الإثنين, سبتمبر 1, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةالمفقودين وجوه غائبة… وقلوب لا تنام(1)

المفقودين وجوه غائبة… وقلوب لا تنام(1)

المفقودين وجوه غائبة… وقلوب لا تنام(1)

تقرير:حسين سعد
وراء كل حالة إختفاء قسري في السودان هناك قصة مؤلمة، قصة إنسان تم إقتلاعه من حياته اليومية، من أسرته وعمله وأحلامه، وزُجّ به في المجهول، غالبية الضحايا كان ناشطين سياسيين ونقابيين ، وبعضهم كانوا طلاباً في الجامعات، خرجوا في مظاهرات سلمية للمطالبة بالحرية والعدالة، وآخرون كانوا نشطاء في العمل المدني، أو حتى مواطنين عاديين تصادف وجودهم في المكان الخطأ. لكن القاسم المشترك بينهم أنهم جميعاً أصبحوا أسرى الغياب، دون محاكمة، دون اتهام، ودون أي معلومة عن مصيرهم، هذا الواقع لا يقتصر على لحظة الفقد وحدها، بل يمتد في حياة الأسر ليتحول إلى نمط معيشة قاسٍ، كثير من العائلات إضطرت إلى بيع ممتلكاتها لتغطية تكاليف البحث، والركض بين المراكز الشرطية والمستشفيات والمشارح، بينما ينخرط بعض الأقارب في مبادرات شعبية للتوثيق والضغط من أجل معرفة الحقيقة. ومع ذلك، يظل الجدار الصلب هو (الصمت الرسمي)، حيث ترفض السلطات الإعتراف أو تقديم معلومات، مما يترك العائلات في مواجهة فراغ قاتل، وألم لا نهاية له.
الغياب ليس قدراً.. الحقيقة حق!
وسط هذا الصمت والعجز، برز دور المجتمع المدني والإعلام، رغم القيود الأمنية الخطيرة علي المجتمع المدني والقمع والملاحقة وهيمنة الإجهزة الأمنية وضعف التمويل ومشاكل التراخيص الا إنه نجح في كشف وتوثيق بعض حالات الإختفاء القسري ، وجمع الشهادات ، و بدوره الإعلام رغم التعديات علي الحريات وفقدان الصحفيين والصحفيات لعملهم بسبب الفصل القتل او الاصابة باطلاق الرصاص او الاعتقال والتشريد رغم كل ذلك سعى الاعلام لكسر جدار الخوف بنشر القصص الإنسانية التي تعكس حجم المأساة. غير أن هذه الجهود تواجه تحديات جسيمة جراء إنعدام الشفافية، والخوف من الانتقام، ضعف الموارد، وصعوبة الوصول إلى مناطق النزاع، ومع غياب المساءلة، يستمر الإفلات من العقاب كواحد من أخطر ملامح الأزمة، فالمسؤولون عن هذه الجرائم لا يُحاسبون، مما يفتح الباب واسعاً لاستمرار الانتهاكات، ويجعل من الاختفاء القسري أداة متجددة لإرهاب المجتمع وتدمير ثقة الناس في العدالة والدولة.
لا عدالة بلا كشف الحقيقة، ولا وطن بلا كرامة!
إن هذا التقرير لا يهدف فقط إلى عرض الأرقام والوقائع، بل يسعى قبل كل شيء إلى إعادة الصوت إلى الضحايا، وإلى تذكير العالم بأن خلف كل اسم مفقود إنسان له وجه، وأسرة تنتظر، ومجتمع ينزف، إنه دعوة ملحّة لرفع الوعي، وتعزيز الضغط المحلي والدولي، ودفع مسار العدالة، حتى لا يبقى الاختفاء القسري وصمة عالقة في جبين السودان، وحتى يجد الضحايا وأسرهم ما يستحقونه من إنصاف وكرامة، ومع حلول الثلاثين من أغسطس من كل عام يحتفل العالم باليوم الدولي لضحايا الإختفاء القسري، غير أن المناسبة تكتسب بعدًا أكثر مأساوية في السودان، حيث تحوّل الاختفاء القسري إلى سياسة ممنهجة لترهيب المعارضين وتصفية الخصوم ، وفي الجلسة الحوارية السادسة التي نظمها المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام بالتزامن مع الاحتفالية العالمية لضحايا الإختفاء القسري ، حيث إبتدر الحديث المدافع الحقوقي من المركز الأفريقي للعدالة والسلام أمير سليمان، بقوله: إنهم خططوا للاحتفال بهذه الفعالية المهمة بالتزامن من اليوم العالمي للإختفاء القسري، وأوضح سليمان إن الهدف من الإختفاء القسري هو إسكات الاصوات ومنعها من التعبير عن نفسها ، بهدف السيطرة والإضطهاد والإحتجاز في أماكن سرية غير معروفة ووصف سليمان في الجلسة الحوارية التي شارك فيها مدافعون ومدافعات عن حقوق الانسان وصحفيون وصحفيات وصف الإختفاء القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية ،وقال إن حرب السودان أظهرت أنماطًا جديدة من الاختفاء القسري لآلاف المدنيين، وشدد علي ضرورة الاهتمام الكبير بقضية الإخفاء القسري في السودان، لتحقيق العدالة لآلاف العائلات التي فقدت أفرادها، وقال أمير إن العدد الكلي للأشخاص المختفين قسرًا خلال الحرب في السودان غير معروف، لكنه-إي -أمير عاد وأشار الي سابق للسيد رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان الذي قال فيه ان عدد الحالات أكثر من (3177) منها (500) حالة للنساء (300) حالة للاطفال وتابع ( وفي تقارير أخرى تشير إلى أن العدد يفوق 50 ألف شخص) وفي أبريل 2025م نشر أخبار الامم المتحدة تصريحات للسيد نويصر حذر فيها من التداعيات الكارثية للحرب المستمرة منذ عامين على المدنيين، مسلطاً الضوء بشكل خاص على قضية آلاف المفقودين في البلاد، وأوضح نويصر أن الإحصائيات الدقيقة حول أعداد المفقودين لا تزال غير متوفرة، مشيرا إلى تباين الأرقام بين المصادر المختلفة، فبينما تقدر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو خمسين ألف مفقود، وثقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3177 حالة، من بينهم أكثر من خمسمائة امرأة وثلاثمائة طفل، وأكد الخبير الأممي أن الاختفاء القسري وفقدان الأشخاص عملية موجودة في السودان، مضيفا أن هذه ليست الانتهاكات الوحيدة التي خلفتها الحرب “غير المفهومة وغير الضرورية منذ أبريل 2023. فقد شملت الانتهاكات الأخرى تدمير مناطق سكنية، وانتهاك الحقوق، وطرد المدنيين من منازلهم، والاغتصاب الجنسي، والتجنيد القسري للشباب من كلا طرفي النزاع.
جريمة بلا عقاب
ومن جهتها رحبت الدكتورة هنادي المك التي ترأست الجلسة الحوارية رحبت بالحضور الموجودين بالقاعة والمشاركين عبر الانترنت وإستعرضت سلسلة الحوارات السابقة التي نفذها المركز الافريقي وموضوعاتها والتوصيات التي خرجت بها تلك الجلسات وأشارت الي أنهم خصصوا هذه الجلسة الخاصة للاختفاء القسري بإعتباره من أسواء الانتهاكات في السودان ، وتصاعدت وتيرته بصورة مروعة عقب الحرب وتحولت المدن الكبيرة الي ساحات للاعتقال العشوائي والاختفاء القسري حيث تم إستهداف الاحزاب وغرف الطوارئ والصحفيين والصحفيات والاطباء والطبيبات والمعلمين والمعلمات وغيرهم وأضافت هنالك إستهداف أخر بحسب اللون والعرق ، وفي ختام حديثها طرحت هنادي محاور الجلسة الحوارية حيث شمل المحور الاول التعريف بالاختفاء القسري، وإتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الاشخاص والفرق بين الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري ، وتجريم الاختفاء القسري في القانون الدولي الانساني والقانون الدولي وأخيراً الوضع القانوني في السودان وهل توجد نصوص أو ممارسات تمنع أو تجرم هذا العمل حيث تناولت المدافعة الحقوقية وفاء الحسن المفهوم القانوني والتعريفات الدولية والوضع القانوني في التشريع الوطني وأكدت عدم وجود نصوص قانونية واضحة تجرم الاختفاء القسري لكن نجدها في عدد من النصوص في القانون الجنائي وبشان الاختفاء القسري في السودان في فترة النظام المدحور وما بعد الثورة ، وقبل وأثناء حرب منتصف ابريل 2023م إستعرضت وفاء لمحة عن سجل السودان مشيرة الي تزايد الحالات لاسيما عقب الحرب (يتبع)

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات