الفيضانات في حوض النيل:الحاجة الى تدخل طرف خارجي لتنظيم جزئي فعال بين الدول الثلاث
ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات
حقيقة مصدر الفيضانات بين الادعاءين المصري والاثيوبي:
– يعد نهر النيل الأزرق العامل الرئيس والمسؤول المباشر عن حدوث الفيضانات، إذ تسهم قوة تياره وسرعة جريانه وارتفاع منسوبه خلال موسم الأمطار على الهضبة الإثيوبية في زيادة كميات المياه المتدفقة داخل المجرى الرئيسي للنهر.
– يبلغ طول النيل الأزرق نحو 1,450 كيلومترًا، ويتميز بغزارة مياهه وشدة انحداره نتيجة سقوط الأمطار الغزيرة على المرتفعات الإثيوبية، مما يجعله المصدر الأساسي للمياه التي تسبب الفيضانات في السودان ومصر.
– أما نهر النيل الأبيض، فيتسم بانتظام جريانه وثبات منسوبه طوال العام، إذ ينبع من بحيرة فيكتوريا ويمتد لمسافة تقارب 3,700 كيلومتر حتى الخرطوم. ويفقد النهر أكثر من نصف مياهه في مستنقعات جنوب السودان نتيجة التبخر الشديد وارتفاع درجات الحرارة، مما يجعله ذا تيار بطيء وضعيف مقارنة بالنيل الأزرق.
– عند التقاء النهرين في الخرطوم، تتسبب الزيادات المفاجئة في مياه النيل الأزرق في تكوين ضغط مائي كبير على مجرى النيل الأبيض، مما يؤدي إلى إعاقة انسيابه وإزاحة مياهه نحو ضفتيه، وهو ما يُسهم في حدوث الفيضانات بالمناطق الواقعة على مجرى النيل الأبيض والمناطق الأخرى.
– خلاصة واستنتاجات
– ** تستغل أطراف أزمة سد النهضة الثلاث كارثة فيضانات السودان لتدعيم مواقفها السياسية والفنية؛ إذ ترى مصر أن إثيوبيا تتعامل مع إدارة سد النهضة بأسلوب أحادي يفتقر إلى المسؤولية والتنسيق، في حين تنفي أديس أبابا تماماً أي مسؤولية لها عن الفيضانات، مؤكدة أن السد أسهم في تنظيم تدفقات مياه النيل والحد من التقلبات المائية. أما السودان، الذي يعيش وضعاً داخلياً معقداً نتيجة الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، فقد تبنّت سلطاته في بورتسودان موقفاً وسطياً نسبياً يحافظ على مصالحها الأمنية.
– ** اتهام مصر لإثيوبيا بغياب الشفافية في التشغيل، وتأكيد السودان على تأثر المناسيب بتصريف السد، مقابل إنكار إثيوبي مطلق، غياب اتفاق تشغيل ملزم جعل كل دولة تتصرف وفق رؤيتها الخاصة، يعكس أزمة ثقة حادة في تبادل المعلومات الهيدرولوجية بين دول النيل
– ** تؤكد تصريحات القاهرة أن إدارة الموارد المائية بصورة أحادية تُعد تهديداً مباشراً للأمن المائي لدول المصب، وتشكل في جوهرها تحذيرا صريحا من تداعيات أمنية محتملة. وتؤكد هذه التصريحات أن غياب التنسيق الثلاثي المستدام بين مصر والسودان وإثيوبيا يسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمات المائية وتضخيم آثارها الإقليمية.
– **أبرزت كارثة الفيضانات في السودان الحاجة الملحة إلى تدخل طرف محايد لتكوين آلية تنسيق فنية جزئية بين الدول الثلاث، تعنى بإدارة القضايا المشتركة مؤقتاً إلى حين التوصل إلى تسوية شاملة لأزمة سد النهضة. وتنبع هذه الضرورة من اعتبارات إنسانية بالدرجة الأولى، ومن الحرص على تجنب تصاعد التوتر أو اندلاع صراع محتمل بين إثيوبيا ودول المصب.
– ** تأسيس منصة فنية مشتركة تعتمد على بيانات الأقمار الصناعية والرصد الميداني لتوقع السيول والفيضانات، بما يسهم في حماية السكان والممتلكات في السودان ومصر.
– **أدى تعطّل مؤسسات الدولة السودانية نتيجة الحرب إلى تراجع أعمال الصيانة والرقابة على السدود والخزانات، بسبب نقص الكوادر الفنية وتعطل شبكات الاتصال ونقص الموارد. وقد انعكس هذا الضعف المؤسسي على كفاءة إدارة المياه ومتابعة المناسيب خلال الفيضانات، مما زاد من أخطار السلامة المائية، وفرض الحاجة المُلِحّة إلى دعم فني خارجي لإعادة تأهيل منظومة الري والسدود.