“صمود” يطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول الاتهامات للجيش باستخدام أسلحة كيميائية
متابعات: السودانية نيوز
انعقد فى العاصمة الاوغندية كمبالا فى الفترة من 22 إلى 24 مايو 2025 أول اجتماع أرضي حضوري للأمانة العامة و الآلية السياسية للتحالف المدني الديمقراطي لقوي الثورة (صمود) برئاسة رئيس التحالف الدكتور عبدالله حمدوك فى ظرف هو الأحلك في تاريخ بلادنا التي تئن تحت أزيز الرصاص وأصوات البنادق اذ و يواجه شعبنا اسوأ صنوف المعاناة من قتل و سحل و تشرّد ونزوح ولجوء و لم يعد هنالك من الكلمات لوصف هذه المأساة و يكفي أن صنفتها المنظمات الأقليمية و الدولية بأنها الكارثة الانسانية الأسوأ في هذا القرن. إن الأزمة الوطنية السودانية قديمة و معقدة و قد تجلّت كل مكوناتها و جذورها في حرب الخامس عشر من أبريل. فالحرب قد خلقت حالة عميقة من الانقسام الاجتماعي الحاد والاصطفاف الاثني والجغرافي، كما أنها خلّفت دمارا ماديا كبيرا في البنية التحتية و فى كل مقومات الحياة المدنية، كما أن فظائع الحرب سببت غضبا كبيرا في نفوس الكثيرين وجعلتهم يتصالحون مع العنف والتوحش حتى صارت الرغبة في الانتقام هي الوقود الذي يغذي استمرار الحرب بلا تصور لنهايتها، و قد صار جليا أن حزب المؤتمر الوطني المحلول مازال يسعى إلى استخدام أشلاء السودانيين للعودة للسلطة و ها قد بدأت بوادر التسلط تطل برأسها مرة أخرى والشواهد أمامنا ماثلة من اعتقالات وقتل خارج سلطة القانون و تسييس للقضاء و قفل التكايا و محاصرة الفضاء المدني.
وتابع البيان (لقد كانت هذه الحرب منذ اندلاعها مسرحا لانتهاكات متعددة ارتكبتها الأطراف المتحاربة، و في هذا السياق ندين ما حدث مؤخرا من هجمات قوات الدعم السريع على البني التحتية و الانتهاكات الوحشية التي قامت القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها فى حق المدنيين فى مناطق متفرقة تدور فيها عمليات تبادل للسيطرة. و هنا نجدد مطلبنا السابق بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق فى كافة الجرائم و الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب بما في ذلك الاتهامات الموجهة للقوات المسلحة باستخدام أسلحة كيميائية، و لا يفوتنا أن نوجه النداء لأطراف الحرب أن لا يواصلوا الانزلاق فى تدمير البلاد وقتل العباد.
وشدد اتضح جليا أن هنالك انقسام حول حرب الخامس عشر من أبريل الأمر الذي أعاق المبادرات الإقليمية والدولية الأمر الذي وقف حائلا للوصول لوقف إطلاق النار وتحقيق رغبة السودانيين فى السلام خصوصا مع بطء عملية توحيد ارادة السودانيين الغالبة و الرافضة للحرب فى كتلة مدنية قادرة على الضغط على الأطراف الداخلية والخارجية بطرح معادلة سياسية تحقق إيقاف الحرب بتقديم مصالح السودانيين فى السلام والعيش الكريم، معادلة تمكّن السودان أن يكون فاعلا فى الاسرة الاقليمية و الدولية فلا يمكن لأي خارج كان أن يحقق مصالحه فى ظل استمرار الحرب و تهتك النسيج الاجتماعي و تفتت البلاد وتحولّها إلى كانتونات عسكرية.
أولا، السياق السياسي وما يتطلبه من تطوير رؤية تحقق أهداف التحالف فى إيقاف و إنهاء الحرب واستعادة المسار المدني الديمقراطي و بناء الدولة السودانية على أسس عادلة تحقق المواطنة المتساوية.
ثانيا، الكارثة الإنسانية و تفاقمها فى ظل استمرار الحرب و تراجع الدور الأممي في التأثير و الضغط على أطراف الحرب لجعل حماية المدنيين الأولوية القصوى وما يتطلبه من تطوير رؤية للعمل الإنساني تخاطب مأساة السودانيين فى مناطق الحرب و معسكرات النزوح و اللجوء.
ثالثا، الشكل التنظيمي الذي سينظم به التحالف نفسه للاضطلاع بمهمة اجتراح طريق ثالث يعبّد المسار لتكوين كتلة مدنية مستقلة لكنها غير محايدة في الموقف من الحرب وهو موقف الغالبية العظمي من الشعب السوداني، بتبني وسائل و آليات تحقق أهداف التحالف والعمل على توسيعه باستراتيجيات محددة وواضحة.
مخرجات الاجتماع:-
فى القضية السياسية طوّر الاجتماع الرؤية السياسية للتحالف بالاخذ فى الاعتبار المستجدات السياسية والعسكرية في الداخل و تباين المواقف الاقليمية و التحولات الدولية، وأكدت الرؤية المجازة على أن الأولوية القصوى هي لإيقاف الحرب و لمخاطبة الأزمة الإنسانية، و أن السعي لتحقيق الشرعية من قبل سلطة بورتسودان والتنافس عليها بتشكيل حكومات بواسطة الدعم السريع و حلفاءه أمر لا يخاطب الأولويات و لا يستجيب إلى احتياجات السودانيين في الداخل والخارج من أمن و غذاء و استعادة مقومات الحياة المدنية. و لتحقيق ذلك تبنت الرؤية مبادئ الحل السياسي الشامل وعلى رأسها وحدة السودان أرضا و شعبا و المواطنة المتساوية القائمة على الفصل التام بين الانتماء الديني للمواطنين و الدولة، كما تضمنت الرؤية الآليات و الوسائل لتحقيق أهداف التحالف وتمثلت في حشد الجهد الشعبي والسياسي لإيقاف الحرب عبر بناء كتلة مدنية مستقلة رافضة للحرب.
وقرر الاجتماع إطلاق نداء للقوى المدنية الديمقراطية لمواصلة الحوار من أجل الوصول إلى صيغة للعمل المشترك تتوج فى جبهة مدنية أو مركز للتنسيق. كما قرر الاجتماع التواصل مع كافة الأطراف لإطلاق عملية سياسية عبر مائدة مستديرة تقود إلى توحيد المواقف لإيقاف الحرب و تضع لبنات انهائها بمخاطبة جذور الأزمة التاريخية كمدخل أوحد لتحقيق الاستقرار. وقرر الاجتماع أيضا قيام قيادة التحالف بجولة اقليمية لحشد الجهد الإقليمي والدولي لتنشيط المنبر التفاوضي لأطراف الحرب من أجل التوصل لوقف إطلاق النار إذ أن ايقاف الحرب لم يعد مجرد مطلب سياسي بل أصبح النداء الأكثر الحاحا في وجدان السودانيين الذين أنهكتهم الحرب بالموت و الجوع و التشرد والنزوح، مما يفتح نافذة للأمل، و أن صوت هذا النداء يعلو أكثر فأكثر، و تزداد وتيرة التعبير عنه بوضوح وسط السودانيين والسودانيات، كما تتلاقى معه نداءآت اقليمية و دولية تٌجمع كلها على أن الحل السياسي السلمي المتفاوض عليه هو الطريق الأوحد و الأقل كلفة لإنهاء معاناة السودانيين في أقصر وقت.
و ثمّن الاجتماع على الجهود المحلية الداخلية المتمثلة في التكايا وغرف الطوارئ والمطابخ الشعبية وكافة أشكال الصيغ التكافلية التي تعبّر عن مدى صلابة مجتمعاتنا السودانية وعراقتها التي تجلّت في ابتداع وسائل محلية للمقاومة والصمود في ظل أحلك الظروف. كما تقدم الاجتماع بالتهنئة لغرف الطوارئ لفوزهم بجائزة حقوق الإنسان من الاتحاد الأوروبي مشيرا إلى أن هذا التقدير و الاعتراف يؤكد غني الإرث الذي يتمتع به الشعب السوداني مع الإشارة إلى أن الاحتفاء بهذا الجهد المحلي يجب أن لا يعفي المجتمع الدولي من القيام بواجباته تجاه السودانيين فى كارثتهم الأعظم فى تاريخهم. و قد قرر الاجتماع تبني أدوات جديدة للتذكير بحجم الكارثة الانسانية و يأتي على رأس هذه الوسائل تنظيم السودانيين في الخارج للقيام بحملات شعبية لتذكير العالم بطرق مبتكرة للضغط على صناع القرار بجعل مسألة إغاثة السودانيين أولوية قصوى و قضية حية في الإعلام المحلي و العالمي و في دوائر صناعة القرار. وفي هذا السياق نشير إلى أن تدهور البيئة الصحية أصبح مهددا حقيقيا لحياة المواطنين خصوصا مع تفشي وباء الكوليرا فى عدة مدن بالبلاد، وهنا نطالب المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية بالتدخل الفوري لتوفير الأدوية والأمصال لإغاثة السودانيين فى كل مكان و خصوصا فى مدينة الفاشر التي ظلت تحت حصار البنادق لأكثر من عام.