعانيها الاستراتيجية، إذ تستكمل القاهرة حصار إثيوبيا إقليميا، على خلفية النزاع حول سد النهضة. ولم تتمكن فرقة الموسيقى العربية التي استبقت وصول الرئيس السيسي لإحياء الذكرى الخمسين لرحيل سيدة الغناء العربي أم كلثوم، من التغطية على مرافقة الموسيقيين بثلاث طائرات من طراز C-130H تابعة للقوات الجوية المصرية، حطت قبل ساعات في مطار جيبوتي من لقاء الزعيمين، وتحمل معدات عسكرية بحسب مصادر صحفية دولية ومصرية.
التفاصيل:
في 10 أكتوبر 2024، وقع رؤساء مصر واريتريا والصومال اتفاقيات ذات أبعاد عسكرية، وذلك بعد مذكرة تفاهم في يناير من نفس العام بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال، تسمح لأديس أبابا ببناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر في ميناء بربرة، مقابل الاعتراف الدبلوماسي به، وقد عارضت دول المنطقة، جيبوتي وإريتريا والسودان ومصر هذا الاتفاق، وتمسكت بدعوى لا شرعية لانفصال الإقليم حتى بعد 26 عامًا من وجود شبه دولة أمر واقع بحكومة انتقالية قادها عبد القاسم صلاد حسن، ولم يعترف بها أحد.
رغم تكتم البلدين جيبوتي ومصر على الأهداف الحقيقية للميناء الذي تم منحه لمصر وتقدر مساحته ب 150 ألف متر مربع في دوراليه، إلا أنه لم يكن خافيا ان المقصود هو قاعدة عسكرية تضاف إلى ست قواعد عسكرية أجنبية أخري، جاء في البيان المشترك للزعيمين أن الميناء المصري سيكون “مركزاً لوجستياً للشركات المصرية لتدعيم التبادل التجاري بين السوقين، المصري والجيبوتي، والانطلاق منها إلى الأسواق الإقليمية المجاورة”.
اتفاقات السيسي و إسماعيل عمر غيلة ، أشعلت الاضواء في اديس ابابا ، حيث يعتبر ميناء دوراليه الجيبوتي مركزا حيويا يمر من خلاله حوالي 95% من تجارة إثيوبيا، خاصة وان إجراءات عدائية بدأت في جيبوتي لطرد الاف الاثيوبيين غير الشرعيين الذي يعيشون في البلاد، وهو الامر الذي تعده أديس أبابا ، عملا عدوانيا و تخريبا متعمدا للعلاقات التاريخية والمصالح المشتركة ، كما أن اتفاق القاهرة – جيبوتي يفهم على انه موجه للتفاهم بين إثيوبيا مع “جمهورية أرض الصومال” وعودة الى عداء قبلي تاريخي مع إقليم أرض الصومال ودعم جيبوتي جماعة شباب المجاهدين الصومالية الإرهابية ، منذ أيام سيطرتهم على مقديشو بقيادة شيخ شريف.
يضاف الى الهواجس المصرية تجاه إثيوبيا، بعد آخر يتعلق، بالمشاركة المصرية في تأمين خط الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب، بعد الخسائر المصرية الهائلة جراء تعطيل الجماعة الحوثية في اليمن لاهم المنافذ البحرية الدولية والذي يتحكم بنحو عشرة بالمئة من التجارة الدولية.
إن عبارة “رفض الممارسات المزعزعة للاستقرار” التي وردت في البيان المشترك، هي إشارة مبطنة إلى كل من الحوثيين في اليمن وطموحات إثيوبيا في الحصول على منفذ على البحر الأحمر. لكن مراقبين غربيين يرون ان الاستعجال المصري لوضع موطئ قدم عسكري في جيبوتي قبالة مضيق باب المندب، ربما يكون استعدادا لعملية برية دولية لإزالة الحوثيين من السلطة في اليمن بعد فشل الضربات الجوية الغربية في إيقاف الهجمات ضد سفن التجارة في المضيق.
قال البيان المشترك ان رئيسي مصر وجيبوتي يرفضان أي ممارسات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وأمن الملاحة وحريتها في البحر الأحمر، بوصفه ممراً ملاحياً حيوياً لحركة التجارة الدولية. وأشار البيان “إلى أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن ليضطلع بمسؤولياته الأصيلة في تعزيز التنسيق بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن”.
وفي اشارات واضحة الى توافق حول الصومال ورفض اتفاق أديس أبابا مع هرغيسا حول ميناء بربرة، رحب الرئيسان بـجهود دعم الأمن والاستقرار في الصومال، ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية، وبسط سيطرة الدولة على كامل ترابها.
رسائل البيان المشترك وجهت ايضا الى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وحكومته في بورتسودان، حيث “شدد الرئيسان على رفضهما التام لأية محاولات من شأنها أن تهدد وحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، بما في ذلك محاولة تشكيل حكومة موازية”، التي يستعد لإطلاقها الدعم السريع من عاصمة ولاية جنوب دارفور نيالا .


احتمالات الرد الاثيوبي:
ردود فعل إثيوبيا وإعلامها وضعت زيارة السيسي لجيبوتي ومجموعة الاتفاقات التي وقعها في المجالات المختلفة ومنها العسكرية، باعتبارها موجهة بصورة مباشرة نحو حصارها والحد من نفوذها في القرن الأفريقي وللحد من مساعيها للوصول إلى الموانئ على البحر الأحمر ، وهناك اشارات الى بدائل عن جيبوتي وموانئها وخطوط تجارتها الحيوية ، خاصة وأنها المورد الرئيسي لجيبوتي من مياه الشرب، وبإمكانها الاستغناء عن جيبوتي وتدعيم وجودها وحماية نفوذها ومعداتها وسفن تجارتها في ميناء بربرة في أرض الصومال التي تسيطر على 850 كيلومترًا مربعًا في البحر الأحمر.
كما ان أديس أبابا تملك ورقة اثارة القلاقل في جيبوتي باستخدام ورقة مظلومية القبيلة الكبرى الثانية في البلاد وهم العفر في مواجهة حكم قبيلة العيسى الصومالية بزعامة إسماعيل غيلة.
لم تتردد بعض المواقع الاعلامية الإثيوبية غير الرسمية عن الاشارة الى ان الجهد المصري لحصار إثيوبيا مصيره الفشل، وربما سيدفع الى إشعال فتيل الحروب والفوضى في منطقة القرن الأفريقي، خاصة وان موضوع الخروج من اليابسة إلى البر مسألة وجودية لأديس أبابا، وهناك اشارات اخرى تفيد الى ان اثيوبيا ربما تضطر الى بناء سد آخر الى جانب سد النهضة على نهر النيل الازرق والضغط على مصر في أهم شريان مائي لها.
خلاصة:
**تدرك مصر خطورة أي اختلال في التوازنات الأمنية بالقرن الأفريقي، ولذلك تأتي هذه الزيارة لتعزيز التنسيق الأمني والسياسي والشراكة الدفاعية والأمنية، في ضوء الحرب الدائرة في مضيق باب المندب التي تؤثر سلبا على عائدات قناة السويس والأمن القومي المصري.
** تحكم القاهرة حصارها الدبلوماسي على أديس أبابا من خلال تقوية علاقاتها مع المحيط الإقليمي لإثيوبيا- والسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي- في ظل حاجة أديس أبابا الوجودي لمنفذ بحري، في خطوة عنوانها العريض مياه النيل مقابل الخروج من عزلة اليابسة، الأمر الذي سيفرض على إثيوبيا إجراء مقاربات جديدة في محورها الإقليمي.
** يجمع المراقبون على ان سواحل البحر الأحمر بما في ذلك احتمالات حرب برية في اليمن لإنهاء جماعة الحوثي واخراجها من السلطة في صنعاء ، ولا يستثنى من ذلك تصعيد سياسي وعسكري خطر في منطقة القرن الأفريقي، وتحول النزاع الى حرب إقليمية.
** عامل آخر في التوتر الذي يمكن أن يفتحه التواجد العسكري المصري في جيبوتي، والذي يستهدف في أهدافه، إفشال اتفاق أثيوبيا مع إقليم أرض الصومال ، وهو الولايات المتحدة الأمريكية وإدارة دونالد ترامب ، التي لا تعارض حتى اللحظة التواجد الاثيوبي في ميناء بربرة ، وهو الاتفاق الذي رفضته إدارة الرئيس بايدن في السابق.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات