العائدون إلى الخرطوم .. مدينة بلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات وغياب للأمن
الهدف : خاص
الكثيرون يتحدثون أن الحملات المكثفة الداعية للعودة إلى الخرطوم مجرد فخ إعلامي، حيث وجد الكثير من العائدين أنفسهم في مدينة بلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات وبلا أمن.
عاد الكثيرون ليجدوا أشباح الموت والجوع والخذلان في استقبالهم، سلطات يعوي أعلامها الكذوب أن العاصمة عادت كما كانت، دون ان يعلمونا أن الخرطوم لا تزال ساحة ح.رب، وموت ودمار.
من يعود للخرطوم سيجد هنالك أنماطا واسعة من الانتهاكات تُرتكب بحق المدنيين، وتشمل القتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب الجسدي والنفسي.
ملاحقات أمنية:
ناشطون تعرضوا لملاحقات واعتقالات تعسفية من دون توجيه تهم، وبعضهم لا يزال يقبع داخل معتقلات الأجهزة الأمنية.
مراسل الهدف تجول في العديد من أحياء أم درمان والخرطوم ورصد بعض من مظاهرها.
مصطفى عوض، وهو أحد العائدين مؤخرا إلى بيته في منطقة أم بدة السبيل غرب أم درمان، يقول بعد غياب دام 26 شهرا من القتال، عدت لأجد منزلى منهوب بالكامل ومعظم بيوت الحي.
منذ عودتي وأنا أعيش في حالة من الرعب الشديد، حيث يتجول مسلحون مجهولو الهوية في الشوارع ويتعاملون مع المارة بعنف شديد… البعض يفقد حياته بكل سهولة بسبب الانفلات الأمني.
هنالك أشخاص يلبسون ملابس عسكرية ينهبون كل ما تملك، حتى لو كان ثمن رغيف الخبز الحافي.
ويضيف: “الأوضاع المعيشية تزداد سوءا.. لم يعد بإمكاننا الحصول على احتياجاتنا الأساسية من غذاء ودواء، ليس بسبب الندرة وحدها بل بسبب ارتفاع الأسعار وشح المال لدى معظم السكان الذين يعيشون على الكفاف.
سطو مسلح:
تكررت حوادث السطو المسلح في عدة مناطق من العاصمة، كما أن ظاهرة سرقة الأثاث المنزلي من قبل عناصر من الجيش والتي تعرف شعبياً “بالشفشفة” مستمرة واصبحت عادية لا يحكيها الناس.
“الهدف” تجولت داخل أحد أحياء الخرطوم، المدينة شبه خالية من السكان، على غرار معظم مناطق العاصمة. قلة من الناس يمكن ملاحظتهم وهم يتجوّلون ويحملون أوعية بحثاً عن مياه الشرب.
لطالما كانت الأحياء السكنية، والشوارع، والأسواق مزدحمة ومليئة بالحركة، حيث كان يعيش في العاصمة أكثر من 10 ملايين شخص قبل اندلاع الح.رب.
بعد سيطرة الجيش على العاصمة بأكملها، قررت بعض العائلات النازحة واللاجئة خارج البلاد العودة إلى ديارها مرة أخرى.
كانت منطقة اللاماب جنوب الخرطوم، والتي تضررت بشكل كبير من الحرب، مسرحاً لاشتباكات مباشرة بين الجيش وقوات الد.عم الس.ريع، في مسعى من الأخيرة للسيطرة على سلاح المدرعات.
استخدم الطرفان معظم أنواع الأسلحة الثقيلة، بما فيها المدافع الكبيرة والطيران الحربي.
المباني السكنية والمرافق الحيوية تعرضت لدمار هائل.
لم تتوقع أسرة عبد العظيم ، حجم الضرر الذي لحق بمنزلهم، بعدما عادت الأسرة بعد عامين من النزوح إلى وجهورية مصر بسبب المعارك التي شهدتها المنطقة. يقول منزلنا تدمر بشكل كبير، عزاؤنا الوحيد أنهم ما زالوا أحياء.
هياكل سوداء؛
بعد أشهر من النزوح، عدنا ونحن نفتقر إلى المقومات الأساسية للحياة. مشكلتنا الأساسية تكمن في عدم قدرتنا على إعالة أسرتنا لعدم تمكننا من صرف الراتب طوال العامين الماضيين. وتضررت منطقة وسط الخرطوم التجارية، حيث تقع مقار المؤسسات الحكومية، بشكل كبير. المباني الشاهقة، من فنادق شهيرة وشركات تجارية معروفة، تحوّلت إلى هياكل سوداء قاتمة. لم تسلم البنى التحتية، من محطات مياه وكهرباء ومرافق صحية، من ويلات الحرب.
وحتى تبدأ عملية إعادة الإعمار، تبقى خيارات أهالي الخرطوم محدودة بين البقاء في أماكن النزوح، أو العودة إلى مدينتهم المدمَّرة دون خدمات أو وسائل إعاشة كافية مع بعض الأخطار المتعلقة بالسطو.
استمرّت خلال الأيام الماضية ارتفاع أسعار السلع الأساسية بعد ارتفاع الدولار، وسط شح كبير في السيولة لدى السكان الذين فقدوا نسبة كبيرة من مصادر دخلهم بسبب الحرب. يأتي هذا في ظل مخاوف كبيرة من اتساع رقعة الجوع التي تحاصر حاليا نسبة كبيرة من السكان.
تعاني معظم “التكايا” التي تقدم خدماتها من ضعف حصولها على المواد الغذائية اللازمة لسد جوع السكان الذين يعتمدون عليها. النازحون يحتاجون بشكل عاجل إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية والمأوى، فيما سلطات بورتسودان تتصارع مع الحركات المسلحة في اقتسام كراسي الوزارات الفارغة من المضمون والخدمات.