رماز علي ريري تكتب: الإمارات تفند رواية السودان حول استهداف مقر بعثتها الدبلوماسية في الخرطوم والأدلة تطارد البرهان
رماز علي ريري
في سياق التوترات المتزايدة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والسودان نتيجة النزاع المستمر في البلاد، أعلنت الإمارات عن حادثة جديدة مثيرة للجدل، تمثلت في استهداف الجيش السوداني لمقر بعثتها الدبلوماسية في الخرطوم. هذه الحادثة التي أعلن عنها سعادة سالم سعيد غافان الجابري، مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون الأمنية والعسكرية، شكلت صدمة في الأوساط الدبلوماسية، وأشعلت موجة من التساؤلات حول مصداقية الرواية الرسمية الصادرة عن السلطات السودانية.
الجابري أكد أن الجيش السوداني استهدف بشكل مباشر مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم، مما أدى إلى أضرار جسيمة في المبنى والمرافق المحيطة به. وأشار إلى أن هذا العمل يشكل انتهاكاً صارخاً للأعراف والمواثيق الدولية، وبالأخص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تنص على احترام وحماية البعثات الدبلوماسية. وأكد أن دولة الإمارات تمتلك أدلة دامغة، تتضمن صوراً وفيديوهات، تثبت استهداف المقر بشكل مباشر من قبل الجيش السوداني.
الأدلة تطارد البرهان ورواية السودان تنهار
في أعقاب هذا التصريح، تحركت الأنظار نحو الحكومة السودانية والجيش، وبالأخص قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي بات في مواجهة مباشرة مع الأدلة التي قدمتها الإمارات. وقد نفت وزارة الخارجية السودانية والقوات المسلحة في بيان مشترك أي استهداف للمقر الدبلوماسي الإماراتي، وأكدت أن ما حدث هو مجرد حادث عرضي لم يسفر عن أضرار، مما يتناقض مع الرواية الإماراتية.
غير أن الإمارات، عبر مساعد وزير الخارجية سالم الجابري، لم تتردد في دحض هذه الرواية السودانية، حيث أشار إلى أن الأدلة التي تمتلكها بلاده تفند بشكل قاطع المزاعم التي أوردتها الحكومة السودانية. وقد أوضح الجابري أن هذه الأدلة، التي تتضمن صوراً وفيديوهات وثقت الهجوم، تؤكد أن المبنى تعرض لدمار واسع، وهو ما يلقي بالمسؤولية الكاملة على الجيش السوداني في هذا الحادث.
التوتر الإعلامي وردود الفعل الشعبية
التفاعل الشعبي والإعلامي على الحادثة كان سريعاً. فعلى منصات التواصل الاجتماعي، بدأت التساؤلات تثار حول مصداقية تصريحات الحكومة السودانية. وقد شهدت الساعات التالية لتصريح الجابري نشر مقاطع فيديو على منصة “السودان حديثاً” على فيسبوك، توثق الأضرار التي لحقت بمبنى البعثة الإماراتية في الخرطوم. هذا الفيديو الذي ظهر بعد ساعات قليلة من التصريحات الإماراتية، قدم دليلاً مصوراً على حجم المعركة العنيفة التي دارت حول المبنى، ما يعزز من الرواية الإماراتية ويدحض تماماً الرواية السودانية الرسمية.
الفيديو أظهر أن المبنى والمناطق المحيطة به قد تعرضت لقصف مباشر، مما أثار موجة من الانتقادات للحكومة السودانية والجيش السوداني، خاصة مع محاولاتهما التملص من المسؤولية عن الحادث. ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت قضية استهداف المقر الدبلوماسي الإماراتي محور النقاش على وسائل الإعلام السودانية والإماراتية، وهو ما زاد من الضغط على السلطات السودانية لتقديم تفسير شفاف ودقيق لما جرى.
*انعكاسات الحادثة على العلاقات السودانية الإماراتية*
حادثة استهداف مقر البعثة الإماراتية في الخرطوم ليست مجرد واقعة معزولة، بل تأتي في سياق تصاعد التوتر بين السودان والإمارات بسبب النزاع العسكري المستمر في السودان منذ أشهر. دولة الإمارات، التي كانت وما زالت تلعب دوراً محورياً في الجهود الدولية لوقف النزاع وتحقيق الاستقرار في السودان، اعتبرت هذا الحادث انتهاكاً خطيراً للأعراف الدبلوماسية، وهو ما يهدد بتفاقم التوترات بين البلدين.
كما أن هذه الحادثة تزيد من تعقيد الوضع السوداني المتأزم بالفعل. السودان يعاني منذ فترة طويلة من نزاع دموي بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهو صراع دفع البلاد إلى حافة الانهيار السياسي والإنساني. الإمارات كانت من بين الدول التي سعت لإيجاد حل سلمي للصراع السوداني عبر جهود الوساطة الدبلوماسية والتنسيق مع الأطراف الدولية. لكن استهداف مبنى بعثتها في الخرطوم يعقد من جهودها هذه، ويضعف من فرص التوصل إلى اتفاق ينهي النزاع.
*مطالبات بمحاسبة المسؤولين وملاحقة البرهان*
من جانبها، دعت الإمارات إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم، وأكدت أنها ستواصل الضغط على المجتمع الدولي لملاحقة من يقفون وراء هذا الاستهداف. وبينما لم تذكر الإمارات البرهان بالاسم، فإن التلميحات تشير إلى أنه بوصفه القائد الأعلى للجيش السوداني، يتحمل مسؤولية ما يجري على الأرض، بما في ذلك هذا الهجوم.
تصاعد هذه التوترات يضع البرهان تحت المجهر، خاصة مع توالي التقارير التي تشير إلى أن الجيش السوداني متورط في انتهاكات جسيمة خلال النزاع المستمر. الحادثة الأخيرة تضيف إلى سجل البرهان المليء بالتحديات، وتزيد من الضغوط المحلية والدولية عليه، سواء فيما يتعلق بمسؤوليته عن النزاع أو عن انتهاك المباني الدبلوماسية.
*دور الإمارات في إنهاء النزاع السوداني*
رغم الحادثة، تظل الإمارات ملتزمة بدورها في السعي لإنهاء النزاع في السودان. فمنذ بداية الصراع، كانت الإمارات من بين الدول الفاعلة التي حاولت توجيه الجهود الدولية نحو إيجاد حل سلمي يوقف النزيف المستمر في البلاد. ولعبت الإمارات دوراً محورياً في جهود الوساطة بين الأطراف المتنازعة، بالتنسيق مع شركائها الدوليين والإقليميين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
ومع تعقيد الوضع الحالي في السودان، لا تزال الإمارات تعمل على تعزيز جهودها من أجل تحقيق الاستقرار، لكنها تجد نفسها الآن في مواجهة تحديات إضافية تتعلق بحماية بعثاتها الدبلوماسية وضمان سلامة موظفيها في البلاد. الحادث الأخير يزيد من تعقيد هذه المهمة، لكنه لم يثنِ الإمارات عن مواصلة جهودها في هذا الصدد.