تفشي الأوبئة: أطباء في مواجهة الخطر ..الأزمة الصحية في السودان
:تقرير: معزة صالح محمد
عندما تضرب الأوبئة المجتمعات، يكون الأطباء في الخطوط الأمامية، يواجهون المخاطر بشجاعة لإنقاذ الأرواح. في السودان، بعد اندلاع الحرب التي تجاوزت اكثر من 600 يوم في السودان ، تفاقمت الأوضاع الصحية بشكل كبير، مما أدى إلى انتشار واسع للأمراض والأوبئة. في ظل هذه الكوارث الصحية، تبرز تضحيات هؤلاء الجنود المجهولين الذين يعملون في ظروف غاية في الصعوبة.
الوقوف في مواجهة المجهول
في أعقاب الحرب، شهد السودان تفشيًا واسعًا لأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا. وكما أفاد وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم “لصحيفة سودان تريبيون “، بأن معدلات الإصابة بهذه الأمراض ارتفعت بشكل كبير بعد أشهر من القتال مابالك انها الان اوشكت علي إتمام عامها الثاني .
الأطباء والعاملون في المجال الصحي وجدوا أنفسهم يعملون في ظروف قاسية مع نقص حاد في المعدات والإمدادات الطبية. المستشفيات في المناطق المتأثرة بالحرب تعاني من ضعف التجهيزات، ما يزيد من تعقيد جهود مكافحة هذه الأمراض.
البنية التحية وتحديات العمل الطبي:
مع انعدام الأمن والاستقرار وتدهور البنية التحية ، واجه الأطباء في السودان ضغوطًا هائلة تتعلق بنقص الأدوية والمعدات الأساسية مثل القفازات والأقنعة الطبية. إضافة إلى ذلك، تم الإبلاغ عن انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، مما أثر على القدرة على تشغيل الأجهزة الطبية الضرورية في ظل هذه الظروف، اضطر العديد من المستشفيات إلى الاعتماد على المساعدات الدولية والجمعيات الخيرية لتوفير الاحتياجات الأساسية للمرضى. كما افادة وفاء آدم صالح ممرضة بإحدى مستشفيات أمدرمان:
مع الحرب، أصبح القطاع الطبي والصحي في وضع كارثي. كطاقم طبي، ازداد الضغط علينا مع تزايد حالات الإصابات الناتجة عن الحرب، إضافة إلى تفشي الأوبئة. نحن نعيش في دوامة من الضغط النفسي والجسدي في محاولتنا سد احتياجات المرضى من الرعاية الصحية، خاصة في ظل نقص الكوادر، ومن أكبر التحديات التي نواجهها هي نقص الأدوية والمعدات. من المحزن أن نرى مرضى يفقدون حياتهم فقط لأنهم كانوا بحاجة لأبسط الأدوية. تأثير الأوبئة مثل الكوليرا والملاريا جعل المستشفى في تحدٍ حقيقي؛ بين محاولة الحد من التفشي وعزل المرضى، وبين تقديم الرعاية للمصابين بسبب الحرب. هذا كله يحدث مع نقص مستمر في الإمدادات.
التحديات التي تواجه العاملون ف القطاع الطبي والتعلم من الكوارث:
الأطباء الذين يعملون في ظروف الأوبئة لا يقتصر دورهم على العلاج فقط؛ بل هم أيضاً مراقبون على الاحتياجات المستقبلية. هذه التجربة أكدت أن العاملون ف القطاع الطبي هم من اكثر الفئات المتضرره نفسياً قبل ان يكون الضرر جسدي كما اضافة الممرضة وفاء آدم: ان أكثر اللحظات صعوبة بالنسبة لي كانت عندما اضطررنا لتقديم الرعاية لأطفال صغار تعرضوا لإصابات مروعة نتيجة الانفجارات أو القصف. التعامل مع هذه الحالات مؤلم جدًا، لكن لا خيار لنا سوى التماسك والاستمرار وفي ظل الحرب، كنا نعمل بما هو متاح من معدات، مهما كانت قليلة، لضمان تقديم الرعاية الصحية لجميع المرضى. وعلى الرغم من الجهود التي قدمتها المنظمات، إلا أنها لم تكن كافية لتلبية احتياجات المستشفيات ، لتحسين الوضع الصحي، نحتاج بشكل عاجل إلى توفير الأدوية والمعدات الطبية، يلي ذلك تأهيل المراكز الصحية والمستشفيات لتتمكن من استيعاب المرضى وتقديم الرعاية المطلوبة.
أحد المواقف المؤثرة كان عندما رأيت الأهالي يجمعون ما لديهم من أدوية في المنازل لمشاركتها مع المرضى، حتى مع علمهم أن الإمدادات قد تنقطع لفترات طويلة. هذا التضامن الإنساني كان بمثابة شعاع أمل وسط الظلام ومع كل هذا الضغط، لا يمكنني القول إن أي مقدم رعاية صحية لا يعاني نفسيًا أو جسديًا. نحن نعاني من توتر، اكتئاب، قلق، ارتياب، وحتى إصابات بالعدوى.
رسالتي الوحيدة إلى العالم: أوقفوا الحرب.”
دور الحرب في انهيار الصحة العامة :
الحرب ليست فقط معركة على الأرض، بل كارثة شاملة تمس كل جوانب الحياة، وعلى رأسها القطاع الصحي. في السودان، جسدت الأزمات الصحية التي أعقبت الحرب العواقب الطويلة الأجل للصراع، حيث أدت إلى:
تدمير البنية التحتية الصحية: المستشفيات والمراكز الصحية تعرضت للدمار أو أصبحت خارج الخدمة بسبب القصف أو انعدام الموارد.
انتشار الأوبئة: البيئة غير الصحية الناتجة عن انهيار الخدمات العامة زادت من تفشي أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا.
انعدام المساءلة: عدم محاسبة الأطراف المتسببة في هذا الانهيار فاقم معاناة السكان، وأدى إلى إهمال واضح في تقديم حلول عملية لمعالجة الأزمات الصحية.
العدالة للضحايا:
استعادة النظام الصحي في السودان يتطلب أكثر من المساعدات الإنسانية الطارئة؛ بل يستدعي تحقيق العدالة للضحايا من خلال:
1. محاسبة الأطراف المسؤولة عن تدمير النظام الصحي
2. تحمل الهيئات الدولية مسؤولياتها: مثل الأمم المتحدة ومنظمات الصحة العالمية، من خلال تقديم دعم مالي وفني لإعادة بناء النظام الصحي.
3. إنشاء خطط تنموية مستدامة: لإعادة تأهيل المرافق الصحية، وتدريب العاملين، وضمان حصول السكان على الخدمات الطبية الأساسية بشكل دائم.
ان تضحيات الأطباء والعاملين في المجال الصحي تمثل جزءًا أساسيًا من جهود إنقاذ الأرواح، إلا أن العبء الأكبر يقع على عاتق المجتمع الدولي والحكومة السودانية لتوفير الدعم اللازم وتحسين البنية التحتية الصحية لضمان مستقبل صحي وآمن.