عثمان أحمد الحاج
ما فتئت السلطات “الكيزانية” القابعة بمدينة ببورتسودان تتحفنا كل يوم بالجديد والغريب، فالسلطات ذاتها التي بح صوتها من مناشدة المجتمع الدولي بالتدخل – فيما يقوي مواقفها – فالاستغال والاستغلال دينها وديدنها في النظر إلى الواقع واستشراف المستقبل ودونكم الموقف من دخول لجنة تقصي دولية الى الفاشر.
بالأمس نقلت وسائل الإعلام عن وزير العدل بسلطات بورتسودان – القيادي الإسلاموي – عبد الله درف، رفضهم إحالة التحقيق في جرائم الدعم السريع في الفاشر إلى لجنة تقصي الحقائق”.
لم يخرج “درف” قيد انملة عن نهج إخوانه حينما كانوا
على سدة السلطة تجاه التدخل الدولي في قضايا العدالة، لا سيما في دارفور التي ظلت أرواح ضحاياهم فيها كابوسا يؤرق مضاجع قيادات الحركة الإجرامية سيما عقب إدانة ذراعهم (كوشيب) دوليا ما أكد على أن أمر إدانة الفاعلين الرئيسين والمطلوبين دوليا أمرا محسوما.
وأضاف الوزير : “ما يقوم به مجلس حقوق الإنسان غير ملزم، وأنه درج الأمر في مثل هذه المسائل أن تُستشار الدولة فيما يتعلق بعمل مثل هذه اللجان، لأنه يتعلق بسيادتها، حيث لدينا آليات تحقيق وطنية يمكن أن تقوم بذلك”.
حسنا.. ألم تكن لجنة مولانا دفع الله الحاج موسى التي جرى تشكيلها في العام 2005 من قبل نظام البشير للتحقيق في ما جرى من جرائم على يد قولتهم ومليشياتهم آلية وطنية ؟؟ بالطبع نعم لكن نتائج وتقارير اللجنة ذهبت أدراج الريح ولم يبقى في الذاكرة سوى رد “البشير” على رئيس اللجنة بأن اغتصاب (الغربية) على يد (جعلي) شرف لها.
ومن عجب ان ترحب سلطات (تأسيس) أو سمها الذراع السياسي لقوات الدعم السريع – المتهمة بارتكاب جرائم الفاشر – بلجنة تقصّي الحقائق الدولية وان ترفضها سلطات (بورتسودان) التي كان حريا بها حماية المواطنين او تجنيبهم خطر الانتهاكات لكنها تلوذ بكهف قديم من حجج السيادة الوطنية المستباحة في عهد الإسلاميين بستة وعشرين ألف من القوات الدولية.
ايا يكن الموقف، تظل لمحكمة الجنائية الدولية الحاضر الأقوى في المشهد، حيث أن ولايتها القضائية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1593 لعام 2005 لا تزال سارية في دارفور وهذا من المعلوم بالضرورة لوزير عدل البرهان.
تجدر الإشارة لإفادة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أن المحكمة مؤهلة للتحقيق في الجرائم الأخيرة في دارفور، بما فيها الفاشر، بناءً على الإحالة السابقة.
ختما لن يتوقف سلسال الدم السوداني ما دام المجرمين طلقاء تحميهم سلطة غاشمة وشريكة في الجرائم فالإفلات من العقاب كفيل بإدامة الإجرام وهو نهج الاسلاميون الذي يحاولون عبثا تمتينه ويذرفون دموع التماسيح على عشرات الضحايا وهم من قتلوا مئات الآلاف في ذات الإقليم المنكوب.

