الأحد, سبتمبر 7, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةتصاعد الصراع النفطي بين السودان وجنوب السودان التداعيات الاقتصادية والسياسية

تصاعد الصراع النفطي بين السودان وجنوب السودان التداعيات الاقتصادية والسياسية

تصاعد الصراع النفطي بين السودان وجنوب السودان التداعيات الاقتصادية والسياسية

تقدير موقف: ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات
تقديم: أمرت وزارة الطاقة والبترول في الحكومة السودانية (بورتسودان) بإغلاق طارئ لمنشآت النفط في منطقة هجليج، الواقعة على الحدود مع جنوب السودان، عقب هجوم بطائرة مسيّرة يُعتقد أن قوات الدعم السريع نفذته بتاريخ 30 أغسطس 2025.
هذا القرار يهدد بتعطيل تصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، مما يفتح الباب أمام أزمات اقتصادية وسياسية مزدوجة في البلدين.
التفاصيل:
• وجهت حكومة بورتسودان شركتي النفط العاملتين في هجليج ببدء إغلاق المنشآت وسحب العاملين فورًا، بدعوى الخطر الأمني بعد استهداف المطار ونقاط لوجستية بالطائرات المسيّرة.
• هجليج تمثل عقدة حيوية في تصدير النفط الجنوب سوداني، الذي يُنقل عبر أنابيب تمتد إلى ميناء بورتسودان، وتشكل العائدات النفطية نحو 98% من ميزانية جنوب السودان.
• تعطيل هجليج يُعرض جوبا لخسائر تصل إلى 2.5 مليار دولار سنويًا، في وقت تعاني فيه من هشاشة اقتصادية وضغوط متزايدة قبل الانتخابات المرتقبة في 2025.
• جنوب السودان استأنف تصدير النفط في يناير 2025 بعد توقف سابق، إثر اتفاق مالي مع السودان، وكان قد وقع في فبراير 2024 اتفاقًا مع شركة إماراتية على قرض بـ13 مليار دولار مقابل النفط.
• القرار السوداني يحمل أبعادًا سياسية، إذ يراه مراقبون وسيلة للضغط على قوات الدعم السريع وتحجيم نفوذها، عبر تحفيز ردود فعل إقليمية ودولية سلبية ضدها.
• كما يُفسر القرار كرسالة سياسية لدولة الإمارات عقب إجراءاتها الاقتصادية ضد السودان، خاصة بعد وقف تصدير الذهب السوداني إليه.
الآثار المحتملة على حكومة السودان:
سياسيا:
1. توتر دبلوماسي متصاعد بين السودان وجنوب السودان
• العلاقات بين البلدين ستدخل مرحلة شبه قطيعة سياسية إذا طال الإغلاق.
• جوبا قد تنظر للقرار كعقاب سياسي” وخرق لاتفاقات النفط، مما يدفعها نحو التحالف مع أطراف معادية للخرطوم.
2. إعادة تدويل ملف النزاع الحدودي
• الإغلاق يعيد تسليط الضوء على النزاعات التاريخية (هجليج، أبيي).
• احتمال تدويل النزاع من خلال الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة.
3. إضعاف فرص التسوية الوطنية في السودان:
• وقف النفط يخدم استراتيجية حكومة بورتسودان ضد قوات الدعم السريع، لكنه يضعف أيضًا الجبهة الداخلية اقتصاديًا.
• قد يُفهم القرار على أنه محاولة لـ”كسب أوراق تفاوض” ، مما يؤثر على مصداقية الحكومة دوليًا.
4. زيادة التوتر الإقليمي
• القرار قد يدفع جوبا نحو طلب دعم من كينيا، إثيوبيا، أو أوغندا لإنشاء ممر بديل، مما يعقّد المشهد الجيوسياسي.
• قد يتسبب أيضًا في احتكاكات بين الدول الداعمة للأطراف المتصارعة في السودان (مثل الإمارات، مصر، السعودية، قطر…).
اقتصاديا:
1. خسائر اقتصادية مباشرة للسودان
• السودان يعتمد على رسوم عبور النفط كمصدر دخل (تُقدّر بمئات الملايين سنويًا).
• وقف النفط يعني فقدان مورد نقدي ثابت في ظل اقتصاد متدهور.
2. ارتفاع التكاليف التشغيلية لشركات النفط:
• شركات النقل والتشغيل (سودانية وجنوب سودانية) ستتكبد خسائر فادحة.
• إغلاق هجليج سيؤدي إلى تآكل البنية التحتية بسبب التوقف المفاجئ وغير المُخطط له.
3. الإضرار ببيئة الاستثمار:
• شركات الطاقة والاستثمار الإقليمي ستنظر إلى السودان كـ”منطقة مرتفعة المخاطر”.
• صعوبة جذب رؤوس أموال أجنبية في ظل عدم استقرار أمني واقتصادي.
4. تأثيرات غير مباشرة على الأمن الغذائي والخدمات
• نقص النقد الأجنبي سيؤثر على الواردات الحيوية (دواء، قمح، وقود).
• زيادة التضخم، تراجع قيمة الجنيه السوداني، تفاقم الأزمات المعيشية.
تداعيات هذه الأزمة النفطية على الوضع الداخلي في جنوب السودان ستكون عميقة ومتعددة المستويات، نظرًا لاعتماد الدولة شبه الكامل على عائدات النفط. أبرزها:
1. تفاقم الأزمة الاقتصادية:
• انقطاع صادرات النفط يعني توقف المصدر الأساسي للعملات الأجنبية.
• انهيار محتمل للعملة المحلية وارتفاع حاد في معدلات التضخم.
• تعطل القدرة على تمويل الميزانية العامة، بما فيها الرواتب والخدمات الأساسية.
2. تعثر الالتزامات المالية والسياسية:
• قد يتعذر على الحكومة الوفاء بالتزاماتها تجاه القرض الإماراتي (13 مليار دولار مقابل النفط) ، مما يعرّضها لمخاطر مالية وتوترات مع الشركاء الدوليين.
• تعطيل الإيرادات يؤثر على التحضير لـ الانتخابات الوطنية في 2025، ويهدد بنزع الشرعية عن العملية السياسية.
3. زيادة التوترات السياسية الداخلية:
• تدهور الوضع الاقتصادي قد يؤدي إلى احتجاجات شعبية أو اضطرابات مدنية.
• تعاظم الخلافات بين القوى السياسية حول كيفية إدارة الأزمة، خصوصًا في ظل الانقسامات العرقية والسياسية القائمة أصلًا.
4. ضعف قدرة الدولة على السيطرة الأمنية:
• شح الموارد قد يؤثر على تمويل القوات النظامية والأمنية.
• زيادة احتمال عودة النزاعات المحلية المسلحة في بعض الولايات إذا فشلت الحكومة في تقديم الخدمات أو حفظ الأمن.
5. تعقيد العلاقات مع السودان والدول الإقليمية:
• انهيار العلاقة مع الخرطوم أو تعنتها قد يدفع جوبا إلى خيارات دبلوماسية محفوفة بالمخاطر، بما فيها محاولة التحالف مع أطراف متصارعة في السودان أو البحث عن ممرات غير واقعية (مثل كينيا أو إثيوبيا) في المدى القريب.
6. اقتصاديًا: السودان يستخدم ملف النفط كورقة ضغط حيوية في ظل هشاشة اقتصاده، لكنه يخاطر بإضعاف علاقاته مع جنوب السودان، وقد يدفعه ذلك للبحث عن ممرات تصدير بديلة عبر دول ثالثة (كينيا أو إثيوبيا).
خلاصة:
**القرار السوداني بإغلاق منشآت هجليج يشكل تهديدًا مباشرًا للركيزة الاقتصادية الأساسية لجنوب السودان، وسيُجبره على البحث عن بدائل استراتيجية لتصدير النفط خارج الأراضي السودانية.
**استمرار الإغلاق سيعيد إشعال النزاع الجيوسياسي التاريخي حول هجليج، ما يهدد استقرار الحدود، ويزيد احتمالية تدخلات إقليمية ودولية.
**حكومة بورتسودان تستخدم ورقة النفط سياسيًا لتطويق الدعم السريع إقليميًا ودفع جوبا لاتخاذ موقف معادٍ له، لكنها في المقابل تغامر بإحداث تصدع في علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دول محورية مثل جنوب السودان والإمارات.
**أي فشل في إعادة التفاهم بين الخرطوم وجوبا قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي محتمل في جنوب السودان، وانكماش موارد السودان من رسوم العبور، ما يهدد البلدين بأزمات مزدوجة قد تطول أمدها.
** إقدام بورتسودان على هذه الخطوة سيضع قوات الدعم السريع وحكومة التأسيس في موقف حرج أمام جنوب السودان والدول الأفريقية، كما سيجعل قيادة التحالف في حالة قلق من ردة فعل جوبا، خاصة بعد أن أصبح أمنها الاقتصادي مهددًا بشكل مباشر بفعل تحركات الدعم السريع.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات