الإثنين, سبتمبر 29, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةجيش السودان على طاولة الاتهام: هل تُعيد فظائع السلاح الكيميائي رسم خريطة...

جيش السودان على طاولة الاتهام: هل تُعيد فظائع السلاح الكيميائي رسم خريطة النفوذ الإخواني؟

جيش السودان على طاولة الاتهام: هل تُعيد فظائع السلاح الكيميائي رسم خريطة النفوذ الإخواني؟

متابعات سودانية نيوز

في دهاليز الحرب المنسية بالسودان، تتبلور الآن فصول درامية ذات أبعاد قانونية وجيوسياسية عميقة.حيث يتحول الصراع إلى قضية دولية تحمل في طياتها أدوات الإدانة الأكثر قسوة: اتهام رسمي أميركي باستخدام الأسلحة الكيميائية، وتوثيق للتحالفات بين الجيش السوداني والمليشيات المتطرفة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.
التحرك القضائي الأخير لـ “التحالف السوداني للحقوق” (SAR) لا يستهدف فقط مرتكبي الجرائم، بل يهدف إلى تفكيك شبكة النفوذ التي تحكم من بورتسودان.

صدى الكلور والمساءلة المؤجلة
الخطورة القصوى في الأزمة تكمن في الإقرار الدولي المحدود لفظاعة ما يحدث؛ في مايو الماضي ، ألقت وزارة الخارجية الأميركية قنبلتها الدبلوماسية: “الولايات المتحدة أكدت أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية العام الماضي مرتين على الأقل ، مما يُعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية”.
هذه التأكيدات، التي تشير تقارير إلى أنها قد تكون تتعلق باستخدام غاز الكلور المميت، وضعت سلطة الجيش الذي يحكم البلاد في خانة الدول المارقة عن القانون الدولي.
ورغم نفي الجيش السوداني لهذه الاتهامات ، ووصمها بـ “الابتزاز السياسي”، فإن هذه الادعاءات لم تعد مجرد تقارير صحفية بل تقارير وتأكيدات دولية
هذه المعطيات تشكل الأساس الصلب لدعوى التحالف السوداني للحقوق SAR أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، والتي تتهم كبار قادة الصف الأول: عبد الفتاح البرهان، ياسر العطا، شمس الدين الكباشي، واللواء الطاهر محمد. هذا الانتقال من التوثيق إلى التقاضي الدولي يُعد بمثابة سيف قانوني مُصلت لا يمكن للقيادة العسكرية الإفلات منه ببيانات نفي تقليدية.
بالتوازي، فإن الشكوى المقدمة إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) تهدف إلى تجريد النظام من شرعيته الفنية، من خلال المطالبة بـ تجميد عضوية السودان، وهو إجراء قد يتبعه تحقيق دولي ميداني يكشف عن الحقيقة المؤلمة على الأرض.
معادلة الخطر: التطرف في ميزان القوة الإقليمي
الأبعاد القانونية تتشابك بعمق مع التهديدات الجيوسياسية.
أحد أهم تداعيات استمرار الحرب هو إعادة تموضع القوى المتطرفة، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين وفلول النظام السابق ، في قلب القرار العسكري والسياسي
هذا التغلغل أصبح واضحًا لدرجة استدعت تحذيرًا إقليميًا غير مسبوق.
المحلل السياسي الجميل الفاضل (في تحليل سابق) يرى أن “علاقة عناصر تنظيم الإخوان بهذه الحرب لم تعد سرا خافيا أو مجرد شبهات أو اتهامات”، مشيراً إلى أحاديث تعبوية لقيادات الجماعة سبقت الحرب بأيام وهذا النفوذ يفسر جزءاً من الرهان على الحسم العسكري بدلاً من الحل السياسي.
هذا القلق ترجمته الرباعية الدولية (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة) في بيانها الصادر في شهر سبتمبر الجاري . البيان لم يكتف بالدعوة لوقف إطلاق النار، بل حدد بوضوح الخطر القادم من العاصمة المؤقتة: “لا يمكن أن يملأ مستقبل السودان الجماعات المتطرفة الضيقة، التي هي جزء من جماعة الإخوان المسلمين، أو مرتبطة بها بشكل واضح”.
>
هذا الاقتباس يمثل إدانة سياسية ذات ثقل إقليمي لم تُسمع بهذه الصراحة من قبل. إنه يضع الجيش السوداني أمام خيار صعب: إما التخلي عن تحالفاته الإيديولوجية والامتثال للمسار الانتقالي، أو مواجهة العزل الدبلوماسي الكامل ومطاردة قانونية دولية لا ترحم.

ما بعد الدعوى: مطرقة العدالة وتضييق الخناق

الدعوى القضائية لـ SAR ليست نهاية المطاف، بل هي نقطة تحول حاسمة. إنها تضع أفعال القيادة العسكرية تحت مجهر الجنائية الدولية، وترغم القوى الإقليمية والدولية على مراجعة سياسات التعاطي مع سلطة بورتسودان.
إن الإصرار على محاكمة القادة بتهمة استخدام السلاح الكيميائي يرفع سقف المساءلة إلى أعلى مستوياته، ويقوض أي محاولة للمتهمين للتوصل إلى تسوية سياسية تضمن لهم الحصانة.
ففي عالم ما بعد عام 2025، لا يمكن لأي قائد متهم باستخدام أسلحة دمار شامل أن يتوقع التفاوض من موقع قوة؛ الدعوى هي إيذان ببدء مرحلة تضييق الخناق على نظام يراهن على النسيان والصمت، لكنه يواجه الآن صوت القانون الذي لا ينسى.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات