الأحد, ديسمبر 7, 2025
الرئيسيةمقالاتالفاشر تنهض… حين يهزم وعي الناس مشروع الفلول

الفاشر تنهض… حين يهزم وعي الناس مشروع الفلول

الدكتور / حافظ إبراهيم عبدالنبي

الفاشر لا تعود فقط من رماد الحرب. إنها تعود كإعلان سياسي مكتوب بدم الصمود: المشروع الذي حاول إخضاع الفاشر بالقوة والدمار انهار في أول امتحان حقيقي.
هنا، في قلب دارفور، لفظت المدينة سياسات القهر وأسقطت وهم القوة الجوفاء، وشقت طريقاً جديداً يقوم على إرادة الشعب لا إرادة الفلول.

ما حدث في الفاشر ليس مجرد تحول عسكري، بل لحظة وعي جمعي. بهذا السلوك، قالت الفاشر للسودانيين وللعالم: لا شرعية للفلول والمرتزقة ، ولا مستقبل لمشاريع الاستبداد مهما رفعت شعارات الدين أو السيادة أو الأمن.

اليوم تعود الفاشر بثوب جديد، لتعلن أن زمن حكم القوي الظلامية بالقهر انتهى، . لقد هُزمت الفلول ومرتزقتها هنا، ليس فقط عسكرياً، بل سياسياً وأخلاقياً؛ سقط خطابها وانكشف فسادها وتعرّت دعايتها أمام واقعية الناس الذين اكتشفوا أن من يدّعي حماية الدولة هو ذاته من مزقها.

وها هم اليوم أهل الفاشر يعودون إلى بيوتهم، يحملون الأمل ويستعيدون حقهم في الحياة بسلام، بعد أن انقشع ظلام المدينة وانكسر طوق الخوف. لقد أثبتوا أن العودة ليست مجرد حركة نحو البيوت، بل إعلان بأن الروح لم تُكسر، وأن المدينة التي قاومت تعود لتعيش وتبني وتعلن بداية صفحة جديدة.

لقد أثبتت الفاشر أن المدن لا تُهزم حين يحرسها الوعي، وأن قوة الناس تتجاوز قوة السلاح. سقطت أسطورة الترهيب، وتهاوت ماكينة التضليل التي حاولت تقديم العنف على أنه قدر. وعادت المدينة لتعلن أن السودان يُكتب من جديد، وأن معركة المستقبل لن تُحسم بالقصف، بل بوعي المواطنين وإرادتهم.

الفاشر اليوم ليست مدينة محررة فحسب؛ إنها رسالة. رسالة تقول إن إرادة الأشاوس الأبطال تنكسر أمامها المشروعات الزائفة، وإن حسابات القوة تغيّرت؛ حين تنهض الأمم تطيح بكل مشروع يستند إلى الظلم والدمار.

وهكذا، فإن عودة الفاشر ليست نهاية معركة، بل بداية تحول. بداية لوعي جديد وصوت جديد، ودولة تتأسس على إرادة الناس الاحرار لا إرادة الفلول وحركات الارتزاق . من دارفور انطلقت الإشارة: السودان لن يُدار بالخوف والإرهاب بعد اليوم.

هذه العودة ليست احتفالاً بل مسؤولية. أمام قوي التأسيس فرصة تاريخية لصناعة نموذج للحكم يقوم على المشاركة، والعدالة، وسيادة القانون، لا على الولاء والعسكرة. نجاح الفاشر بعد التحرر سيحدد طبيعة السودان القادم؛ فإما نموذج جديد يفتح الباب لسلام شامل او تحرير شامل ، أو إعادة إنتاج العجز إذا غابت الرؤية وتقدمت الحسابات الضيقة.
الفاشر اليوم تقول بوضوح:
لا مكان للفلول، لا حصانة لمن دمروا البلاد، ولا مستقبل لمن يحاول إعادة إنتاج الاستبداد.
الإرادة الشعبية انتصرت، والشرعية انكشفت، والمدينة التي قاومت لن تسمح بعودة الخراب مرة أخرى.

ومن هنا يبدأ الطريق نحو السودان الجديد… طريقٌ عنوانه:
من يصنع السلام ينال الشرعية، ومن يصنع الحرب يُهزم ولو بعد حين.

        واشنطن 
7 ديسمبر 2025 م
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات