الأربعاء, ديسمبر 18, 2024
الرئيسيةمقالاتعبدالوهاب الأنصاري يكتب: مليشيا جندرمة "Gendarmerie" قوة دفاع السودان S.D.F" 1925" النشوء...

عبدالوهاب الأنصاري يكتب: مليشيا جندرمة “Gendarmerie” قوة دفاع السودان S.D.F” 1925″ النشوء والارتقاء .. !!

عبدالوهاب الأنصاري يكتب : مليشيا جندرمة “Gendarmerie” قوة دفاع السودان S.D.F” 1925″ النشوء والارتقاء .. !!

لايزال اغلب “المتعلمين” يجهلون الكثير في مجالات التاريخ السوداني الحديث، أو لا يقرأون، وهناك الكثير من الحقائق التاريخية غير المستكشفة فيه أو المخفية عن قصد، في محاولة “للي عنق الحقيقة” حتى أنه ليس بإمكان المرء الآن الرجوع إلى مرجع تاريخي، إلا ما ندر وبشق الأنفس عن أخطر مليشيا “جندرمة” وهي “قوة دفاع السودان” ذلك الذراع العسكري الباطش للحكم الإنجليزي – المصري منذ العام 1925م حتى خّلفه لنا الإستعمار عشية الاستقلال وأصبح “جيشاً” “كخازوق إنجليزي” ثم ذهب في عام 1956م.

مدخل:
*استقيت اغلب معلومات هذا المقال، من إستنطاق المرجع الموضح أسفل المقال والمنشور، وهو من البحوث النادرة، في كشف كينونة مليشيا جندرمة “قوة دفاع السودان” كما وصفها الباحث، وهي في الأصل أطروحة أكاديمية كُتِبَتْ وقدمت للحصول على درجة الماجستير في (جامعة الخرطوم) ذات التقاليد الأكاديمية الصارمة، و هو محاولة نادرة ومتفردة من الباحث، وناجحة إلى حد كبير لسد الفجوة المعلوماتية عن هذه المليشيا “قوة دفاع السودان” التي أصبحت فيما بعد ما سمي الجيش السوداني، أو القوات المسلحة السودانية، أو قوات الشعب المسلحة، تتغير مسمياتها، حسب النظام السياسي، الذي يصل السلطة في المركز على ظهرها وبأدوات عنفها، أياً كان.

● الجذور التاريخية لجندرمة مليشيا “قوة دفاع السودان” بذرة الجيش الحالي:

“لقد ظلت مسؤولية الأمن الخارجي والشرطة المحلية – الداخلية للسودان من العام 1898 حتى عام 1925م ملقاة على عاتق الجيش المصري، الذي غزا البلاد مستعمراً، خلال حملة إعادة إستعمار السودان، المعروفة في التاريخ “بحملة إستعادة السودان” او حملة فتح السودان !!. والتي بدأت من العام 1886 وإنتهت “بمعركة كرري” بأم درمان في العام 1889 ضد الدولة المهدية بعد هزيمة جيشها.

صراع “الثنائي” الإستعماري الحاكم في السودان:
وقع تمرد من “القوات المصرية في أم درمان” العام 1900م نتيجة لانعدام حساسية اللورد “كتشنر باشا” ومعاملاته غير اللائقة مع مرؤوسيه من الضباط المصريين، وعمل ذلك التمرد “المصري” على تأكيد شكوك المسؤولين البريطانيين، في أن الجيش المصري في السودان كان يمثل تهديداً، بقدر ما كان يمثل ضمانة للحكم الإنجليزي.

وبالتالي فقد انتهج المسؤولون البريطانيون، سياسة أمنّية شملت تمركز حامية بريطانية خالصة في السودان، ومن ثم القيام بحملة مُتَقَطِّعة ومحبطة (ولكنها غير فعالة إلى حد كبير) لتقليل تأثير الضباط والجنود المصريين، على زملائهم ومرؤوسيهم السودانيين الذين كانوا يعملون في الجيش المصري الغازي في السودان!؟

ولكن بعد المشاركة البارزة للضباط السودانيين، والضباط السابقين والطلاب العسكريين، في الاضطرابات السياسية التي حدثت العام 1924م الموسومه في مراجع تاريخ السودان بثورة 1924.

“وتلازم ذلك الحدث بإغتيال “السير/ لي ستاك، حاكم عام (سردارد) السودان في شوارع القاهرة، إتخذ المسؤولون البريطانيون، ذلك ذريعةً طال انتظارها “وإلى حدٍ ما دون عائق” لفك ارتباط مصر عسكرياً مع السودان.”

وقاوم بعض الضباط والجنود السودانيين، ذلك التحرك البريطاني الأحادي، الذي يتعارض بشكل واضح مع “قسم الولاء لملك مصر”!. وهو القسم الذي كان يؤديه الضباط، عند التخرج “لملك مصر”. كدولة إستعمارية شريكة في الحكم الثنائي، وبالتالي ضباط في الجيش المصري !؟

وتم قمعهم بعنف، وتقديم قادتهم لمحاكم عسكرية، من قبل القوة البريطانية في الخرطوم تحت تهم فيما سُمِّيَ بأسماء متنوعة وجاهزة في العرف العسكري، مثل “التمرد” “الفوضى” أو “الثورة” أو “الاضطرابات” كمصطلحات ثابتة، مازالت حاضرة حتى اليوم، توارثها العسكر نسل هذه القوة، وذلك في 27-28 نوفمبر من عام 1924م.

وأفضى ذلك إلى إخراج الكتائب، والضباط المصريين من السودان وارجاعهم إلى مصر.

■ إنشاء مليشيا جندرمة “Gendarmerie” قوة دفاع السودان بمهام باطشة للمواطنين وقامعة للاحتجاجات مازالت حاضرة.

تمَّهد الطريق لإنشاء، “مليشيا قوة دفاع السودان” كقوة شبه عسكرية محلية لتقوم بمهام، حفظ الأمن الداخلي، وهي”قوة دفاع السودان” الرحم الذي فرخ من رحمه ما يسمى “بالجيش السوداني” الحالي، والذي انتج رحمه “قوات الدعم السريع” التي يقاتلها الآن.

ولكن تكوين مليشيا “دفاع السودان” كان على نطاق أصغر بكثير حينئذ وتابعة للإدارة الإستعمارية الإنجليزية تحديداً.

كانت تلك القوة، تدين بالولاء المباشر (والحصري) لحاكم عام السودان البريطاني الجنسية عقيدةً، المليشيا قوة دفاع السودان كما ذكرنا كانت أقرب إلى أن تكون قوات شبه عسكرية أو قوات درك / جًنْدَرْمة gendarmerie.

إلا أن “قوة دفاع السودان” نفسها، كانت موضع شك عميق عند السلطات البريطانية، مما جعلهم يبقون على حامية بريطانية (بالخرطوم) خالصة، لضمان كبحها لو إنحرفت عن أداء الدور المرسوم لها. لاستقرار الأمن الداخلي.”

*”وكما قال الجنرال “هدليستون Huddleston” أول قائد لقوة دفاع السودان في العام 1931 فقد كانت مهمة الحامية البريطانية هي “هزيمة قوة دفاع السودان. ”

وبالإضافة لأداء مهام الشرطة المحلية، التي كان بعض عملياتها (تُسَمَّى بشكل ملطف “دوريات” في جبال النوبة، وجنوب السودان).

وهي في الحقيقة كانت حملات وعمليات عسكرية، مكتملة الأركان ضد المواطنين في جبال النوبة، وجنوب السودان السابق. “جمهورية جنوب السودان” الآن، بعد نيلها إستقلالها من السودان 2011 بموجب استفتاء وفق اتفاقية “نيفاشا” 2005.

■ مشاركة مليشيا “قوة دفاع السودان” في الحرب العالمية الثانية بالوكالة تحت القيادة البريطانية:

وكان أهم عمل خارجي لقوة دفاع السودان، هو هزيمتها للإيطاليين في الحرب العالمية الثانية، وهي تقاتل “بالوكالة” عن الحلفاء بقيادة بريطانيا

مليشيا جندرمة  "Gendarmerie" قوة دفاع السودان S.D.F" 1925" النشوء والارتقاء .. !!
مليشيا جندرمة “Gendarmerie” قوة دفاع السودان S.D.F” 1925″ النشوء والارتقاء .. !!

●مليشيا قوة دفاع السودان ودورها في الأمن الداخلي للمستعمر:

وكما ذكرنا آنفاً، كان اهم دور في مهام قوة دفاع السودان الأساسية، هو القيام بحفظ الأمن الداخلي، وقمع الثورات والاحتجاجات الشعبية، وقد كانت تقوم بدور عنيف وفظ، في التعامل مع المواطنين، اورثته لمولودها “للجيش السوداني” الذي يؤرخ لميلاده بها في العام 1925م، فيما بعد كما نرى للدرجة التي اوصلت، قائده الأعلى والعام “المشير المخلوع عمر البشير، المدان بالفساد، باستلام أموال اجنبية، خارج السجلات من المملكة العربية السعودية. نظير إرسال “قوات الدعم السريع، والجيش” – ومازالت! للحرب في اليمن!؟ “عاصفة الصحراء” بالوكالة عن دولة الإمارات العربية. “بحكم محكمة”

والهارب من سجن كوبر. والمطلوب القبض عليه وآخرين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بتهم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والتطهير العرقي، والإبادة الجماعية.

■ مليشيا “قوة دفاع السودان” تقوم بعمليات قمع واسعة في جبال النوبة وجنوب السودان السابق جمهورية جنوب السودان الحالية في العام 1926 – 1928م:

قامت مليشيا “قوة دفاع السودان” بأربع حملات محددة، نصفها في جبال النوبة عام 1926م، والنصف الآخر ضد النوير في عامي 1927 و 1928م.

■ المشاركة الخارجية لمليشيا قوة دفاع السودان “الدور الأجنبي” هو دورها في الحرب العالمية الثانية “بالوكالة” تحت القيادة البريطانية.

● تناول الكاتب دور مليشيا “دفاع السودان” في الفترة التي أعقبت انتهاء الحرب العالمية الثانية. مشيرا إلى:

كيف كانت علاقة هؤلاء الضباط بالمجتمع السوداني؟

قائلاً “إن انخراط الضباط من “مليشيا جندرمة”قوة دفاع السودان في تنظيم حديث وعقلاني (rational) بتقنيات وتدريبات حديثة وقيم جديدة من “النظام” و”الطاعة” كان يجذبهم في اتجاه واحد، هو التعالي على المواطنين المدنيين، بينما كانت خلفيتهم الاجتماعية، وظروف معيشتهم تجذبهم إلى مجتمعهم التقليدي.

لذلك عندما وصلوا إلى السلطة، بعد أن تم، فقط “تغيير اللوحة” من “قوة دفاع السودان” بمثقال تاريخها” إلى الجيش السوداني طفرة تحت قيادة اللواء احمد محمد الجعلي “باشا” عشية الاستقلال محتكرين عنف الدولة، بنفس بندقية المستعمر وعقيدته القتالية كحراس.

“ظلوا منشغلين بالمراسيم (decrees) عوضاً عن المناقشات والمناظرات (debates)، وبنصوص القانون عوضاً عن إبتدار، عقيدة عسكرية ترتبط بمشروع وطني شعبي (لنيل) التأييد الشعبي”.

بالتالي لا يمكن أن تصبح قوة دفاع السودان، محور أو نواة لحركات وطنية بحكم تكوينها، بل غدت تلك القوة واحدةً من أكبر دعائم النظام الكلولونيالي، ولها تاريخ حافل بالانقلابات، وباتت أكبر مُعيق كأداة في بناء مشروع وطني.

بل ظلت على طبعها القمعي، الذي اعتمد عليه بناء نشأتها، في تعاملها مع المقاومة الوطنية المحلية” وقمعها عبر التاريخ لاي حراك مدني.

كما رأينا من على بوابة القيادة العامة، إتبان الحراك الثوري المستمر. وكيف سحلت الثوار، بمشاركة رديفتها قوات الدعم السريع، التي خرجت من رحمها.
رأينا بأم اعيينا شابات يتوسلن طلب فقط السماح لهن بالدخول عبر أبواب القيادة العامة للجيش. وكيف رفض الجنود انصياعاً لتعليمات قادتهم !!
أي شرفٍ كان؟ واي كرامةٍ تُدعى؟ واي نخوةٍ كانت؟ واي رجولةٍ ظلت؟

وبإعتراف نائب القائد العام للجيش، الفريق “شمس الدين كباشي شانتو” الذي انطقه الله، توثيق ليكون حجة عليه، في الدنيا والآخرة، عبر التاريخ وفي جب مزبلته. صورة وصوت مُقراً بالتخطيط، والتجهيز، والحشد، والتنفيذ و”حدث ما حدث”

وهكذا يتم هنا تقديم ضباط وجنود مليشيا “قوة دفاع السودان” الجيش حالياً كما كان البريطانيون يرونهم بالفعل؛ ومن الصعب تجنب استنتاج مفاده أن إزالة الحامية الإنجليزية – المصرية “الجلاء”؛ عشية الاستقلال كانت أكثر أهمية، في تطور السياسة السودانية من الاستقلال السياسي الوطني نفسه، من حل مليشيا، “قوة دفاع السودان” نفسها بدلاً من خطاط، يعيد رسم تعميد المّسمى. بدلاً من بناء جيش سوداني تحرري، بعقيدة وطنية ومهني.

18 ديسمبر 2024
_________

● كتاب أحمد العوض محمد: قوة دفاع السودان.. أصلها ودورها (1925- 1955م)
● ترجمة: د.بدر الدين حامد الهاشمي

● Reviewed work: Sudan Defence Force: Origin and Role, 1925 – 1955, Institute of African and Asian Studies Occasional Paper No.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات