الإثنين, ديسمبر 23, 2024
الرئيسيةاخبار سياسيةتشاد تنهي اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا: الأسباب والتداعيات المحتملة‏

تشاد تنهي اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا: الأسباب والتداعيات المحتملة‏

تشاد تنهي اتفاقية التعاون الدفاعي مع فرنسا: الأسباب والتداعيات المحتملة‏

تقدير موقف، ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات

الأسباب والتداعيات المحتملة‏

تقديم: أعلنت جمهورية تشاد في 29 نوفمبر، إنهاء العمل باتفاقية التعاون الدفاعي الموقعة مع جمهورية فرنسا المنقحة في 5 سبتمبر 2019، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني والدفاعي بين البلدين، وذلك بعد مرور 66 عامًا على إعلان جمهورية تشاد وعلاقاتها الوثيقة مع فرنسا.
تزامن القرار مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو إلى تشاد بهدف تقييم الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في السودان والهجوم الكبير الذي شنته جماعة بوكو حرام الإرهابية شرق بحيرة تشاد وأدى الى مقتل أربعين جنديا تشاديا.
‏تحليل:
– القرار التشادي المفاجئ بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي، يعد المسمار الاخير في نعش النفوذ الفرنسي التاريخي والاستعماري في منطقة غرب ووسط أفريقيا، بعد أن أجبرت على سحب قواتها مؤخرا من ‏‏مالي‏‏ ‏‏والنيجر‏‏ ‏‏وبوركينا فاسو،‏‏ في أعقاب انقلابات عسكرية رافضة لوجودها، مثلة مرحلة لبداية الصراع على وراثة المصالح الغربية في القارة وفي المقدمة روسيا الاتحادية.
– تسمح اتفاقية التعاون الدفاعي المشترك لفرنسا بالاحتفاظ بنحو ثلاثة الاف من قواتها العسكرية داخل الأراضي التشادية بكامل معداتها وأجهزتها الفنية، والانتشار في ثلاث قواعد عسكرية بكامل تسليحها، فيما تقدر المصادر ان ما تبقى فعليا على الأراضي التشادية لا يتجاوز ‏‏نحو 1000 جندي وعدد محدود من الطائرات الحربية‏‏، وتشير بعض التقارير إلى توجه فرنسي كان يخطط لزيادة عدد القوات وترفيع قائدها لرتبة جنرال بدلا من عقيد وفقا لاستراتيجيتها العسكرية الجديدة بالمنطقة. تتيح الاتفاقية أيضا تدريب القوات المسلحة التشادية وتحسين القدرات اللوجستية، إلى جانب تعزيز الاستخبارات العسكرية والتدريب المهني للأفراد، بالإضافة لدعم الحرس الوطني.
– تضمين بيان الرئاسة بإنهاء الاتفاق فقرة تشير إلى أن القرار يسمح لتشاد بإعادة تحديد شراكاتها الاستراتيجية بما يتماشى مع الأولويات الوطنية، يوضح ذلك خلفيات القرار التي تتعلق بالتحديات الداخلية التي تواجهاها الحكومة التشادية جراء الهجمات الارهابية التي قامت بها مؤخرا جماعة بوكو حرام شهر نوفمبر الماضي, والتحديات الخارجية المتمثلة في الحرب الدائرة في السودان وتهديداتها المباشرة لتركيبة الحكم في البلاد بحكم التداخلات والامتدادات الاجتماعية للقوتين الرئيستين المتصارعتين-الدعم السريع والحركات المسلحة- في الداخل التشادي -العرب والزغاوة- وتأثيرهما المباشر على استقرار البلاد.
– في ضوء التهديدات الداخلية والخارجية، يسعى الرئيس ديبي الابن إلى توسيع علاقات بلاده الأمنية، وتنويع شراكاته الاستراتيجية، بعيدا عن الاتفاقات الحصرية في ظل انعدام الثقة في فرنسا، وتنامي المشاعر المعادية للفرنسيين في تشاد، ولعل الهجمة الإرهابية شرق بحيرة تشاد، وسلبية رد فعل القوات الفرنسية هناك، كانت الذريعة التي تحجج بها الرئيس ديبي الابن لاتخاذ هذا القرار التاريخي، وهي ذات الأسباب التي تحجج بها قادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو لإنهاء الوجود الفرنسي العسكري في بلادهم.
– تعاونت تشاد بشكل وثيق مع قوات الدول الغربية في الماضي-فرنسا وأمريكا- في الحرب ضد الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وكثيرا ما اعتمد إدريس ديبي، الرئيس السابق على الدعم العسكري الفرنسي لصد هجمات المتمردين على نظامه، والمحافظة على حكمه وشرعيته.


– يأتي قرار القطيعة العسكرية والأمنية مع فرنسا البلد المستعمر السابق، في ظل مخاطر استمرار الحرب السودانية على استقرار البلاد، وتهديدات جماعة بوكو حرام وغيرها من الجماعات المسلحة في حدودها مع الكاميرون ونيجريا، ونشاط الفيلق الإفريقي الروسي “فاغنر” على الحدود مع جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا والنيجر, مما يطرح التساؤل حول بدائل النظام التشادي وخياراته الإقليمية في ظل التحديات الوجودية لبقائه واستمراره. وترجح العديد من المؤشرات دورا روسيا غير مباشر. وذلك بعد اقتراب كاكا الملحوظ من روسيا في السنوات الأخيرة بفضل سياسة موسكو البراغماتية في وسط وغرب إفريقيا، تحت شعار “السلاح والأمن مقابل الموارد”، بعيدا عن القيود والهيمنة الغربية.
– وثمة تقديرات غربية أخرى تشير ان خطوة لابتعاد عن فرنسا وبقية الدول الغربية، سيفتح الباب أمام دول أخرى تدفعها مصالحها الإقليمية للاستثمار في الفراغ الفرنسي، مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة.
خلاصة:
** لم يتضح بعد توقيت رحيل القوات الفرنسية، ولا أسبابه الحقيقية وابعاده، في ظل احتدام الصراع الدولي على النفوذ والثروات في منطقة غرب ووسط افريقيا، خاصة بعد التحولات في دول شرق تشاد، النيجر ومالي وبوركينا فاسو التي أعلنت حلفا عسكريا لتأمين حدودها ومواجهة الحركات الإرهابية النشطة في القارة، وكذا الانقلاب في تحالفاتها الدولية نحو روسيا الاتحادية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات