تفشي الكوليرا في جميع أنحاء السودان وأطباء بلا حدود تسجل أكثر من 2,300 إصابة و40 وفاة خلال أسبوع واحد
وكالات:السودانية نيوز
قالت منظمة أطباء بلا حدود إن السودان يواجه تفشياً متزايداً لوباء الكوليرا، لاسيما في إقليم دارفور، حيث أدت موجات النزوح الناجمة عن انعدام الأمن إلى إنهاك الموارد وتفاقم معاناة النازحين من إصابات وسوء تغذية ونقص في الاحتياجات الأساسية.
وقالت ان منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض وسجلت 40 حالة وفاة بسبب الكوليرا خلال الأسبوع الماضي في مرافق تديرها وزارة الصحة.
وتضرب الكوليرا مختلف أنحاء دارفور، حيث يعاني السكان أساسًا من نقص المياه، مما يجعل من المستحيل اتباع تدابير النظافة الأساسية مثل غسل الأطباق والأغذية. وقد بلغت حدة الأوضاع ذروتها في طويلة، في ولاية شمال دارفور، حيث فرّ 380,000 شخص هربًا من القتال الدائر حول مدينة الفاشر وفقًا للأمم المتحدة.
وبحلول نهاية يوليو/تموز، أي بعد شهر من بدء عمليات الاستجابة، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2,300 مريض مصاب بالكوليرا بالتعاون مع وزارة الصحة في طويلة. ويضطر مركز علاج الكوليرا في مستشفى طويلة، المجهز رسميًا بما مجموعه 130 سريرًا، إلى العمل بطاقة استيعابية بنسبة 180 في المئة بعد إضافة 66 مرتبة إضافية على الأرض للتعامل مع التدفق الكبير للمرضى.
أما في طويلة، فيعيش السكان على متوسط ثلاثة لترات من المياه في اليوم، وهو أقل من نصف الحد الأدنى في حالات الطوارئ البالغ 7.5 لترات للشخص في اليوم لأغراض الشرب والطهي والنظافة، وفقًا لما تنص عليه منظمة الصحة العالمية. وفي ظل تصاعد أعداد حالات الإصابة بالكوليرا ونفاد الموارد، تبرز الحاجة الماسة إلى توفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لمنع وقوع المزيد من الوفيات.
وفي هذا الصدد، يقول منسق مشروع أطباء بلا حدود في طويلة، سيلفان بينيكو، ” غالبًا ما لا يكون أمام العائلات المقيمة في مخيمات النازحين واللاجئين خيار سوى شرب المياه من مصادر ملوثة، مما يؤدي إلى إصابة الكثيرين بالكوليرا. وقبل أسبوعين فقط، عُثر على جثة في بئر داخل أحد المخيمات. وقد تمّ إخراجها، لكن بعد يومين اضطر الناس إلى شرب المياه من البئر نفسه مجددًا”.
وعلى بعد حوالي 100 كيلومتر من طويلة، تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا في قولو، في ولاية وسط دارفور، بتاريخ 13 يوليو/تموز. وقد افتتحت أطباء بلا حدود مركزًا لعلاج الكوليرا بسعة 73 سريرًا ضمن مستشفى قولو. لكن سرعان ما أصبح المركز غير قادر على استيعاب العدد المتزايد من المرضى، حيث وصل في يوم 3 أغسطس/آب وحده 137 مريضًا. كما أُنشئت خمسة مراكز للإماهة الفموية في محيط قولو من أجل معالجة الحالات الخفيفة ومنع تدهورها، لكن فرقنا ترى أن تفشي المرض لا يزال ينتشر بسرعة. كذلك فقد وصلت الكوليرا في أوائل أغسطس/آب إلى زالنجي وروكيرو في ولاية وسط دارفور، وسورتوني في ولاية شمال دارفور.
هذا وتتفاقم الأزمة جراء هطول الأمطار الغزيرة التي تلوث المياه وتدمر شبكات الصرف الصحي. كما تستمر أعداد الحالات في الارتفاع في ولاية جنوب دارفور، حيث قامت منظمة أطباء بلا حدود، بالتنسيق مع وزارة الصحة، بتوسيع مركز علاج الكوليرا في نيالا ليضم 80 سريرًا. وهناك، تنتظر فرق الاستجابة وصول اللقاحات كما تواجه نقصًا حادًا في أقراص تنقية المياه.
وتقول سامية دهب، وهي من سكان مخيم عطاش للنازحين في نيالا، “إنّ المراكز الصحية مكتظة. إذ تتوفر المياه في بعض المناطق، ولكن في بعض المناطق الأخرى تكون الأكشاك بعيدة أو لا تتوفر فيها المياه، علمًا أنّ بعض المياه مالحة، كما أننا نشربها دون غليها، ولسنا متأكدين من سلامتها”.
يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان، تونا تركمان، ”إنّ الوضع أكثر من طارئ. فقد انتشر الوباء الآن إلى ما هو أبعد من مخيمات النازحين، ووصل إلى مناطق متعددة في ولايات دارفور بل وتجاوزها”.
ويضيف تركمان: ”يجب أن تتضمن الاستجابة الدولية آلية تنسيق للطوارئ لمواجهة تفشي المرض تكون قادرة على توفير الرعاية الصحية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، وبدء حملات التطعيم بلقاح الكوليرا في المناطق المتضررة بوتيرة تتناسب مع الحاجة الملحة التي يستدعيها هذا الوضع الكارثي. فكل يوم من التأخير يكلف حياة الناس، علمًا أن منظمة أطباء بلا حدود مستعدة للتعاون مع وزارة الصحة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية لبدء حملات تطعيم جماعية في كافة أنحاء دارفور. إذ لا يجب ترك الناجين من الحرب يموتون بسبب مرض يمكن الوقاية منه”.