الصادق علي حسن يكتب :د. مصطفى أبوبكر من ملهمي شباب لجان المقاومة
بقلم : الصادق علي حسن
في أنشطة العمل العام تعرفت على الكثير من الأسماء في المجتمعين السياسي والمدني السوداني ، هنالك من جيل المخضرمين قلة ساهمت في تطوير فكرة المقاومة المدنية وسط شباب الثورة (نظريا وعمليا) وعلى رأسها د مصطفى أبوبكر الذي كان كل همه ونشاطه الدؤوب من أجل مستقبل أفضل لشباب الثورة وبلاده، لم يطرح د مصطفى أبوبكر نفسه على الإطلاق من أجل الوصول إلى المناصب والغايات الذاتية ، ظل متواجدا بالعمل والنشاط الميداني وسط أجيال الثورة خاصة الشباب وهو في عقده السابع ومن فرط نشاطه المستمر بلا كلل أو ملل في قضايا الثورة لكأنه من جيل الشباب، معرفتي بالدكتور مصطفى أبوبكر تعمقت حينما نقل لي بعض من شباب المقاومة وكانت المقاومة الشبابية التي تصدرت الشارع قد بدأت بمجموعة صغيرة محدودة ثم توسعت وتعددت ، وقد نقل لي بعض أولئك الشباب بأن دكتور مصطفي أبوبكر هو من يتولى عنهم إجراءات الضمان في البلاغات المفتوحة ضدهم، فأتصلت عليه مرة لضمان عشرة من المقبوضين من شباب الثورة ولم يتردد وكانت اجابته (أنتو وين) فقلت له في القسم الشمالي ثم اتبع إجابته نصف ساعة بكون معكم بالقسم وبالفعل كان معنا خلال المدة المذكورة وأكمل الضمان وتم الإفراج عن المقبوضين بالضمان توطئة لتحويلهم للمحاكمة بالتهم المفبركة المقيدة ضدهم ، ثم تمت دعوتي من قبل بعض شباب المقاومة لإجتماعات بمنزل د مصطفى وكانوا يوجهون الدعوات لإجتماعات ينظمونها بمنزله وقد صاروا أصحاب الدار، وكان د مصطفي أبوبكر يقوم بالضيافة والأنشطة التي عجزت التنظيمات السياسية والمدنية عن القيام بها ، صار د مصطفى أبوبكر بأعماله ونشاطه الثوري الأب الروحي والملهم للعديد من شباب لجان المقاومة ، ومن خلاله وبمنزله بالرياض تعرفت على العديد ممن لا اعرفهم من شباب لجان المقاومة كذلك في الإجتماعات واللقاءات الراتبة التي كان ينظمها مع آخرين لشباب لجان المقاومة من كل مناطق ولاية الخرطوم ، لقد ساهم د مصطفى أبوبكر بقدر معتبر في رفع وتعزيز قدرات شباب المقاومة ومعه رفاقه الذين كانوا يؤمنون بقضايا الثورة ومطالب شبابها ، منزل د مصطفى بالرياض ومنازل أخرى بالرياض والطائف وغيرها كانت مراكز اشعاع لشباب قوى الثورة يتجمعون فيها من أطراف مدن العاصمة المثلثة مع رصفائهم من شباب وسط الخرطوم والأحياء الراقية ، وعقب كل إجتماع أو لقاء تجد د مصطفى مع زملائه يقومون بالوقوف على عودة شباب لجان المقاومة إلى مساكنهم البعيدة وتوزيعهم على السيارات المتوفرة لتقلهم بحسب وجهاتهم المكانية وتوفير مبالغ المواصلات للذين لا تتوافر سيارات لمناطقهم البعيدة، لقد ظل د مصطفى ينشط في تنظيم المنتديات للجان المقاومة، هذه المنتديات كانت تبحث في كل القضايا العامة بالبلاد وتناقش فيها أوراق العمل في الشؤون الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والوضع الراهن بالبلاد بصورة منتظمة وكانت غالبية قيادات الأحزاب مشغولة بالتصريحات والظهور في أجهزة الإعلام ، ومن خلال تلك المنتديات وقفت على التطور الذي حدث لدى قطاعات عريضة من شباب المقاومة، كان الذين يشاركون فى هذه المنتديات يأتون إليها بروح العمل الجماعي وتجاوز حالة الخلافات بين شباب لجان المقاومة والعمل من أجل تحقيق الهدف المشترك للثورة وشعارها (حرية /سلام/ عدالة). من المشاهد المعبرة ذهبت لمناسبة عرس إبنة د مصطفى باحدى صالات مناسبات الخرطوم ووجدت بالصالة شباب لجان المقاومة أكثر من ذوي أهل المناسبة بل كان هؤلاء الشباب يستقبلون الضيوف من أهل العروسين.
هيئة محامي دارفور كانت تقدم العون والمشورة للعديد من لجان المقاومة بمدن وأحياء ولاية الخرطوم وتوطدت علاقات أعضاء الهيئة بشباب المقاومة، ولكن مع ذلك اتاحت معرفتي بالدكتور مصطفي ابوبكر فرصة التعرف على العشرات من شباب لجان المقاومة وأسرهم، فبمثلما ظل د مصطفى أبوبكر حاضرا في الخروج بصينية باشدار بالصحافة بتوقيت ساعة الثورة تجده كذلك في شارع القصر وفي المؤسسة ببحرى وفي أمدرمان صينية الأزهري، كما وتجده في الساعات الأولى من الصباح متوجها إلى منزل أسرة من شباب لجان المقاومة ليبحث مسألة أسرية عاجلة أو مشكلة من مشاكل الشباب الثوار ، لا أزال اذكر ان أتصلت به للحضور لإكمال إجراءات ضمان طالبة بالمستوى الأول بالجامعة وكانت متهمة ضمن بلاغ مقتل عميد الشرطة الذي قتل في إحدى مسيرات لجان المقاومة (قضية توباك وآخرين) وبالفعل وصل وتنقلنا ما بين مكتب التحقيقات الجنائية بالخرطوم بحرى والنيابة الجنائية وقسم شرطة الخرطوم شمال، وقام بعد الصبر لساعات طويلة على تماطل وتقاعس شرطة التحقيقات الجنائية والنيابة بإكمال إجراءات الضمان وتدخلت جهات أمنية مما أدى إلى تأخير الإفراج عن الطالبة المذكورة ،وحينما تم الإفراج مساءً كانت الطالبة خايفة جدا من الذهاب إلى منزل أسرتها بالدروشاب وهي متهمة بالاشتراك في جريمة قتل عميد الشرطة كما كان والدها بالسعودية والذي كان يشجعها سابقا على الخروج في المسيرات قد ضاق ذرعا من أحاديث الأسرة الممتدة وهو المتدين المحافظ على التقاليد الأسرية كما وكان شقيق الطالبة من منسوبي أنصار السنة، اتصلت وقتذاك بالدكتور محمد جلال هاشم الذي ترك كل مشغولياته وحضر على الفور وذهبنا وفي معيتنا الأستاذة نفيسة حجر والأستاذة سعاد عبد الكريم لمنزل أسرة الطالبة بالدروشاب ، ومن خلال تطمينات د مصطفى أبوبكر ود محمد جلال هاشم هدأت الأم والخالة والأخت وكن يجهشن بالبكاء بصورة مؤثرة ، لقد تعرف د محمد جلال هاشم على أهالي الطالبة بمنطقة حفير مشو بالشمالية وخرجنا في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي للعودة مرة أخرى في المساء ،ولم تنقطع زيارات د مصطفى لتلك الأسرة ولا لأسر رفيقاتها الثائرات اللاتي كان د مصطفى يتابع شؤونهن من أمثال رفقة صائدة البمبان.
من كثرة تردد د مصطفى على أقسام الشرطة والنيابات الجنائية لتقديم الضمان للمقبوضين في البلاغات المفتوحة ضدهم رفعت الأجهزة الأمنية تقاريرها عنه وتم إصدار توجيه بقسم شرطة الخرطوم شمال مخالفا لقواعد ونظم الضمان المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بأن يقوم ضامن الثوار بضمان عدد محدود في أي بلاغ جنائي مفتوح ضد الثوار ، لقد كان ذلك الإجراء المخالف لنظم الضمان مفيدا من ناحية أخرى وقد دفعت بآخرين للتحرك و الإنضمام لضمان الثوار.
د. مصطفي أبوبكر الآن لاجئا مثل غيرنا وقد وصل مؤخرا إلى القاهرة ، لم يتخذ من العمل العام ونشاطه والنضال المستمر وسط لجان المقاومة وتفانيه من أجل الثورة سلم من سلالام الوصول إلى غايات ذاتية، فالتحية لهذا الرجل السامق بأعماله الجليلة والذي أسس لثقافة العمل الثوري النظيف وسط شباب قوى المقاومة ، كما والتحية للدكتور محمد جلال هاشم وقد تفرقت بنا السبل .