عضو بالمجلس السيادي السوداني يهدد تشاد: اقتراب نذر الحرب الإقليمية
ذو النون سليمان، مركز تقدم للسياسات
تقدير موقف
تقديم:
تصاعدت حدة التوتر بين تشاد والسودان بعد إعلان عضو مجلس السيادة السوداني، ومساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، الأحد 23 مارس، إن مطاري أنجمينا وأم جرس بدولة تشاد سيكونان أهدافًا مشروعه للجيش السوداني. وأضاف في تصريحاته العلنية ” سنقتص من الرئيس التشادي محمد إدريس دبي” كما هاجم أيضاً ما أسماهم “مراكز النفوذ والخونة في دولة جنوب السودان” في إشارة صريحة الى اتهام جوبا بالانحياز لقوات الدعم السريع.
ورفضت وزارة الخارجية التشادية تصريحات مساعد قائد الجيش، ونعتتها بـ “غير المسؤولة” وتفسيرها كإعلان حرب وأشار البيان ” إذا تم المساس مجدداً بأراضينا أو أمننا فإننا سنرد “بشكل صارم ومتناسب مع طبيعة العدوان”، وأن حكومة أنجمينا تحتفظ بحق الرد المشروع عسكريا على أي محاولة للاعتداء، بغض النظر عن مصدره، في إشارة للمعارضة المسلحة أو القوة المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع النظام.
وعلى جانب اخر، قال بيان لخارجية جنوب السودان إن تصريحات العطا التي وصف فيها قوى في جنوب السودان بالخونة، بانها متهورة واستفزازية. وأضاف” أن الحكومة ستتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة أراضيها وسلامة مواطنيها”
تحليل:
– تراجعت العلاقات السودانية التشادية بسبب الحرب في السودان، وذلك بعد اتهامات رسمية من بورتسودان بتورط أنجمينا في الحرب من خلال السماح لقوات الدعم السريع باستخدام مطاراتها وأراضيها كنقاط عبور رئيسية لخطوط إمداداتها.
– في ديسمبر من العام الماضي، قالت وزارة الدفاع السودانية إن دولة الإمارات العربية وفرت مسيّرات استراتيجية لقوات الدعم السريع، مزودة بصواريخ موجهة، نفذت هجماتها انطلاقًا من داخل تشاد.
– تهديد عضو مجلس السيادة السوداني، ياسر العطا، باستهداف مطاري أنجمينا وأم جرس، يعود لهجوم طائرات بدون طيار انطلقت من مطار أبشي التشادي واستهدف تجمعا للقوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح بمنطقة المالحة، ولاية شمال دارفور، أدى لجرح ومقتل أعداد كبيرة من المقاتلين، من بينهم قيادات عسكرية وجنود يتبعون للمعارضة التشادية المسلحة،.
– تزامن ذلك مع نجاح قوات الدعم السريع في فرض سيطرتها على منطقة المالحة. وتعد مركزا متقدما للعمليات العسكرية ونقطة ارتكاز لقطع خطوط امداد قوات الدعم السريع وفك الحصار عن مدينة الفاشر كخطوة أولى لاستعادة السيطرة على دارفور، بالإضافة لعنصر تهديد للولايات الشمالية بسبب موقعها الجغرافي، وهو ما أثار حفيظة مساعد القائد العام للجيش بعد فشل خططته جراء فاعلية الطائرات بدون طيار والتي تعتبر مهددا رئيسيا لإستراتيجية الجيش والقوة المشتركة في دارفور، ومصدر حماية وتأمين للحكومة الموازية المنتظر إعلانها في الفترة القادمة.
– أصبحت ساحة الحرب في دارفور مسرحا لنشاط المعارضة التشادية المسلحة التي تقاتل في صفوف الطرفين بحكم انتمائها القبلي للقوى المتحاربة في دارفور، الدعم السريع والحركات المسلحة، حيث تقاتل العناصر العربية في المعارضة التشادية مع قوات الدعم السريع في الوقت الذي تقاتل فيه المعارضة التشادية المنحدرة من قبيلة الزغاوة مع القوة المشتركة للحركات المسلحة.
– جدير بالذكر ان القائد محمد سليمان أبو دفان رئيس تنسيقية المعارضة التشادية وحسين الامين جوجو رئيس حركة الجندي المظلوم ، قتلا في المعارك الدائرة الان في عاصمة شمال دارفور، كما قتل ايضا مهدي بشير القائد العسكري في جبهة الوفاق. ومؤخرا، في 22 مارس، قتل ضابطان كبيران من المعارضة وهما محمد علي إبراهيم ونادر صابون دوكي، في هجوم بالمسيرات على منطقة المالحة.
– للبلدين- السودان وتشاد- تاريخ طويل في صناعة ودعم المعارضة المسلحة في البلدين، خصوصا في عهد الرئيسين السابقين إدريس دبي وعمر البشير من خلال محاولة تغيير الأنظمة السياسية عسكريا عبر توظيف المعارضات المسلحة، ففي عام 2006 وصلت المعارضة التشادية العاصمة انجمينا بدعم مباشر من نظام البشير, وفي عام 2008 وصلت حركة العدل والمساواة العاصمة الخرطوم بدعم من نظام إدريس دبي فيما عرف بعملية الذراع الطويل.
– واليوم تسعى حكومة البرهان في بورتسودان لتكرار ذات المشهد من خلال تجميع المعارضة التشادية بقيادة عثمان ديالو، شقيق المعارض القتيل يحي ديالو, للقتال مع القوات المشتركة ضد قوات الدعم السريع وتهديد مركز السلطة في انجمينا.
– وفق مراقبين، فان مساعد القائد العام الجنرال ياسر العطا، دأب على إطلاق التصريحات العدائية الحادة ضد دول الجوار وبعض أعضاء الالية الرباعية الدولية، من ضمنهم دولة الإمارات ويوغندا وكينيا وجنوب السودان، لكن تهديده لتشاد أمر مختلف، من حيث تحديده مكان الفعل العسكري, والنشاط الكبير للمعارضة المسلحة في حدود الدولتين بفضل التداخل الاجتماعي بين سكان دارفور ومناطق شرق تشاد.
– حتى الان يسود الغموض تهديدات العطا والرد الانتقامي الذي توعد به تشاد، هل سيكون بالطيران الحربي، أم عن طريق تنفيذ مهام خاصة، على غرار الهجوم على القصر الرئاسي مطلع أبريل، أو استهداف مطار انجمينا بقذيفة RBG وفق مصادر محلية ، وهو ما حذر منه بيان الخارجية التشادية في اتهامها لبورتسودان بتمويل الجماعات الإرهابية, بما في ذلك بوكو حرام.
خلاصة:
**. تشهد العلاقات السودانية التشادية في ظل النظامين الحاليين مزيدا من التدهور، بسبب الموقف من الحرب في السودان ومخططات الجيش لنقل الحرب إلى دارفور، مما يجعل الإقليم مسرحا للحرب غير المباشرة بين البلدين.
**تصريحات الجنرال ياسر العطا بضرب مطاري انجمينا وأم جرس الحدودي، قد يفرض على أنجمينا ترتيب تحالفاتها مع قوات الدعم السريع، مما قد يزيد الضغط العسكري على مدينة الفاشر المحاصرة، ويقلل من فرص استعادة الجيش سيطرته على منطقة غرب السودان، كردفان ودارفور الكبرى.
**ستؤثر التصريحات العدائية على أوضاع اللاجئين السودانيين في تشاد، وقد تؤدي إلى إغلاق الحدود بين البلدين، وتعطي أنجمينا الاسبقية لاستخدام القوة العسكرية في المناطق الحدودية، او التوغل في العمق السوداني.
** تقترب الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع من مربع الحرب الإقليمية، بسبب اتهامات بتورط المعارضات المسلحة لبلدان الجوار في الصراع السوداني، وهو الامر الذي يقرب من ساعة المواجهات المسلحة المباشرة.