السبت, أغسطس 23, 2025
الرئيسيةمقالاتالصادق علي حسن يكتب :حكومة التعايشي الافتراضية متاهة جديدة في الأزمة السودانية.

الصادق علي حسن يكتب :حكومة التعايشي الافتراضية متاهة جديدة في الأزمة السودانية.

الصادق علي حسن يكتب :حكومة التعايشي الافتراضية متاهة جديدة في الأزمة السودانية.

ماهية الوثائق التي سيتقدم بها رئيس وزراء تأسيس للأمم المتحدة أو الإتحاد الإفريقي أو للدول منفردة ليطالب بالإعتراف بحكومته (٤) .
بقلم الصادق علي حسن

أعيان مدينة الفاشر المحاصرة يأكلون الأمباز .

اتصل بي الدكتور آدم إدريس وهو من أبناء دارفور المهمومين بالقضايا العامة وقضايا دارفور ، عمل د.آدم إدريس بالمحاماة ،وبالمفوضية القومية لحقوق الإنسان ،ومحاضرا بالجامعات السودانية، ظل أكاديميا وقانونيا ملتزما بقواعد ورسالة المهن التي عمل بها، حريصا على حقوق الإنسان ،بعيدا عن الممارسات الشائهة التي سادت أوالإصطفاف القبلي أو الجهوي الضيق الذى طغى على المجتمع السوداني ، بعد طول إنقطاع منذ نشوب الحرب العبثية الدائرة ،تلقيت إتصالا من د آدم إدريس الذي لا يزال بمدينة الفاشر المحاصرة، وهو يتحدث بحسرة من داخل المدينة المنكوبة ، قال لي في حزن شديد (عليكم الله أن تجتهدوا لتفعلوا شيئا تجاه إنسان الفاشر والأوضاع الإنسانية المتأزمة) ، وقال (وأنا اتحدث إليك هناك بالقرب من مكاني أرى احد أعيان مدينة الفاشر يأكل في الأمباز ، وذلك آخر) ، ووأصل وفي عباراته مرارة الإحساس بالألم الشديد ( تخيل هكذا الأوضاع ، أعيان مدينة الفاشر يأكلون الأمباز الذي قد لا تأكله البهائم) ، قلت له ،ولكن ما العمل ؟ ، قال (لقد اتصلت بك لتتحركوا وتفعلوا شيئا ، تطلقوا النداءات والمناشدات) ، قلت له (سمعت بأن سكان الفاشر غادروها ولم يتبق بها سوى جنود الجيش والمشتركة والقليل جدا من المواطنين وقبل أكثر من ثلاثة أيام استشهد المحاسب أيوب عيسى محمد شريف ابن عم وزوج أبنة ابنة خالتي سارة الموظف بوزارة التخطيط العمراني، وعلمت انه أستشهد مع زميلته في الوزارة إثر سقوط دانة عليهما وهما يقومان بعملهما بالوزارة ، أصحيح الوزارة تعمل بدوامة متقطعة بحسب ظروف وأوضاع المدينة المحاصرة؟) . قال لي (لقد حاولت مع آخرين اسعاف الشهيد أيوب بعد أصابته وقمنا بمواراة جثمانه بعد وفاته ، وبمدينة الفاشر من سكانها المدنيين الذين رفضوا مغادرتها مئات الآلاف ، قد يكون العدد المتبقي حوالي مليون أو أقل منه ، تسعمائة الف أو ثمانمائة الف أو سبعمائه الف مدنيا ، فالعدد المتبقي قد لا يقل عن ذلك العدد المذكور ، كما ان والوجبة الأساسية صارت الأمباز ، وحتى الأمباز يتناقص يوميا، والحصار المضروب على إنسان الفاشر مستمرا، وتضاعفت شدة المعاناة وصارت آثارها تزداد يوميا مع قسوة الجوع والمرض والعطش ) . هكذا صار حال إنسان الفاشر، مدينة السلطان العريقة ، ويطالب د الهادي إدريس والطاهر حجر سكانها بالخروج منها إلى طويلة ومناطق آخرى، وسكان المدينة الصامدة ، يتمسكون بالبقاء بمدينتهم، كما وغالبيتهم ليست لديهم أي علاقة لا بالحركات المسلحة، ولا بالمشتركة، ولا بالفلول، ولا بالدعم السريع، ولكن صارت الحرب العبثية تدار على رؤوسهم وآثروا البقاء في منازلهم، ولكل فرد منهم أو أسرة تقديراتها بالبقاء وعدم المغادرة رغم قسوة المعاناة .

المطالبة بالنزوح إلى منطقة طويلة :

حينما اندلعت الحركات المسلحة في ٢٠٠٣م ، وأعلنت مواجهة الطاغية البشير، وجدت دعوة الحركات الاستبشار من غالبية إنسان دارفور ، فنظام الطاغية البشير برعونة وحماقة متناهية خلق الأزمات في كل السودان ، وخص إقليم دارفور بالفتن والمشكلات القبلية، وصناعة الأزمات والمجموعات المسلحة ومنها الدعم السريع الذي اصدر له البشير من برلمانه قانون الدعم السريع في عام ٢٠١٧م ، فصار للدعم السريع جيش خاص بالقانون ، لحماية البشير ونظام حكمه . لقد نظر إنسان دارفور لقيام الحركات المسلحة بمثابة الترياق في مواجهة جبروت نظام البشير ، الذي ظل يجاهر متحديا بالقول (الجاك مشمر قابلوه عريان) كما وقال مغترا (من يريد السلطة فليحمل السلاح)، لقد برع البشير مع حزبه المؤتمر الوطني في إضعاف الأحزاب السياسية وخلختها من داخلها ، وتقسيمها ، واستقطاب قيادتها الرخوة، فضعفت تأثيراتها على جماهيرها وعلى الرأي العام ، وخلا أمر الدولة للمؤتمر الوطني، حتى بعد المفاصلة الشهيرة في ١٩٩٩م ظل حزب المؤتمر الوطني مهيمنا على الدولة التي صارت اقطاعية لجماعة المؤتمر الوطني وحركة الإسلام السياسي. لم يكن الإنضمام لهذه الحركات المسلحة يحتاج إلى دعوة ، وقد وجدت القبول الضمني، واتخذت مساندة الحركات عدة طرق ووسائل بعد أن اعلنت حركة تحرير السودان عن نفسها بقيادة الأستاذ عبد الواحد النور رئيسا والقائد خميس عبد الله ابكر نائبا له والقائد عبد الله ابكر أمينا عاما وكان السيد مني أركو مناوي يشغل مهام مدير مكتبه، وفي الخرطوم نشط الحاج عثمان البشرى بخلفيته التنظيمية في حركة اللجان الثورية وآدم علي شوقاًر وآخرين لاستقطاب الجهود والمساندة للحركات المسلحة، وعلى الرغم من تصوير وسائل الإعلام المحلية والعالمية للحرب الدائرة في دارفور منذ اندلاعها بين نظام المؤتمر الوطني والحركات المسلحة بالحرب الدائرة بين الحزب المذكور وحركات مسلحة تمثل (الفور والزغاوة والمساليت)، وقد قام النظام البائد باستهداف معاقل تمركز القبائل الثلاث المذكورة في دارفور بالعمليات الحربية والقصف الجوي وتهجير القرى ، ولكن ظلت مساندة غالبية إنسان دارفور للحركات المسلحة من منطلقات المظالم التي وقعت على دارفور خاصة وإنسان السودان بصورة عامة ،وقد تطورت الحركة الرئيسة في خطابها من حركة تحرير دارفور إلى حركة تحرير السودان، ولكن المؤسف حقا بعد سنوات قلائل من الكفاح تشظت هذه الحركة الرئيسة ،وانشقت إلى حركات ، وصارت الحركات المنشقة أشبه ما تكون بالحركات التي تستخدم رمزية القبيلة وخشوم بيوتها ، لتحصل من خلالها على محاصصة المشاركة في السلطة والحصول على المنافع الآخرى .
لقد كانت مساندة غالبية إنسان دارفور للحركات المسلحة، لتساهم في تصحيح الأخطاء الفادحة الناتجة بفعل ممارسات حزب المؤتمر الوطني ، وكان غالبية أبناء دارفور وغيرهم من الديمقراطيين يستجيبون لمطالب هذه الحركات وهم ليسوا من ضمن عضويتها ، عقب مفاوضات ابشي الأولى في عام ٢٠٠٤م تلقيت مكالمة من نائب رئيس حركة تحرير السودان القائد خميس عبد الله أبكر (الشهيد خميس والي ولاية غرب دارفور)، يطلب مني ضرورة الحضور إلى اسمرا ، ثم وصل احد الأشخاص من طرفه إلى مكتبي بالخرطوم وعرفني بنفسه ، وطلب مني الذهاب إلى سفارة دولة إريتريا بالخرطوم للحصول على تأشيرة الدخول والسفر إلى اسمرا ، لم اتردد في الذهاب إلى سفارة دولة إريتريا بالخرطوم ٢ وقتذاك ،وعند الخروج من مباني السفارة تم اعتقالي، ولهذه قصة ، سافرت إلى اسمرا عبر صنعاء على نفقتي الخاصة ، وكنت قبل ذلك اتابع مع زميلي المحامي الأستاذ إسماعيل عمر إدريس أمر مغادرته الذي علمت أنه سيتم مع احد الشباب من أبناء دارفور يسمى بالهادي إدريس ، لم يسبق لي أن التقيت بالهادي إدريس المذكور ولا اعرفه، وقد تأخر في آخر لحظة وسافر الأستاذ إسماعيل عمر لوحده إلى أسمرا، وحينما وصلت إلى اسمرا بعد ذلك نتيجة للتأخير بسبب الإعتقال ، وجدت أن حركة تحرير السودان الموحدة تحت قيادة عبد الواحد النور قد انقسمت جراء إنعقاد مؤتمر حسكنيتة ، وصارت هنالك حركتان ، الأولى الأم بقيادة الأستاذ عبد الواحد النور ونائبه خميس أبكر والآخرى المنشقة عنها بقيادة مني أركو مناوي ، كما في اسمرا علمت بوجود د. الحاج آدم يوسف مسؤول المؤتمر الشعبي والذي دعاني إلى مقر سكنه بأسمرا (بضاحية جرمان هاوس) ،وعلمت منه بالأوضاع ، والتقيت بالدكتور شريف حرير بفندق الخرطوم بوسط أسمرا ، بعد عودتي إلى الخرطوم تلقيت إتصالا من الحاج عثمان بشرى يطلب مني السفر إلى انجمينا ،وسافرت إليها بلا تردد بالبر ،وصلت إلى الجنينة ثم ادكونق الحدودية مع تشاد ، وصولا إلى أدري التشادية ، ثم تحركت إلى فرشنا وعاتية وابشي وفي انجمينا التقيت بآدم علي شوقار وكان الوسطاء الدوليين يقومون بتجميع قيادات الحركات للمشاركة في مفاوضات ابشي في جولة جديدة ، ثم ظهرت الدعوة لمفاوضات ابوجا بواسطة الرئيس النيجيري وراعي الوساطة عن الإتحاد الإفريقي الرئيس ابو سانجو، وفي ضاحية بانجمينا التقيت بالقادة الميدانيين للحركات الذين كما عرفت منهم انهم كانوا يعرفون بعضهم البعض من خلال التواصل بأجهزة الثريا ،ولأول مرة التقوا في إنجمينا ، ثم عدت إلى الخرطوم، وبعد أكثر من عام توجهت مع استاذ الدومة إلى ابوجا في زيارة أهدافها من شقين هما الأول المذكرة التي تقدمت بها هيئة محامي دارفور وتسلمها الرئيس النيجيري اوباسانجو راعي الوساطة عبر سفير دولته بالخرطوم، وقد أطلق عليها المذكرة الأولى التي وصلت من أصحاب المصلحة، والثاني النظر في مدى إمكانية تسوية بوادر الخلافات التي نشبت بظهور بوادر إنشقاق مجموعة جديدة برئاسة خميس عبد الله ابكر نائب رئيس حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد وكان معه القادة جار النبي عبد الكريم ، وداؤود حريقة، وسليمان جمل، وسليمان مرجان ،وإسماعيل عمر إدريس وآخرين (مجموعة ال ١٩)، كانت وجهة نظرنا للمجموعة المذكورة، بعدم الانشقاق الثاني عن الحركة الأم والإبقاء على رئاسة وقيادة الأستاذ عبد الواحد وعدم تكرار تجربة انشقاق مني أركو مناوي، ولكن حدث الانقسام، ثم تكررت الانقسامات ،ووصلت حتى مرحلة د. الهادي إدريس وقد صارت الانقسامات من الظواهر. فالإعلان عن تكوين حركة مسلحة أسهل من تكوين شركة أو تسجيل إسم عمل ، وصارت قيادات الحركات المتوالدة مهتمة بالسلطة وتناست أسباب حملها للسلاح، لدرجة قيام د. الهادي إدريس بدعوة إنسان مدينة الفاشر لمغادرتها إلى طويلة وأماكن آخرى، وهو الذي يفترض أن يكون قد حمل السلاح من أجل إقرار المطالب العدالة والمتساوية في الدولة السودانية، وليس إجبار إنسان مدينة الفاشر للنزوح منها من خلال الحصار المضروب عليها . لقد أصدرت حركة تحرير السودان بقيادة الاستاذ عبد الواحد النور إعلانا للمنظمات لأغاثة ونجدة الفارين من الحرب الذين لاذوا إلى المناطق الخاضعة لسيطرته ، فهل د. الهادي إدريس والطاهر حجر يمتلكان المؤن الغذائية والدواء لآلاف النازحين، حيثما ذهبوا إلى المناطق التي حددوها لتنزيح إنسان الفاشر، وإذا كانت حيثيات دعوة عبد الواحد مبررة، فهو ليس من أطراف الحرب ، فماهية حيثيات ومبررات د. الهادي إدريس والطاهر حجر ، وهل الخروج من مدينة الفاشر حتى يتم حسم الصراع الدائر حولها ، وإذا تم حسم ذلك الصراع لصالح الدعم السريع حليف الهادي إدريس والطاهر حجر، هل سيتم ذلك لتغييب إنسان الفاشر عن مدينته وتنزيحه منها ليسهل ذلك الحسم ، ثم لاحقا بعد ذلك الحسم مطالبته بالعودة إليها ، وهل سيقبل إنسان الفاشر بعد ذلك بالعودة إليها، ليحكمه د. الهادي إدريس عن تحالف تاسيس وقد أكل أعيان المدينة الأمباز ، وترملن النساء وتيتم الأطفال من أجل المقاومة ؟ ، أم ماذا في خيال الهادي وحجر بشأن أمر المدينة إذا صارت مهجورة .

تناقضات الهادي إدريس والطاهر حجر .

إن الوضع الصحيح بقاء إنسان الفاشر في مدينته، ومعالجة أزمة الحرب والأزمة السودانية من دون إدراج إنسان مدينة الفاشر أو غيرها من المدن الآخرى ضمن أدوات الحرب الدائرة ، والاستفادة من تجربة الدعم السريع الذي تخلى عن الخرطوم بعد أن خسر الموقف الأخلاقي، بالاصرار على ربط خروجه من منازل المواطنين بالخرطوم بأجندة وشروط المفاوضات ، وخرج الدعم السريع من منازل المواطنين بالخرطوم وبلا موقف أخلاقي يمكن أن يشفع له .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات