حافظ ابراهيم عبدالنبي :“الجماهير شرعية حكومة التأسيس” نيالا نموذجاً
في زمن الاضطراب والانهيار الوطني، حيث سقطت الهياكل وتلاشت الثقة في مؤسسات الدولة القائمة، يعلو صوت الجماهير بالعاصمة نيالا بالأمس الموافق 3/ أغسطس منادياً بالتغيير الحقيقي، لا الشكلي، وبالشرعية الشعبية، لا الانقلابات أو التسويات الفوقية. من هذا الواقع تنبثق فكرة حكومة التأسيس، وهي ليست حكومة تقليدية بقدر ما هي مشروع وطني لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة، تقرها الجماهير وتؤسس لها بإرادتها الحرة.
ما المقصود بحكومة التأسيس؟
هي حكومة انتقالية جذرية، تُشكّل عبر عملية تشاركية شعبية حقيقية، تُعيد صياغة العقد الاجتماعي، وتبني مؤسسات الدولة من الصفر، From scratch وفق مبادئ العدالة، والمواطنة، والمحاسبة، ورفض الإقصاء السياسي أو العسكري أو القبلي أو المناطقي .
ليست حكومة محاصصة، ولا امتدادًا لأنظمة الفشل المتكرر، بل مشروع لإعادة تعريف الدولة نفسها بوصفها خادمة للشعب، لا مسيطرة عليه.
لماذا الجماهير هي الشرعية؟
لأن لا شرعية فوق شرعية الشعب.
لقد سقطت شرعيات الانقلابات، وانهارت شرعية البندقية، وأُنهكت شرعية الخارج. وحدهم الناس في الشوارع، والقرى، والفرقان، من يملكون الحق في تحديد شكل الحكم، وأدوات السلطة، وقواعد العدالة.
الجماهير هي التي ثارت، وقدّمت التضحيات، من ابناء ها الخلص شهداء مهراً للقضية العادلة وجرحي وواجهت الطغاة. فكيف يُصادر حقها باسم التكنوقراط أو المليشيات أو الصفقات الدولية؟
معالم حكومة التأسيس الجماهيري
1. إرادة الشعب أساسها الوحيد.
2. ميثاق تأسيسي تُسهم في صياغته القوى الثورية الحقيقية، لا قوى المصالح.
3. عدالة انتقالية ومحاسبة شاملة لكل من تورط في دماء، أو فساد، أو تآمر.
4. بناء مؤسسات وطنية مستقلة لا تخضع للولاءات الحزبية أو الجهوية.
5. إشراف شعبي دائم على الأداء الحكومي والمؤسسات الانتقالية.
لن تُبنى الدولة السودانية على أسس جديدة دون الاعتراف الكامل بأن الجماهير هي المصدر الوحيد للشرعية. فلتسقط كل النخب التي خانت هذا المبدأ، ولتنهض حكومة التأسيس – لا حكومة تسوية – تمثل الثورة، وتنتصر للكرامة، وتكتب التاريخ من جديد. “الجماهير شرعية حكومة التأسيس” ليست مجرد شعار، بل قاعدة الثورة القادمة.