الصادق الفاضل يكتب:اداء ديوان المراجعة الداخلية: هل يحتاج إلى مراجع !
يشهد ديوان المراجعة الداخلية منعطف أزماته الإدارية والتنظيمية في ظل إستمرار تعيين مدير مكلف انشغل تمامًا عن مهامه الوظيفية الأساسية، مفضّلًا السفريات الخارجية والتمثيل في المحافل الدولية من تونس والمغرب ومصر وغيرها، ولا يخفى على القارئ سبب ذلك، لأنه على يقين بأن التكليف لن يدوم طويلا، ولأن البلاد في ظل حالة حرب ، تقل الرقابة ويسهل الإدعاء بأن تلك السفريات يقوم فيها بشرح والتحشيد الكلامي لموقف الحرب، وياتي ذلك على حساب المهام الاساسية كتطوير المهنة وتعزيز الرقابة المالية .
هذا التقصيرالمهني والوظيفي الذي يمكن أن يكون متعمدا خلق فجوة خطيرة بين الدور الرقابي المفترض للديوان وبين واقعه التنفيذي، وألقى بظلاله على مصداقية الجهاز الرقابي الأعلى في وزارة المالية الاتحادية.
حيث برزت تجاوزات موثقة بالأدلة والوثائق، من غياب كامل لتطوير المهنة وتعطيل الكفاءات، كنتيجة لانشغال المدير المكلف بالتمثيل الخارجي، جعل تطوير قدرات المراجعين مجرد شعار بلا تطبيق مع غياب للخطط التدريبية، تجاهل تحديث للآليات الرقابية، واهمال اتخاذ ما يلزم تجاه مخرجات التقارير، وكل ذلك انعكس سلبًا على جودة الأداء الرقابي حتى داخل الديوان.
في خطوة تثير الإستغراب، قام الديوان بترقية أحد المراجعين من الدرجة السابعة إلى الخامسة رغم تجاوزه السن القانونية للمعاش، حيث تؤكد شهادة ميلاده الصادرة من السجل المدني أنه من مواليد20/11/1959!،الأخطر من ذلك أن هذا المراجع ما زال يعمل في بعثة خارجية، وتمت هذه الترقية بتدخل مدير المراجعة الداخلية المكلف،ومدير شؤون العاملين.
إذا عرف السبب بطل العجب تم ذلك لان المراجع الذى تمت ترقيته تربطه صلة قرابة بمن يشغل منصب مهما بالحكومة، في خرق صريح لقوانين الخدمة المدنية واللوائح المالية.
لسنا مع الحرب ولاندعو لوقفها لكن يظل إحترام قوانيين الخدمة امر مقدسا، وفى حالة إخري تمت ترقية مدير قسم خارج الخدمة، كان قد تم إنتدابه قبل الحرب الى العمل مع قوات الدعم والسريع، وكان قد واصل العمل مع الدعم السريع لفترة، ليتم ترقيته من الدرجة الرابعة إلي الثالثة، والمغزي هنا ان هنالك كيل بمكيالين، ففي الوقت الذي يتم فصل تعسفي لحالات مشابهة ولآخرين بحكم انهم منحدرون من اثنيات تم وصمها اثنيا وجغرافيا بانتماءهم للدعم السريع يتم ترقيه هذا المراجع، ولا حوجة لشرح الاسباب لان القانون اصبح يطبق وفق المصالح، والمفارقة أن هناك قرارًا واضحًا وصريحًا صادرًا عن وزارة الحكم المحلي الاتحادي برقم ح أ/م و/48/أ/1، يقضي بـ: إيقاف أي موظف في الخدمة المدنية يثبت تعاونه مع قوات الدعم السريع عن العمل فورًا.” كما اشرت لسنا مع الحرب واطرافها لكن يجب الالتزام بتطبيق ما صدر من تلك الجهات دون تمييز، فهاهو المراجع الذي جاءته الترقيه تتهادي، يتمتع بكامل استحقاقاته المالية بشكل طبيعي وكأن شيئًا لم يكن!
حالة ثانية لمراجع تحول من الامدادات الطبية ليشغل منصب وزير زراعة في إدارة مدنية تابعة للدعم السريع بجنوب دارفور،لم يكلف الديوان نفسه بإستدعائه وفقا للقرار السابق ومازالت مستحقاته مستمره حتى كتابة هذا المقال. السؤال هنا من تستر على الامر، وماهو المقابل، هل جزء من المرتب الشهري أم ماذا ؟
وفي وقت سابق كان قد أعلن مجلس الوزراء عن فتح باب التقديم لشغل وظائف قيادية عليا (مدير عام ديوان المراجعة الداخلية) عبر منافسة عامة، وتم الامر منذ ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤م لكن حتى اللحظة لم يتم الكشف عن نتائج الاختيار أو تفاصيل التعيينات!لماذا ؟ هذا التعتيم يفتح باب الشكوك حول الشفافية ونزاهة الإجراءات داخل الديوان، ويطرح سؤالًا محوريًا انه كيف يمكن لجهاز رقابي أن يفرض معايير الشفافية على الآخرين، بينما هو نفسه يمارس المحسوبية ويخالف القوانين!!!
إن ما يتم داخل ديوان المراجعة الداخلية لم يعد أمرًا يمكن السكوت عنه. وعليه، ويتطلب تدخلا من السلطات المالية، باتخاذ خطوات حاسمة وسريعة لإيقاف هذا الانهيار الإداري من خلال، مراجعة اداء المدير المكلف والشروع في تعين مدير غير مكلف يتم اختياره من داخل الديوان، على أن يمتلك الخبرة المهنية والكفاءة العملية بعيدًا عن المصالح الشخصية والسفريات الخارجية.، مراجعة كافة القرارات الصادرة عن المدير المكلف والتأكد من توافقها الخدمة المدنية، وعدم الكيل بمكيالين فى حال العمل خارج الاطار الوظيفي، تطبيق قرارات وزارة الحكم المحلي الاتحادي، لا سيما القرار ح أ/م و/48/أ/1، القاضي بإيقاف جميع الموظفين الذين مع قوات الدعم السريع دون تطبيقه على البعض وحرمانه من راتبه واعفاء البعض الاخرأو الغاء القرارات، ومحاسبة المسؤولين الذين تطالهم شبه تورط في التغطية على المخالفات والترقيات المشبوهة،تعزيز مبادئ الشفافية والرقابة الداخلية، حتى يصبح الديوان نموذجًا يُحتذى به في الأمانة والمهنية.
*الخلاصة*
إن الوضع الراهن في ديوان المراجعة الداخلية يمثل قنبلة موقوتة تهدد مصداقية الجهاز الرقابي الأهم في وزارة المالية.
استمرار التعيينات المكلفة والترقيات غير المخالفة والتستر على المتعاونين مع جهات عسكرية دون أي محاسبة أو شفافية، يضع سمعة الديوان على المحك.
الإصلاح هنا لم يعد خيارًا… بل واجب وطني عاجل، لحماية مؤسسات الدولة وضمان تطبيق العدالة، حتى تستعيد الرقابة الداخلية مكانتها وهيبتها.
# محاربه_ الفساد
# الشفافيه
# وقف الحرب