الإثنين, أبريل 7, 2025
الرئيسيةمقالاتقراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق...

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان(8).

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان.
حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك (٨) .
بقلم الصادق علي حسن.

الشيخان أسامة بن لان وأيمن الظواهري في معسكرات تدريبات الدفاع الشعبي بكادوقلي ونجاة سانتو من التصفية.
بالرجوع إلى المشهد السابع بصفحتي (٣٩- ٤٠ ) من حكاية إعدام جوزيف .كشف الراوي في كتابه عن أنشطة سرية كان يقوم بهما الشيخان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وآخرون في ولايات السودان المختلفة ،وقدم منها مثالا كما ورد في المشهد المذكور بالصفحتين المذكورتين لنقرأ الآتي (“حاكم كردفان يُسلٌم إشارة مقتضبة ومصنفة سرية للغاية”) انتهت الإشارة ، الحاكم يستدعي قائد منطقة الأبيض العسكرية “الهجانة” في مكتبه لإبلاغه عن الإشارة المستلمة من الخرطوم ، ويطلب التعامل مع هذه الإشارة بسرية تامة . عند وصوله مكتبه قائد المنطقة ، يطلب قائدي الإستخبارات وسرية الإدارة المسؤولة عن حراسة الشخصيات المهمة ليخطرهما بالمأمورية ….. الوفد وصل الأبيض بطائرة خاصة حوالي الساعة السادسة مساءً وذهبوا مباشرة إلى استراحة الحكومة ، ومن هناك قرروا بأنهم سيتحركون إلى كادوقلي بالعربات الساعة الثالثة فجر اليوم التالي- السبت ) ، هذه الوقائع المروية بالكتاب توضح بجلاء إلى أي مدى فتحت حركة الإسلام السياسي في عهد نظامها الحاكم السودان للحركات الإسلامية وقد قام بإنشاء مراكز للتدريب بتسهيلات ورعاية مباشرة من النظام الحاكم . إن زيارات قيادات الجهاد الإسلامي العالمي وعلى رأسها الشيخان أسامة بن لان وأيمن الظواهري كانت تتم بصورة سرية إلى ولايات السودان وتشرف على ترتيبات انشطتها وتأمين حركتها حكام الولايات مثل حاكم كردفان ،ولكن ليس ذلك بالأمر المستغرب له في عهد النظام المذكور بقيادة الترابي وتلاميذه ،وإنما الذي يستغرب له حقا ان مجرد ان تتوافر معلومات عن هذه الزيارات ولو بالصدفة لمن يجهل بمراميها وأهدافها ،وقد لا يهتم بها مثل الجندي سانتو أو الفنان خوجلي عثمان ضحية الخطا في تبادل نقل الأمتعة في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ، فإن هذه المعرفة العارضة قد تكلفه الشخص حياته ويعني ذلك أن تلك الزيارات كانت لأغراض حساسة جدا تتطلب التأمين التام وأن مجرد العلم بها في تقدير قيادة النظام الحاكم يقتضي على الفور تصفية من يعلم بها او يتنامى إلى علمه مجرد السماع بمثل سماع الجندي سانتو بأسماء الشخصيات المتكتم عليها وعلى انشطتها . بمثلما وضح بعد ان تم إختيار قوة من فصيلة برئاسة رقيب أول وتجهيزها بالمستلزمات الضرورية لتنفيذ مهام تأمين زيارة القيادات المهمة المذكورة ، ولظروف عارضة لم يتمكن قائد سرية الإدارة من إعادة تجميع المجموعة المكلفة بما في ذلك قائد المجموعة نفسه ، فوقع الإختيار على الرقيب سانتو لقيادة المجموعة المكلفة بالتأمين بالمصادفة والضروري التي لا تحتمل التأخير. الرقيب سانتو استلم المهام ورفع التمام لقائد الدفاع الشعبي ، وعند صلاة الفجر توقفت العربات لأداء صلاة الفجر ونزل الجميع من السيارات ما عدا الرقيب سانتو ، وجد قائد القطاع الغربي سانتو واقفا وسأله (لماذا لم تصلِ مع الناس ؟) فكانت أجابة سانتو (علشان انا مسيحي سعادتك) ،فكان الرد المستغرب له بشدة من قائد الدفاع الشعبي (مسيحي وشنو جابك هنا؟)، فكان رد سانتو (الجيش) . هنا وقد اتضح هوية سانتو العقائدية وجه القائد بقفل الباب وعدم دخوله للصالة مرة آخرى ،هذه الواقعة تكشف الفوارق التي كانت موجودة ما بين التربية المهنية في الجيش ونهج الدفاع الشعبي . لقد قام الوفد الهام بقيادة الشيخين ابن لادن والظواهري بزيارة لمعسكرات التدريب في كادوقلي وأثناء التعارف على أعضاء الوفد بمعسكرات التدريب كانت المرة الأولى التي تعرف فيها الرقيب على أسماء الضيوف المهمين ، وقد كان يرافقهم في تفقد معسكرات التدريب مدير الاستخبارات العسكرية بالقيادة العامة وقائد الدفاع الشعبي بالقطاع الغربي).
لقد إنصب تركيز الراوي (د ضيو مطوك)، في حكاية إعدام جوزيف على ما كان يعانيه إنسان جنوب السودان من معاملة وممارسات وتمييز بمثلما حدث لجوزيف جون باك المسيحي الذي اعتنق الإسلام على يد أسامة بن لادن من داخل السجن من أجل أن يشفع له يخرج من السجن ،ولم يشفع له إسلامه في تحقيق ما كان يصبو إليه بل قاده إلى حبل المشنقة من خلال استغلال المقدم سجون يس الذي تم تعينه في عهد النظام المذكور وكانت له اجندته الخاصة في ملاحقة جوزيف لإعادة تغيير الحكم الصادر في مواجهته وإدانته بقتل ابن اخته محي الدين أحمد شريف وقد تمت محاكمته بالسجن عشرة سنوات او دفع الدية بحسب الوارد في الكتاب .في الحكاية أن الجندي سانتو الذي تم تكليفه بتأمين وفد من الشخصيات المهمة وقد سمع بأسمي أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وقد كاد مجرد هذا السماع أن يكلفه فقدان حياته ،وقد تم تكليف التمساح بقتله ،ومن حسن حظه لم يكن التمساح موجود، بل كان للتمساح نفسه مواجعه وضغائنه تجاه سانتو، وقد فات عليه فرصة التشفي منه وتحسر بشدة عندما علم بذلك لاحقا ، لقد تم تكليف جندي آخر لتنفيذ تلك المهمة وهو محمد آدم الذي زار السجن بالفعل لتنفيذ المهمة بحسب توجيهات القيادة، ولكن فوجئ محمد آدم بأن الشخص المطلوب تصفيته هو جاره في قشلاق الجيش بالخرطوم سانتو والذي كان يأكل ويشرب معه، وروى له حيثيات الوقائع التي تكشف كيفية استسهال التلاعب بحياة الإنسان في ظل نظام حركة الإسلام السياسي وممارسة القتل الجزافي للحفاظ على أسرار التنظيم ، وأنشطة قادة حركة الإسلام السياسي وقادة الجماعات الجهادية في السودان في عهد نظام حزب المؤتمر الوطني المذكور ، لقد كان إهتمام كاتب حكاية إعدام جوزيف منصبا على ما لحق بإنسان جنوب السودان بدولة السودان الأم ، ولم يتعرض الكاتب لماهية الأنشطة وأنواع التدريب في سياق ذكره وتناوله لأنشطة حركات الإسلام السياسي بالسودان ، وقد كان جل هدفه الممارسات والإنتهاكات والتمييز العنصري والديني الذي عاني منه إنسان جنوب السودان ، فكانت وصية إعدام جوزيف ،ونجاة سانتو من التصفية، وقد لعبت الأقدار الألهية دورها في نجاته ، فقد سخرت له الأقدار زميله وجاره السابق محمد آدم . ومع أن مقتل الفنان الشهير خوجلي عثمان كانت بملابسات وظروف الصدفة المماثلة لظروف سانتو الذي شاءت الأقدار في نجاته ، وقد كان يمكن لضيو مطوك ان يطرح حكاية وصية إعدام جوزيف بصورة أوسع تساهم في تسليط الضوء على الإنتهاكات والتجاوزات الجسيمة التي ارتكبتها حركة الإسلام السياسي بالسودان وعلى كافة السودانيين وفتح البلاد مشرعة أمام حركات الجهاد الإسلامي العالمي وفتح معسكرات التدريب لكتائب الدفاع الشعبي بما يمكن ان يلقى الضوء على ظاهرة الاستنفار والمستنفرين ونتائجها داخل السودان وخارجه في المحيطين الإقليمي والدولي ، ولكنه مر عليها مرور الكرام .
في المقالات القادمة ومن خلال وقائع حكاية إعدام جوزيف نتناول لماذا كان الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان قد يكون هو الوحيد الذي حاول ونجح (إلى حد ما) في طرح خطاب سياسي مازج فيه بفلسفة نظرية سياسية جديدة وشعار مرفوع باطروحة السودان الجديد ومن خلالهما الدعوة لشراكة جديدة، في سودان جديد .
نتناول في المقال القادم التجربة (ما بين الشعار والتطبيق) .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات