السبت, أبريل 26, 2025
الرئيسيةفيديوهاتقراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق...

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان. حكاية إعدام جوزيف لمعده د. ضيو مطوك(١٢) .

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان.
حكاية إعدام جوزيف لمعده د. ضيو مطوك(١٢) .

بقلم الصادق علي حسن .

أخطاء مؤرخة ومروية في تاريخ السودان وقواعد تأسيس الدولة السودانية المجازة ديمقراطيا في ١٩٥٥م .
التاريخ المكتوب والمروي عن تأسيس الدولة السودانية وعن قواعد تأسيسها المجازة ديمقراطيا في ١٩٥٥م فيه الكثير من عدم الدقة في المكتوب الموثق له والمنقول المروي . في الحرب الدائرة بين طرفيها المتحاربين (الجيش والدعم السريع) يرفع طرف الدعم السريع شعار إنهاء دولة ١٩٥٦م ولا يُدرك نتائج هذا الإنهاء ،كما ولا يتحسب له إذا تحقق .إن دولة ١٩٥٦م تمثل مرجعية الدولة ووجودها. لقد وقع الدعم السريع في خطأ الخلط ما بين دولة ١٩٥٦م والحكومات المشكلة بموجب قواعدها منذ إعلان استقلال السودان وتأسيس الدولة في الأول من يناير ١٩٥٦م ، إن الدولة السودانية وفقا لمرجعية القانون الدولي القائمة على اتفاقية وستفاليا ١٦٤٨م أخذت شخصيتها القانونية الدولية المعاصرة فقط بدءًا منذ عام ١٩/ ١٢/ ١٩٥٥م ، حيث كانت في السابق منذ أن أوجدها محمد على باشا كحكمدارية تابعة لحكمه في مصر بدءًا من عام ١٨٢١م، هي جزء،من الإقليم الجغرافي للدولة العثمانية المعترف لها بالشخصية القانونية الدولية لإنضمامها في باريس عام ١٨٥٦م لاتفاقية دول المعاهدة الأوربية عقب وفاق حرب القرم ، ونتيجة الإنهاء في حالة تحقيقه كما يطالب الدعم السريع هي إعاده الدولة إلى مرحلة ما قبل التأسيس ، كما في بساطة متناهية، ليس من المنطق السديد المطالبة بإنهاء وجود الدولة وفي نفس الوقت التمسك بوجود الأطر القانونية المنشئة للدولة في إطار منظومة الأمم المتحدة التي تمثل الاتفاقيات والمعاهدات الأوربية مرجعياتها وذلك لحكمها كما في مطالب الدعم السريع وشركائه الذين لا يميزون ما بين وجود الدولة وانشطة حكمها.
قواعد تأسيس الدولة السودانية المجازة ديمقراطيا في ١٩٥٥م نصت على ان السودان دولة مستقلة تحكم ديمقراطيا من خلال إنتخابات عامة تجرى في كل اقاليم السودان لإنتخاب سلطة التشريع(البرلمان ومجلس الشيوخ) وتشكيل مجلس سيادة مدني مكون من خمسة مدنيين ومجلس وزراء مدني وقيام الهياكل الدستورية المشكلة بموجب التفويض الشعبي الإنتخابي من مرجعية إنتخابات عامة تجرى في جميع أقاليم السودان وتقوم الجمعية التأسيسية المنتخبة بوضع وإجازة الدستور الدائم للبلاد واالذي يعبر عن كل شعوب اقاليم السودان بتنوعه الاثني وتعدده الثقافي والإجتماعي والحزبي ، ويحدد الدستور الدائم نظم وهياكل الدولة ويكفل الحقوق والحريات. إن كل ما يتم المطالبة به فهو موجود ومكفول في قواعد التأسيس ، الموائد والمؤتمرات الدستورية هي أنشطة مرعية بموجب قواعد التأسيس المجازة وتتم في إطار إنتخاب الجمعية التأسيسة المنصوص عليه ضمن قواعد التأسيس ، وعقب التأسيس تنتقل البلاد من مرحلة البرلمان المنتخب الذي يضطلع بمهام التشريع العادي إلى مرحلة الجمعية التأسيسية ،ثم تقوم الجمعية التأسيسية المنتخبة بواسطة أعضائها المؤسسين بأمرين هما إجازة الدستور الدائم للبلاد والذي يعبر عن إرادة كل مواطني شعب الدولة السودانية، وبإجازة الدستور الدائم تنقضي مهام الجمعية التأسيسية بوفاء الغرض حتى ولو لم تنتهي الدورة الإنتخابية ، وتدخل البلاد إلى مرحلة ممارسة الحياة البرلمانية، وطرح الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلون لبرامجهم من أجل الحصول على التفويض الإنتخابي لإدارة الدولة بموجب أحكام وقواعد الدستور الدائم . هذه هي الممارسة الصحيحة والسليمة في توصيات اللجنة الدولية التي شكلها حاكم عام السودان برئاسة الخبير الدولي القاضي استانلي بيكر وكان من ضمن عضويتها الأستاذ محمد أحمد محجوب والصحفي أحمد يوسف هاشم الملقب بابو الصحف واللذان استقالا من عضوية اللجنة المذكور وأعتقدا بان أعمال اللجنة بعد ان عملا بها لفترة لن تقود البلاد إلى الاستقلال ، ولكن سيحول حاكم عام السودان السير جورج هاو إلى (ملكا مطلقا للسودان)، كما كتب (ابو الصحف)، ولكن بعد ان صدر قانون الحكم الذاتي وتقرير مصير السودان وبموجب أحكامه دخلت البلاد في مرحلة ممارسة الحكم الذاتي ثم إلى مرحلة تقرير المصير ، ظهر مصطلحي الاستقلال الاتصالي والاستقلال الإنفصالي والذي ابتكره الضابط المصري حسين ذو الفقار صبري ممثل مصر في لجنة حاكم عام السودان(١٩٥٣- ١٩٥٦) . لقد ثم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في الأول من يناير ١٩٥٦م، وكان الإعلان قد تم بعد مفاوضات وتفاهمات مع نواب جنوب السودان بالبرلمان وقد ضمن الجنوب استحقاق فيدرالية الدولة ،كما تم تجاوز ما كان اثاره مفتش مركز نيالا بمزارع منطقة دوماية غربي مدينة نيالا وكان قد اوعز لنواب جنوب دارفور بالبرلمان لتقدم بمقترح لإرجأ إعلان استقلال السودان حتى يتحقق لأبناء دارفور التعليم والتأهيل المناسب للمشاركة في إدارة الدولة أسوة برصفائهم في شمال البلاد . لم يكن استقلال السودان داخل البرلمان وليدا لمقترح قدمه النائب الشيخ عبد الرحمن دبكة (نائب دائرة بقارة غرب جنوب دارفور) وثناه النائب الشيخ مشاور جمعة سهل(كردفان) وقد تمت إجازة المقترح بالإجماع داخل البرلمان بعد ان تمت تلاته وتثنيته ولكن كانت عملية إجرائية متكاملة من ضمن أغراضها إبراز مشاركة كل اقاليم السودان وقد ضمن جنوب السودان استحقاق فيدرالية الدولة.
الأستاذ يوسف آدم بشر كتب ورقة هامة غير منشورة بعنوان (المدخل الصحيح للتأسيس الدستوري السليم) انصح كل من يبحث عن التأسيس الدستوري السليم للدولة السودانية وكيفية الوصول لوضع دستور دائم للبلاد بقراءتها .
مكمن أزمات البلاد في ممارسات النخب والأحزاب والتنظيمات السياسية :
من يبحث في الوقائع التاريخية منذ استقلال البلاد يجد أن مكمن أزمات البلاد وعدم التطور الديمقراطي قد نتج من النخب والأحزاب والتنظيمات السياسية. عقب ثورة أكتوبر المجيدة ١٩٦٤م ، لم تقم الأحزاب باستعادة الحياة الدستورية للبلاد بالرجوع إلى دستور ١٩٥٦م لإنتخاب المؤسسات الدستورية ولكن قامت بوضع دستور اسمته بدستور السودان المعدل لسنة ١٩٦٥م وتم إجراء الإنتخابات على أساسه ،كما ولم يتضمن الدستور المذكور إنتخاب مجلس للشيوخ، وتم العمل بذلك الدستور الذي اسموه بالمعدل مع انه تم إعداده بواسطة الأحزاب والنقابات واساتذة الجامعات، ولم يكن دستور ١٩٥٦م مرجعية له ، ولا يمكن منطقيا أن تكون مرجعيته دستور لم يتم استعادته اصلا حتى يطلق عليه دستور ١٩٦٥م المعدل ، كذلك تم تعطيل استحقاق الجنوب للفيدرالية وقد خرجت جماهير الأحزاب والقوى السياسية والنقابات رافعة شعار لا فيدرالية لشعب واحد (No federation for one nation) ، وعقب ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة ارتكبت القوى السياسية والمدنية والنقابات الخطأ الأكثر فداحة حيث منحت بموجب أحكام دستور ٢٠٢٠م الجيش حق ممارسة العمل السياسي واقتسام السلطة التنفيذية مع الأحزاب والتنظيمات السياسية بإسم المكون العسكري. تلك الشراكة المسؤولة مسؤولية مباشرة عن تعطيل استعادة الحياة الدستورية للبلاد، والتقنين للدعم السريع كقوة عسكرية تمارس إلى جانب الجيش مهام السلطة السيادية والتنفيذية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات