المبادرة التركية الي أين تمضي
كتب:حسين سعد
إستقبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان نائب وزير الخارجية التركي برهان الدين دوران ، وقال وزير الخارجية علي يوسف ان زيارة المبعوث التركي سيكون لها ما بعدها في مايلي دعم علاقات السودان وتركي ، وأضاف يوسف تم الترحيب بها واوكل البرهان أمر، تنفيذها للرئيس التركي ووصفها بالهامة جدا،واكد يوسف بأن الزيارة حملت أشواق تركيا للسودان،وبحسب صحيفة الشرق الاوسط فأن زيارة برهان الدين جاءت بناءً على مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي ورئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني في 13 ديسمبر، حيث عرض إردوغان تولي تركيا دور الوساطة لتسوية النزاع بين السودان والإمارات ووقف الحرب، الذي وافق عليه البرهان بإيجابية،وكشف مسؤول دبلوماسي من وزارة الخارجية في تصريح لـ”الشرق الأوسط” يوم الجمعة أن زيارة المسؤول التركي ترتبط بموضوع الوساطة التركية بين السودان والإمارات، وأنه يحمل أفكاراً قد تدفع إلى تبني هذه الوساطة. ووفقاً للمصدر، من المتوقع أن يقدم برهان الدين للحكومة السودانية ورقة تحتوي على مقترحات الحوار، وبعد ذلك ستنقل الأفكار نفسها إلى دولة الإمارات،وفي بيان سابق، عبرت وزارة الخارجية الإماراتية عن ترحيبها بالمبادرة التركية وأعلنت جاهزيتها للتعاون مع تركيا من أجل إنهاء الحرب في السودان، ولكن المصدر أشار إلى أن موقف السودان تجاه الوساطة “واضح”، وأكد أن مدينة بورتسودان ملتزمة بتنفيذ اتفاقية “جدة” بين الجيش وقوات الدعم السريع في 11 مايو 2023،وفي هذا السياق، وصف وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، زيارة الدبلوماسي التركي بأنها ذات أهمية كبيرة، تأتي في سياق تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعكس الاتصالات الأخيرة بين قياداتهما، بالإضافة إلى تعزيز الروابط بين الشعبين السوداني والتركي.
البحر الأحمر:
تركيا تحاول ان تجد موقع لها في البحر الأحمر، كما ان الخرطوم وعقب انقلاب البرهان وحرب 15 أبريل تسعي لإقامة تحالفات إستراتيجية مع كافة القوى الإقليمية،وفي تحركات أخري نجحت أنقرة في حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا في ديسمبر الماضي،وفي كتابي (السودان حلم الثورة وتحديات الانتقال ) الصادر عن دار الاجنحة للطباعة والنشر والتوزيع كنت قد كتبت عن العلاقــات التركيــة بالقــارة الســمراء التــي بدأت أولــى خطواتهــا إلــى المنطقــة في العام 1998م ،مع اتساع النمو الاقتصادي في البلاد، وتسارعــت تلــك الخطــاوي بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة ووضعه لخطة عمل لتوسيع العلاقات مع القارة. وفي العام 2005م ،أطلقت أنقرة سياسة منفتحة على إفريقيــا أكثر طموحاً سعت لزيادة عدد السفارات، وزيادة التجارة وعقد قمم تركية – إفريقية منتظمة تسارعت العلاقات مع القرن الإفريقــي مرة أخرى بعد العام 2011م ،عندما أصبح رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء حينذاك، الزعيم الأول والوحيد من خارج إفريقيا الذي يزور الصومال منذ انهيار الدولة في العام 1991م،فقد بات لأنقرة مصالح في القرن الإفريقــي تتطلب الدفاع عنها. وقد اتخذت تركيا خطوتين ملموستين في هذا الاتجاه. فيسبتمبر 2017م ،فتحت أكبر منشأة عسكرية لها في الخارج، وهي قاعدة بقيمة 50 مليون دولار في مقديشو لتدريب أفراد الجيش الوطني الصومالي. بعد عدة أشهر، وقعت أنقرة اتفاقاً مع الخرطوم لإعادة تطوير الجزيرة السودانية وميناء سواكن. تدفع هذه الاتفاقيات تركيا بشكل أكثر مباشرة إلى التنافس الإقليمي في القرن الإفريقي.
أزمة الخليج:
عندما اندلعت الأزمة الخليجية في العام 2017م ،كانت تركيا أول وأهم دولة اندفعت لمساعدة قطر؛ فأرسلت مواد غذائية للدوحة المحاصرة، ومن ثم افتتحت قاعدة عسكرية هناك. لكن في القرن الإفريقــي ،أنقرة مصممةأنها ليست طرفاً في النزاع الخليجي ولا هي مهتمة في التنافس الإقليمي. يعي صناع السياسات الأتراك أن تداعيات الأزمة الخليجية يمكن أن تلحق الضرر بمصالحهم الاقتصادية والسياسية وأن تقوض رواية تركيا عن القيادة الإسلامية الشاملة،لكن من الناحية العملية، لا تستطيع تركيا الادعاء بأنها على هامش النزاع الخليجي؛ فأنقرة دعمت واستضافت عدداً من الشخصيات المرتبطة بالإخوان المسلمين والجماعات التي سعت لبناء نفوذ سياسي بعد الانتفاضات العربية،رغم أن دعمها المادي وصل إلى ذروته في العام 2013م ،فإن تركيا استمرت بدعم الإسلاميين في وسائل إعلام الدولة وفي الخطاب الرسمي. في ليبيا، دعمت تركيا حكومة الوفاق الوطني التي أنشأتها الأمم المتحدة في العام 2015م ،بما في ذلك على ما ذكر إرسال الأسلحة إلى حلفائها المحليين في العام 2019م ،لصد هجوم على طرابلس شنه الجيش الوطني الليبي المدعوم من الإمارات والسعودية. هناك وفي أماكن أخرى، مثل السودان، انضمت تركيا إلى قطر في دعم القوى الشعبوية التي تستلهم نسخة حزب العدالة والتنمية في السياسة.
جزيرة سواكن:
على خلفية الأزمة الخليجية، تنظر الرياض وأبو ظبي إلى الوجود الأمني التركي في القرن الإفريقــي على أنه مستفز للغاية. ويعد الميناء الذي بني على جزيرة سواكن مثالًا على ذلك؛ ففي/ ديسمبر 2017م ،زار أردوغان الجزيرة، التي كانت في الماضي مركزاً للحجاج العثمانيين في طريقهم إلى مكة،ووقع البلدان اتفاقـًـا تقوم تركيا بموجبه بترميم المنطقة، بما في ذلك بناء ميناء قادر على استقبال السفن البحرية. أضاف الاتفاق المزيد من البرود على العلاقة الباردة أصلًا بين تركيا والسعودية، التي يقع ميناء جدة فيها على الطرف الآخر من البحر الأحمر مقابل سواكن. لم تهدأ حدة الجدل حول المشروع؛ التقارب بين الخرطوم وأنقرة ينافس مصالح بعض دول الخليج العربي في البحر الأحمر ،كما ان القاهرة تخشى من عودة الأتراك إلى عمقها الإستراتيجي وبالتالي ستعمل على الحيلولة دون تفوق العلاقات السودانية التركية على حسابها، وهنا يمكن ان نشير الي تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً من نظيره الأوغندي، يوري موسيفيني، حيث تم خلال المحادثة التأكيد على العلاقات التاريخية العميقة التي تربط بين الشعبين المصري والأوغندي. وقد أشار المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إلى أهمية تعزيز التعاون الثنائي واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، بما يحقق مصالح الدولتين . يأتي هذا في إطار الدور الحيوي الذي يلعبه كلا البلدين في القارة الأفريقية، خاصة في سياق تعزيز التعاون والتنسيق بين دول حوض النيل،كما تناول الاتصال الأوضاع الراهنة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، حيث استعرض السيسي الجهود المصرية المبذولة لدعم السودان في تجاوز أزمته الحالية. وقد تم التأكيد على أهمية وقف إطلاق النار وحماية المدنيين السودانيين من آثار النزاع، بالإضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
مذكرة الكونغرس:
حاليا تحتضن تركيا العديد من قيادات الاخوان المسلميين في السودان فضلا عن العلاقات الجيدة بين البلدين في فترة النظام المدحور،فالترحيب الذي وجده المبادرة التركية يشير الي ان المبادرة ستمضي الي ما أنتهي اليه منبر جدة التفاوضي والتنسيق مع الاطراف الاقليمية والعالمية حول الشأن السوداني بما في ذلك الاتحاد الافريقي الذي ينتظر نتيجة إنتخاباته في فبراير القادم بجانب أمريكا التي تعمل من أجل إنهاء قضية السودان قبل تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة وكان أعضاء بارزين في الكونغرس الأمريكي قد دفعوا بمذكرة لإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، طالبت فيها باتخاذ إجراءات سريعة لحماية المدنيين في السودان، وإقامة مناطق آمنة، وتشديد العقوبات على طرفي القتال، بسبب ارتكابهما انتهاكات ترقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ أبريل 2023، بحسب المذكرة.وأوضحت المذكرة، بأن الانتهاكات الكبيرة المرتكبة من طرفي القتال في السودان، أدت إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم ما يستدعي تحركا امريكيا سريعا عبر آلية “متعددة الأطراف” للعمل على حماية المدنيين، وفتح مسارات إنسانية لتقديم المساعدات لملايين المتضررين،وشددت على ضرورة استخدام كافة الوسائل المتاحة لضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية. في الختام نري بأن المبادرة التركية سيكون لها رافع روسي والشاهد علي ذلك إفشال روسيا قرارا لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في الحرب وحماية المدنيين في السودان