المبعوث الأميركي للسودان يرتب لإرسال قوات أفريقية لحماية المدنيين وتعارض المصالح الدولية والإقليمية يعطل مجهودات الحل السياسي
ذو النون سليمان ، مركز تقدم للسياسات
إرسال قوات أفريقية
تقديم:
يشهد السودان حراكا دبلوماسيا في المستويات الدولية والإقليمية، بهدف إنقاذ الوضع الإنساني الكارثي وتحقيق اختراق في ملف السلام في ظل تجدد العمليات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع وتراجع إرادة السلام, يتمحور التوجه الأمريكي بأولوية حماية المدنيين من خلال الية دولية غير واضحة المعالم حتى الان, وتوجه إفريقي من بعض الدول المؤثرة داعم لمواصلة مجهودات السلام برؤية جديدة.
– كشف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن خطوة جديدة في المرحلة المقبلة تتعلق بوقف النزاع في السودان، تتمثل في فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص إعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين، بعد فشل محادثات جنيف في التوصل إلى وقف إطلاق النار والعدائيات، بسبب رفض الجيش السوداني المشاركة فيها.
– في مؤشر لافت، قال المبعوث الأمريكي، أن الجيش السوداني أصبح أكثر عدائية وتطرفاً تجاه العودة إلى نظام ديمقراطي مدني، وبدأ واضحاً أنه يعمل على العودة بالبلاد إلى فترة أخرى من الحكم الديكتاتوري، وانه يسعى عبر الدعم الذي يحصل عليه من الجماعات الإسلامية إلى إنهاء الحرب بتحقيق النصر كامل، وهذا ليس ممكناً.
– ولم يستثن المبعوث الأمريكي، الدعم السريع وقائدها من المساءلة عن الانتهاكات، داعيا الى تغيير في طريقة تعامل قواته، والتزامهم بتنفيذ تعهده بتكوين آليات فعالة على الأرض لحماية المدنيين.
مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأميركي لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب
طرح نواب بارزون في مجلس الشيوخ الأميركي، مشروع قانون لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب في السودان وأنصارهم، ودعم المدنيين وآليات حل النزاع.
•يلقي مشروع القانون الضوء على الفظائع التي تحدث في السودان، وتحديد ما إذا كانت تمثل إبادة جماعية، ومحاسبة الجُناة وأنصارهم، وتقديم الدعم والحماية للمدنيين ، والعاملين في المجال الإنساني، علاوة على دعم آليات الحوار وحل النزاعات وضمان، إشراك النساء السودانيات في هذه الجهود.
•أقر مشروع القانون تبني استراتيجية لضمان وصول المساعدات الإنسانية ومنع الاتجار بالبشر والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال ودعم ضحايا الفظائع.
مجلس السلم والأمن الأفريقي يفعل مبادرته لإنهاء الحرب:
وصل وفد من مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة، في زيارة رسمية، لبحث ملف إنهاء الحرب في السودان. ترأس الوفد السفير محمد جاد، سفير مصر لدى اثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الافريقي، الذي يرأس مجلس السلم والأمن الأفريقي عن شهر اكتوبر.، ويضم الوفد الزائر سفراء ورؤساء البعثات ومندوبي الدول الأعضاء في المجلس
قالت مصادر الوفد ان المشاورات مع الحكومة وقيادة الجيش ، تتعلق إيجاد الاليات الناجعة لايصال المساعدات الإنسانية التي لا تزال تواجه عراقيل من قبل الأطراف المتصارعة، واستئناف التفاوض بين الأطراف المتحاربة لإنهاء الازمة السودانية.
وزير الخارجية السوداني المكلف، حسين عوض، أكد على أهمية زيارة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لبورتسودان، مشيراً إلى أن الاتحاد هو المسؤول عن تجميد عضوية السودان، وعليه المبادرة بإعادة فتح العلاقات. كما أشار إلى دور مصر في إدارة الملف، حيث تتولى رئاسة المجلس، متوقعاً أن تسهم هذه الزيارة في تخفيف التوترات ورفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.
كشفت مصادر حكومية أن الوفد الأفريقي طرح خريطة طريق لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012
تحليل:
– التحركات الامريكية تأتي بعد قناعات تشكلت لدى صانعي القرار حول استحالة التوصل لوقف إطلاق نار في ظل سيطرة الإسلاميين وتحكمهم في مجريات الحرب في السودان، ومحاولتهم للتواجد في العملية السياسية مع المحافظة على هيمنتهم على المؤسسات العسكرية والأمنية, بالإضافة لجهاز الدولة المدني, وهو ما يتعارض مع التصورات الامريكية لمستقبل السودان السياسي ويعيق في ذات الوقت مجهودات وقف إطلاق النار والانتقال المدني ويضاعف من مخاطر الحرب الاهلية والتكلفة الإنسانية للحرب. لهذا, يتركز النشاط الاخير في مساريين, الأول يختص بالتدخل الدولي لأغراض الحماية الإنسانية عبر الاتحاد الافريقي , والثاني يتعلق بمواصلة الضغط الدبلوماسي والقانوني على قيادة الجيش والدعم السريع لإحداث تقدم في المفاوضات.
– في السياق ذاته, يحاول الاتحاد الافريقي استعادة دوره في الازمة السودانية عبر مجلس السلم والأمن الافريقي بعد قرار المجلس في اجتماعه الذي انعقد في 25 سبتمبر الماضي، على مستوى وزراء الخارجية الذي قرر إبقاء المسألة في صدارة اهتماماته ، والتواصل مع قيادة الجيش، واستكشاف سبل التوصل إلى حل مستدام للصراع في السودان, يدفعه في ذلك تحفظات بعض الأعضاء المعلنة على التدخل الدولي والإقليمي, مثل الجزائر ومصر, التي تترأس المجلس الان, وتنشط في دورتها الحالية لتدارك الرغبة الأمريكية والتوجهات الدولية في حراك يتجاوز شرعية الجيش المعيقة للحل.
– تتمحور رؤية مجلس السلم والامن الأفريقي حول القيام بخطوات تمهد لعودة السودان للاتحاد الافريقي من خلال الإيفاء بالمتطلبات التي تم بموجبها تجميد العضوية، كما تتضمن اقتراح بوقف إطلاق النار لصالح الوضع الانساني، وتنفيذ خطوات لمرحلة انتقالية جديدة، وهي في مجملها، خطوات داعمة لشرعية الجيش، كمقايضة سياسية لتقديم تنازلات كبري لصالح الحل التفاوضي ولقطع الطريق أمام سيناريوهات الحرب والتدخل الدولي.
خلاصة
مع ازدياد وتيرة الحرب في السودان وتوقعات بتفاقمها عقب انتهاء موسم الأمطار، وبعد إعلان طرفي الصراع تفضيلهما حل الحسم العسكري، بات التدخل الدولي لأغراض الحماية الإنسانية عبر قوات أفريقية هو الخيار المرجح لتدارك الوضع الإنساني في السودان من الانهيار, هذا الخيار تواجهه مقاومة من دول أفريقية مؤثرة, على نحو يعكس صراع الإرادات الدولية والإقليمية في السودان التي أضرت بمجهودات الحل السلمي في السابق, وشكلت مخاطر علي الوضع الإنساني في السودان والأمن الإقليمي للمنطقة, الأمر الذي سيطيل الحرب في السودان ويعرض وحدته وسيادته لخطر الانقسامات الجهوية والإثنية.