حارس بوابة الإرهاب في السودان: لماذا يجب على إسرائيل إسقاط رجل إيران في الخرطوم
بقلم: نيجر إنّيس
لقد بات من الواضح تمامًا: السودان لم يعد مجرد ساحة حرب أهلية أفريقية أخرى — بل أصبح موقعًا ناشئًا في الحملة الإرهابية الإيرانية العالمية ضد إسرائيل والغرب. الرجل الذي يقف في قلب هذا التحول هو الجنرال عبد الفتاح البرهان، وكل يوم يبقى فيه في السلطة هو يوم إضافي تكسب فيه طهران مزيدًا من الأرض في سعيها لمحاصرة إسرائيل، إضعافها، وفي النهاية تدميرها.
دعونا نكفّ عن المجاملات الدبلوماسية. البرهان ليس “معتدلاً”، ولا “براغماتيًا”، وبالتأكيد ليس قوة استقرار. إنه مُمكّن للإسلام الراديكالي، وحليف لحماس والإخوان المسلمين، والأخطر من ذلك فهو أداة طيعة في يد النفوذ الإيراني المتوسع عبر أفريقيا والشرق الأوسط.
هذا ليس مجرد افتراض نظري، بل واقع عملي. الأسلحة الإيرانية تتدفق عبر السودان، و العملاء الاستخباراتيون الإيرانيون يتغلغلون في الخرطوم، و تكنولوجيا الطائرات المسيّرة تُشحن و تُجمع في ظلال الجيش السوداني المنقسم. لم يعد الأمر احتمالاً بل تهديدًا حقيقيًا ومباشرًا، و تجاهله من قبل إسرائيل سيكون على مسؤوليتها.
علينا أن ندرك ما هو على المحك. الجمهورية الإسلامية في إيران تسعى منذ زمن إلى بسط هيمنتها الإقليمية من طهران إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، و الآن السودان. استراتيجيتها بسيطة: تطويق إسرائيل بالقوة النارية، تعطيل طرق الشحن العالمية، و استغلال الدول الفاشلة كمواقع انطلاق للإرهاب. و قد منحها البرهان كل ما تحتاجه: بوابة إلى البحر الأحمر، و هيكل عسكري فوضوي، و توجه أيديولوجي قائم على الإسلام السياسي و الكراهية للغرب.
في الوقت ذاته، أصبح السودان تحت حكم البرهان ملاذًا آمنًا لعناصر حماس الهاربين من الضغط في غزة. بينما تفكك إسرائيل شبكات حماس محليًا، فإنهم يعيدون بناءها خارجيًا و السودان هو أحد أهم المراكز. هذا ليس صدفة؛ بل تنسيق كامل. السودان أصبح الآن جزءًا من محور إيران – حماس.
لقد علمتنا مجزرة 7 أكتوبر حقيقة مؤلمة: لا يمكننا بعد الآن اعتبار التهديدات البعيدة مشكلة تخص الآخرين. ما يحدث في السودان اليوم قد يكون نقطة انطلاق لموجة جديدة من الإرهاب ضد إسرائيل غدًا. يجب ألا تُفاجأ الدولة اليهودية مرة أخرى بأعداء يكدّسون الأسلحة ويدرّبون المقاتلين بعيدًا عن الأنظار.
وفي حين أن العالم يواصل إصدار البيانات والقلق بشأن “الأزمة السياسية” في السودان، يجب على إسرائيل أن تركز على الواقع: نظام البرهان تهديد يجب القضاء عليه — سواء بوسائل مباشرة أو غير مباشرة. هذا لا يصب فقط في مصلحة إسرائيل، بل أيضًا في مصلحة حلفائنا في المنطقة.
مصر، والسعودية، والإمارات يرون الخطر أيضًا. موطئ قدم إيران في السودان يهدد التجارة في البحر الأحمر، ويزعزع استقرار حدودهم، ويقوّض محاولاتهم لاحتواء التوسع الشيعي. ولكن بينما تصدر هذه الدول بيانات حذرة وتدعو إلى الدبلوماسية، لدى إسرائيل حسابات مختلفة: البقاء.
لا يمكن لإسرائيل أن تنتظر. السودان لم يعد معزولًا عن الشبكات الجهادية العالمية — بل أصبح جزءًا منها. سمح البرهان للجماعات المتطرفة المرتبطة بالإخوان المسلمين وحتى القاعدة بالعمل دون رادع. وكما رأينا في أماكن أخرى في أفريقيا، هذه الجماعات تنتشر بسرعة، وتستغل الدول الفاشلة كنقاط انطلاق للهجمات.
ولو كان هذا مجرد صراع داخلي سوداني، لبقي الأمر خطيرًا. لكنه الآن أخطر من ذلك بكثير: دولة ضعيفة تتحول إلى قاعدة أمامية لأعداء إسرائيل الأكثر تعنتًا.
لقد أثبت المجتمع الدولي عدم قدرته — أو عدم رغبته — في وقف هذا المسار. العقوبات لم تنجح. قرارات الأمم المتحدة تم تجاهلها. المبادرات الدبلوماسية فشلت. آن الأوان لإنهاء سياسة أنصاف الحلول.
ما هو مطلوب الآن هو حملة منسقة لإزاحة البرهان واستبداله بنظام مناهض للإرهاب، مناهض لإيران، ومتوافق مع رؤية اتفاقات أبراهام للتعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية والسلام من خلال القوة.
يجب أن تشمل الحملة المحاور التالية:
• تنسيق استخباراتي بين إسرائيل، ومصر، والسعودية، والإمارات لرسم خريطة الوجود الإيراني في السودان — من العملاء وسلاسل الإمداد، إلى شبكات الطائرات بدون طيار والمصادر المالية.
• ضغط اقتصادي مُركز على نظام البرهان، بما يشمل فرض عقوبات على الكيانات المتعاملة مع الأسلحة الإيرانية أو التي تأوي عناصر حماس.
• دعم الحكومة المدنية الموازية المُعلنة في نيروبي، والتي تعارض البرهان والتطرف الإسلامي — وتقديم الدعم السري لها لاستعادة السيطرة وإغلاق قنوات إيران.
• عمليات سيبرانية وسرية لتعطيل اللوجستيات الإيرانية وتفكيك البنية التحتية الإرهابية المقامة على الأراضي السودانية.
• حملة إعلامية موجهة للشعب السوداني، تفضح خيانة النظام لسيادة البلاد بالسماح للقوى الإسلامية الأجنبية باستخدام السودان كملعب للإرهاب.
وهناك دور أيضًا للولايات المتحدة — خاصة في ظل قيادة الرئيس ترامب. فقد ركّز مبدأ ترامب على الوضوح، والقوة، والنتائج — لا على دبلوماسية لا تنتهي. اتفاقات أبراهام غيرت مسار المنطقة. ويمكن لذلك النهج أن يساهم أيضًا في إعادة تشكيل السودان، بشرط أن تدرك واشنطن أن البرهان ليس شريكًا — بل هو وكيل.
في نهاية المطاف، يتعلّق الأمر بحقيقة أساسية: يجب على إسرائيل أن تدافع عن نفسها، حتى بمفردها إذا اقتضى الأمر. وفي حالة السودان، الوقت ينفد.
إزاحة البرهان ليست شأنًا سودانيًا فحسب. إنها ضربة لحماس. إنها طعنة في قلب التوسع الإيراني. وهي خطوة ضرورية لضمان ألا تتكرر فظائع 7 أكتوبر — سواء من غزة، أو لبنان، أو من وكر إرهابي في الخرطوم.
الحرب على الإرهاب الإيراني لا تقتصر على حدود إسرائيل. إنها إقليمية. إنها عالمية. وفي السودان، لها اسم: عبد الفتاح البرهان. ومن أجل أمن إسرائيل، ومن أجل مستقبلها، يجب أن تساهم إسرائيل في إسقاطه — قبل فوات الأوان.
نيجر إنّيس هو رئيس مؤتمر المساواة العرقية (CORE)، ومؤسس مشارك لمنظمة أمريكا الجديدة، ومعلّق دائم في قنوات مثل CNN وFox News وBBC.