السبت, أبريل 19, 2025
الرئيسيةمقالاتقراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق...

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان. كتاب حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك (١٣/ ١٥) .

قراءة وتعليق في حيثيات وصية محكوم بالإعدام تكشف جوانب خفية من عمق أزمات السودان.
كتاب حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك (١٣/ ١٥) .

بقلم الصادق علي حسن.

القارئ بتمعن لكتاب حكاية إعدام جوزيف لمعده د ضيو مطوك يجد أنه قد حاول الربط بين ممارسات الفساد المقننة في ظل نظام الإنقاذ وحزبه المؤتمر الوطني وممارسات الحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدى في ظل الديمقراطية الثالثة، وذكر وقائع عن إنشاء معسكرات في جنوب السودان في عهد حكومة الصادق وكأنها معسكرات مماثلة لمعسكرات حركة الإسلام السياسي الجهادية في ظل نظامها الحاكم للسودان . ليس هنالك ما يُؤكد إنشاء معسكرات شعبية مسلحة أو تقنين لوجودها في ظل فترة الديمقراطية الثالثة ،والتي كانت مؤسسات ديمقراطية ولا يمكن لرئيس وزرائها الصادق المهدي ان يفعل فيها ما يريد دون الرجوع إلى الجمعية التأسيسية المنتخبة والحكومة المشكلة بموجب نظمها ، وكانت هنالك أحزاب جنوبية في الجمعية التأسيسية كما وفاز يوهانس اكول في دوائر الخريجين في دوائر جنوب السودان وكان أعضاء الجمعية التأسيسة يشكلون رقابة صارمة على أجهزة الدولة، كذلك اعاب د ضيو مطوك على السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء عدم قبول اتفاق الميرغني قرنق الموقع في كوكادام ، والمعلوم ان الصادق المهدي كان قد طلب توضحيات لما تم الاتفاق عليه ولم يعلن عن رفضه المطلق للاتفاق المذكور ، وقد كان اتفاق (الميرغني -قرنق) عبارة عن تفاهمات أولية لم يتطرق للتفاصيل ،وكما يقول قرنق نفسه (الشيطان في التفاصيل)، كذلك الحديث عن تفاهمات أولية وتصويرها بالاتفاق الذي قام برفضه الصادق المهدي ليس دقيقا وفيه مغالاة شديدة ، وعلى ذات نهج د ضيو مطوك كتبت إحدى المدافعات الحقوقيات اليساريات تعليقا على المقال بالرقم (٤) من سلسلة هذه المقالات وذكرت الآتي ( المقال قرأته بتمعن، للأسف الصادق المهدي لم يكن مهتما بتطوير التجربة الديمقراطية ،وكان جل وقته يبحث عن الممتلكات التي صودرت .
للأسف وقف ضد اتفاقية الميرغني قرنق من باب الكيد السياسي ،
وأيضا فالصادق المهدي وميوله الكيزانية أثرت علي مجمل سياساته في السودان) . وكان ردي عليها بالآتي (رئيس الوزراء ليس هو من يقوم لوحده بتطوير التجربة الديمقراطية ، مؤسسات الديمقراطية مؤسسات متكاملة . ولا يمكن القول على نحو مطلق بأن الصادق المهدي رفض اتفاقية الميرغني قرنق من باب الكيد السياسي. فالاتفاق المذكور تضمن بنود عامة وبالضرورة بحثها كما وليس من المتوقع وقتذاك ان قرنق يمكن ان يمنح المؤسسات المنتخبة مشروعية ،وقد رفض قيام الانتخابات من أساسها ، كما ورفض الإعتراف بنتيجتها بعد أن أجريت.
وإن كان للصادق ميول كيزانية فإن ميوله الشخصي ما كان سيؤثر على المؤسسات الدستورية المنتخبة إلا بقدر تأثيره على حزبه ومن خلاله على الجميعة التأسيسية المنتخبة، وإذا تبنت الجمعية التأسيسية وجهات نظره ،هنا يصبح الأمر قد خرج من نطاق الصادق المهدي وحزبه ليصبح مسؤولية كل أعضاء الجمعية التأسيسة فيما يليهم ، ومسؤولية مجلس الوزراء فيما يليه) ، ثم اردفت المدافعة الحقوقية بالقول الآتي (المنتخب ياتا مش هم زاتم نواب حزب الأمة ودا حزب طائفي ما حيعترضو علي كلام الصادق
الصادق ضيع فرص تاريخية انو كان ممكن يقود البلاد الي الاحسن ولكن طموحه الشخصي انو يمسك كل الأشياء السودان والحركة الإسلامية
وزي ما قال أحمد المهدي الصادق لم يكن حزب أمة بل اخ مسلم
هو عرف بعد التجارب الطويلة ولكن المنية عاجلته وكنت متوقعة يلعب دور ممتاز ،لماذا اذن رفض اتفاقية الميرغني قرنق وان كان مما احسن من سيدي الا ستي😀😀 ). وكان ردي عليها بالآتي ( أحترم رؤيتكِ فيما يليكِ ويعبر عن قناعتكٍ ولكن الديمقراطية مؤسسات وتفويض إنتخابي ،وإذا كان الصادق المهدي حصل على التفويض بمرجعية الولاء الطائفي الأعمى، ما عليكم سوى أن تمارسوا التوعية وسط الجماهير لتتملك إرادتها، ولكن ممارسة الوصاية على الناخب باعتبار انه لا يدرك المصلحة العامة فهذه هي الدكتاتورية بعينها) وجاء تعقيبها علي بالآتي (تبذل جهدا لرفع الوعي والآن الناخب اكثر وعيا بما حدث في مجريات السياسة ، فالصادق وقيادة حزب الأمة لم تترشح ابدا في المدن الكبيرة، وإنما ترشيحهم يتم في أماكن الولاء الطائفي
وما يحدث داخل حزب الأمة الآن وهو ايضا نوع من الوعي ..كنت قد حضرت فعالية ٢٦ يناير التي دعا لها المهدي وهناك كان شباب الأنصار الذين قاطعوه بهتافهم
إسقاط النظام يا الإمام
فكان رده الباب يفوت جمل
هتاف الشباب ينم عن وعي سياسي ورد الصادق قمة عدم الديمقراطية
من قال اننا نفرض وصاية فقط نشير للخلل ) . لقد اتفقت القيادية المذكورة معي في أن المطلوب هو نشر الوعي وأن يترك للمواطن العادي ان يختار ويقرر بنفسه .
عقب نجاح ثورة ديسمبر ٢٠١٨م المجيدة في اقتلاع البشير عادت الأحزاب (مثل حليمة التي عادت لقديمها) ، غالبية الأحزاب لم تضع في اعتبارها كلفة دماء الشباب التي قدمت قربانا من أجل تحقيق الديمقراطية، والأنكى والأمر هنالك منها من منح البشير وحزبه المؤتمر الوطني مشروعية تنظيم إنتخابات عامة ٢٠٢٠م والمعروفة بنتائجها سلفا بالفوز الكاسح للبشير وان الانتخابات هي عبارة عن عملية صورية وشرعنة للأوضاع القائمة بحكم الأمر الواقع ، كما والمشاركة فيها للتزيين وتجميل صورة النظام ، وحينما نجحت ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م واطاحت بالبشير هنالك من قفز بسرعة من سفينة البشير الغارقة وتوجه مباشرة إلى مقدمة قيادة الثورة وأخذ بجراءة زمام مقود الثورة ،كما ارتفعت فجاءة لافتة بإسم تجمع المهنيين السودانيين ،وأحالت لافتة تجمع المهنيين السودانيين المرفوعة كل التضحيات المتراكمة لشباب الثورة وقامت بتجييرها لصالح عدد من الأشخاص لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين الإثنين، وظهرت مراكز القوى والنفوذ والاستقواء والشلليات، ولم يكن شباب الثورة يمتلكون الخبرات المناسبة لمواجهة أصعب تجربة تمر عليهم وعلى الانتقال بالتجربة والمرحلة الحرجة إلى تجربة ديمقراطية ومن دكتاتورية غاشمة امتدت لثلاثة عقود من الزمان إلى الحرية المرتجاة .
في مقالنا القادم بمشيئة الله تعالى ساعود إلى د ضيو مضوك وكيف انه مارس التجزئة والتبعيض بما يخدم رؤيته بمثل القيادية اليسارية التي حاولت ان تحمل الصادق المهدي أخطاء فترة الديمقراطية ، إن المطالبة باي حقوق خاصة إهدرت بواسطة من يدير الدولة وفي أي وقت أو عهد إذا ثبتت الحقوق ، ليست في المطالبة اي مذمة وبمثلما كانت هنالك مطالبات لآل المهدي ايضا كانت هنالك مطالبات آخرى بمثل تلك التي تحدثت عنها وسائل الإعلام بانها مطالبات للدكتور عز الدين على عامر عضو الجمعية التأسيسية عن الحزب الشيوعي وكان نظام النميري قد قام بمصادرة ممتلكات خاصة به ، إن مبدأ المطالبة بالحق الخاص في حد ذاته ليس فيه ما يعيب، طالما هنالك مؤسسات تقرر بشأن مدى مشروعية المطالبة والاستحقاق ، ومحاكم تفصل في المنازعات وقانون يطبق على الكافة .
ساتناول في المقال القادم تجربة د جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان وكان كل السودان ينتظر منه تحقيق شعاراته المرفوعة (السودان الجديد) وليس إنسان جنوب السودان وحده .
الصادق المهدي لم يتمسك بإنتخابه الديمقراطي كرئيس للوزراء ،وتخلى عن صفته ليجلس مع د جون قرنق وقد كانت هذه محمده فيه ولصالح البحث عن الحلول السلمية للقضايا والمطالب المرفوعة بواسطة الحركة الشعبية وقائدها د جون قرنق ، كما وكان من حق قرنق عدم الإعتراف بالصادق المهدي باعتباره رئيسا لمجلس الوزراء، وقد رفض قرنق العملية الإنتخابية برمتها ،وصارت نتائجها لا تعنيه في شيء ، وقد كانت لقرنق أهدافه المعلنة وشعاراته المرفوعة ، وبسقوط الشيوعية في الإتحاد السوفيتي تحول قرنق تجاه الغرب ووظف كل أدوات الغرب لتحقيق أهدافه ، كما وحينما انقسم حزب المؤتمر الوطني إلى (وطني وشعبي) عقب الإنفصال وقد مد له الترابي جسور التواصل ،رد قرنق ساخرا (إن الترابي غاضبا وانا لست معنيا بإخراجه من دائرة غضبه ) واستثمر في الانقسام ودخل مع غربم الترابي وتلميذه علي عثمان محمد طه في مفاوضات مارثونية افضت لاتفاق نيفاشا ٢٠٠٥م ودستوره الاتفاقي (الدستور الانتقالي ٢٠٠٥م) ، كذلك
وافق التجمع الوطني الديمقراطي وفي عضويته غالبية الأحزاب السودانية المعارضة المشاركة الضعيفة في الحكومة المشكلة بموجب اتفاقية نيفاشا ،مشاركة تكاد لا تذكر ، وكان من الأفضل لو لم يرفض التجمع الوطنى الديمقراطى الاتفاق المذكور وتعامل معه بصفة المراقب ، ولكن قبل بالاتفاق بما فيه من عيوب وشارك في أجهزة وسلطة اتفاقية نيفاشا .
عقب مقتل د جون قرنق بفترة صادفت القيادي بالحزب الشيوعي وقتذاك د الشفيع خضر بإحدى المطارات الدولية (ترانزيت) ، وسألته ما الحكمة من قبول التجمع الوطني الديمقراطي بالمشاركة المتواضعة في مؤسسات وحكومة اتفاقية نيفاشا ليتحمل مسؤولية النتائج التاريخية الناتجة عنها وفي تحمل تبعاتها. فكان رد د الشفيع خضر بان التجمع الوطنى الديمقراطى كان يراهن على ان اتفاقية نيفاشا ستحقق التحول الديمقراطي لكل السودان ، ثم سألته ولكن كيف ؟ ذلك وماهية الضمانات؟ وكان رده على سؤالي بالقول بأن قرنق قال لا تهتموا بنسب المشاركة و(أسألوني عن النتائج) .
وسألته (لقد مات قرنق ، أين ما تم الاتفاق عليه ؟ والضمانات ، فكان رده ( الخطأ الضمانات كانت شخص قرنق نفسه ،وليست مكتوبة ، وذهبت الضمانات بذهاب قرنق) .
من النتائج المؤسفة لقد كرست اتفاقية نيفاشا لاحتكار المؤتمر الوطني للسلطة في شمال البلاد مع مشاركات هامشية لغيرها، مقابل ان يكون الوضع كذلك للحركة الشعبية بجنوب البلاد مع مشاركات هامشية لغيرها، وعقب انفصال جنوب السودان بالاستفتاء ظلت الأوضاع القائمة بالدولتين الأم والوليدة كماهي، منازعات وصراعات مستمرة على السلطة .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات