جثـ.ـث تعود للحياة في شوارع الخرطوم.. ماذا يحدث في عاصمة السودان؟
وكالات:السودانية نيوز
بدأت فرق الطب العدلي والهلال الأحمر السوداني، خلال الأيام الماضية، عمليات واسعة لنقل جثـ.ـث دُفنت سابقاً في مقـ.ـابر مؤقتة بميادين وشوارع العاصمة الخرطوم، إلى مقـ.ـابر عامة، بعد أشهر من توقف القتال وسيطرة الجيش على المدينة. وشهدت ضواحي عدة شرق العاصمة، أبرزها منطقة شرق النيل، تنفيذ أولى مراحل إعادة دفن الجـ.ـثث التي وضعت سابقاً في أراضٍ مفتوحة بسبب ظروف الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتسببت في سقوط آلاف القـ.ـتلى.
وبحسب شهود عيان، وصلت فرق ميدانية صباحاً إلى ميدان ترابي يستخدم كمقبرة عشوائية، وشرعت في استخراج أكثر من 100 ج.ثة دُفنت بشكل جماعي في وقت سابق، وتم وضع الرفات في أكياس بلاستيكية بيضاء مرقّمة، ونقلها على متن سيارات إلى مق.ابر رسمية في أطراف العاصمة.
وقال أحد أعضاء الفرق المشاركة إن عملية النقل تتم دون مقابل مادي، وتُدار بإشراف مباشر من السلطات الصحية، وسط درجات حرارة مرتفعة وتعاون من الأهالي.
في سياق متصل، تلقّت فرق الطوارئ بلاغات من سكان عادوا مؤخراً إلى منازلهم، تفيد بوجود جـ.ـثث مجهولة داخل منازل مهجورة، أو في قنوات مياه، يرجَّح أنها تعود إلى ضحايا سقطوا خلال فترة الحرب. وتم انتشالها ونقلها بالتنسيق مع الجهات المختصة إلى مواقع دفن معتمدة.
وكشف مدير الطب العدلي في الخرطوم، في تصريح صحفي، عن وجود أكثر من 40 مقـ.ـبرة جماعية داخل العاصمة، تم اكتشافها حتى الآن. وأوضح أن إحدى هذه المقـ.ـابر تقع داخل حرم جامعة جنوب الخرطوم، وتضم نحو 7 آلاف جـ.ـثة في مساحة تُقدّر بكيلومتر مربع، مشيراً إلى أن عمليات النبش مستمرة، وأنه تم حتى الآن استخراج نحو 3.5 ألف جـ.ـثة من مختلف أنحاء المدينة.
كما تم رصد مقـ.ـابر مماثلة في مناطق جبل أولياء، والصالحة، وشرق النيل، التي وُصفت بأنها من أكثر المناطق تأثراً بتراكم الجثامين خلال الحرب.
العودة إلى العاصمة تكشف المأساة
ومع عودة السكان تدريجياً إلى الخرطوم، تتلقى الجهات المختصة يومياً عشرات البلاغات عن وجود جثـ.ـث في المنازل أو الأحياء أو حتى المدارس والمرافق العامة، ما يشير إلى حجم الأزمة التي خلفتها الحرب على المستوى الإنساني والخدمي.
وتؤكد مصادر طبية أن معظم الجثـ.ـث تعود لمدنيين قُتـ.ـلوا خلال تبادل إطلاق النار، أو لقوات مسلحة سقطت أثناء المواجهات، فيما لم تُستكمل حتى الآن الإجراءات الرسمية لتحديد الهويات أو فتح ملفات تحقيق جنائي.
دفن مزدوج وذاكرة مثقلة بالحرب
وفق تقارير تعيش العاصمة السودانية منذ مايو الماضي مرحلة غير مسبوقة من “الدفن المزدوج”، حيث تسعى السلطات والمواطنون إلى إعادة دفن الجثـ.ـث المؤقتة بشكل رسمي، في ظل غياب الإحصاءات الدقيقة، ووسط مطالب شعبية بتوثيق الانتهاكات والكشف عن المسؤولين عن حالات القـ.ـتل والدفن الجماعي.
ويُتوقع أن تستمر عمليات إعادة دفن الجـ.ـثث في الخرطوم لأسابيع مقبلة، في ظل الأعداد الكبيرة من الجثامين الموزعة في أنحاء المدينة، وسط تساؤلات حول مستقبل العدالة، ومصير آلاف الضحايا الذين دُفنوا بلا هوية… ثم أُخرجوا من قبـ.ـورهم، ليُدفنوا من جديد.