الثلاثاء, أكتوبر 21, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالصدمة النفسية للمفقودين تضرب النساء والأطفال بقسوة في السودان

الصدمة النفسية للمفقودين تضرب النساء والأطفال بقسوة في السودان

الصدمة النفسية للمفقودين تضرب النساء والأطفال بقسوة في السودان

كتب:حسين سعد
كشفت الدكتورة مروة محمد إبراهيم، إخصائية الإرشاد والعلاج النفسي من الصدمات، عن الأثر النفسي العميق الذي تخلفه حالات فقدان الأزواج أو الآباء أو الإخوة على النساء والأطفال في السودان، مشيرةً إلى أن الانعكاسات النفسية لهذه الصدمات تتجاوز حدود الحزن إلى اضطرابات حادة تؤثر على الصحة النفسية والجسدية على حد سواء.
وقالت الدكتورة مروة في حديثها إن النساء والأطفال أكثر عرضة للتأثر النفسي في حال الفقد، وذلك لأن التعبير العاطفي لديهما أقوى من الرجال، ما يجعل وقع الصدمة عليهم أشد وأعمق. وأضافت أن الفقد القسري — أي اختفاء الشخص دون معرفة مصيره — يترك جرحاً نفسياً مفتوحاً، إذ يعيش ذوو المفقود حالة من الحزن العميق والارتباك العاطفي، بين الخوف والقلق واليأس والرجاء في آنٍ واحد.
وأوضحت أن الأثر النفسي للفقد القسري يتجلى في الحزن الشديد، والبكاء المتكرر، والقلق المستمر، والخوف من المجهول، إضافة إلى اضطرابات النوم، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية، والغضب. وغالباً ما تتطور هذه الحالات إلى أمراض نفسية مزمنة أو حتى مشكلات عضوية مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، واضطرابات الجهاز الهضمي، نتيجةً للضغوط النفسية الطويلة الأمد.
وأشارت مروة إلى أن المشاعر المتناقضة تعد من أبرز ما يواجه أسر المفقودين، حيث يتأرجحون بين الأمل والخذلان. فـ”الإحساس بالأمل” يتمثل في الاعتقاد بأن المفقود ما زال على قيد الحياة وقد يعود يوماً ما، بينما “الإحساس بالخذلان” يظهر عندما تكتشف الأسرة أن الشخص المفقود قد قُتل أو تعرض لإعاقة جسدية أو نفسية بسبب التعذيب أو التجويع أو المعاملة غير الإنسانية.
وأضافت أن الشعور بالذنب يمثل وجهاً آخر للألم النفسي، خصوصاً عندما تشعر الأسر بالعجز عن إنقاذ ذويها أو حمايتهم بسبب ضعف الإمكانات المادية، أو عدم قدرتها على مغادرة مناطق الحرب أو تجنب المجموعات المسلحة التي تقوم بعمليات الاعتقال القسري.
وأكدت مروة أن معالجة هذه الحالات تتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً عاجلاً، إلى جانب توفير آليات وطنية للبحث والكشف عن المفقودين، لأن معرفة الحقيقة، حتى وإن كانت مؤلمة، قد تساعد الأسر على بدء عملية التعافي والتصالح مع الفقد، بدلاً من البقاء في دائرة الانتظار والصدمة المستمرة.
وترى الدكتورة مروة محمد إبراهيم أن قضية المفقودين في السودان تمثل واحدة من أشد الجراح الإنسانية المفتوحة التي ما تزال تؤرق آلاف الأسر، خاصة في ظل الحرب الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وما نتج عنها من عمليات اختفاء قسري واعتقالات غير معلنة في مناطق النزاع المختلفة. وتشدد على أن الجانب النفسي لهذه القضية لا يقل خطورة عن بعدها القانوني والحقوقي، إذ تعيش الأسر في دوامة من الانتظار الطويل، بين الأمل في عودة أحبائها والخوف من سماع خبر وفاتهم.
وتضيف أن تضمين قضية المفقودين ضمن أولويات العدالة الانتقالية خطوة ضرورية من أجل الاعتراف بمعاناة الضحايا وذويهم، وإرساء أسس المصالحة المجتمعية الحقيقية. كما تدعو إلى إنشاء مراكز دعم نفسي متخصصة لعلاج الصدمات التي خلفتها الحرب، لاسيما لدى النساء والأطفال الذين فقدوا معيلهم أو تعرضوا لتجارب قاسية.
وختمت مروة بالقول إن معرفة الحقيقة هي البداية الحقيقية للشفاء النفسي والجماعي، لأن استمرار الغموض والإنكار يزيد من نزيف الألم، ويجعل من قضية المفقودين اختباراً أخلاقياً للدولة والمجتمع معاً، في كيفية التعامل مع ذاكرة الفقد والإنسانية المجروحة في السودان

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات