الخميس, سبتمبر 4, 2025
الرئيسيةمقالاتكارثة الانهيار الأرضي في ترسين بجبل مرة: بين الطبيعة والتاريخ المنسي

كارثة الانهيار الأرضي في ترسين بجبل مرة: بين الطبيعة والتاريخ المنسي

كارثة الانهيار الأرضي في ترسين بجبل مرة: بين الطبيعة والتاريخ المنسي

بقلم : سيف الدين ادم احمد (ديفيد)

شهدت قرية ترسين الواقعة في منطقة دار أوموا الإدارية – شرتاوية إبراهيم سليمان حسب الله، غرب منطقة سوني والمجاورة لقرى دولينق روا، تركو، رانق روا، ومن الناحية الغربية لوقي، كارثة طبيعية مروعة تمثلت في انهيار أرضي جبلي أدى إلى اختفاء قرية بكاملها تحت الركام. كما جرفت السيول المنحدرة من المرتفعات العديد من السكان إلى مناطق بعيدة، مخلفةً ضحايا في المناطق المنكوبة عند منحدرات الأراضي الجبلية .
جبل مرة ، جغرافيا محفوفة بالمخاطر حيث تقع منطقة ترسين ضمن سلسلة جبال مرة ، وهي أرض بركانية التكوين ، ما يجعلها أكثر عرضة للإنهيارات الأرضية والإنجرافات خلال مواسم الأمطار الغزيرة ، هذه الطبيعة الجغرافية القاسية تتقاطع مع هشاشة البنية التحتية وانعدام الخدمات الأساسية ، ما يزيد من حجم الكارثة كلما وقعت .
عزيزي القارء دعوني اعود بك الي الوراء حيث ذاكرة الحرب والكوارث البشرية في المنطقة ، ان المأساة الحالية تأتي في سياق تاريخ طويل من المعاناة التي شهدها جبل مرة رقعه جغرافية خصبة لأنشاء ثورة مسلحة ، تحت مسمى حركة جيش تحرير السودان في العام ٢٠٠٢م و في عام 2016، تعرضت المنطقة للإستهداف مباشر من حكومة المؤتمر الوطني، عبر ضربات جوية وقصف بالأسلحة الكيماوية، ما أسفر عن خسائر بشرية وبيئية جسيمة .
طوال تاريخها، عانت المنطقة من تهميش وعزلة خدمية سواء في فترة الاستعمار أو الحكومات الوطنية التي أعقبته، حيث افتقرت إلى الطرق، والمرافق الصحية، والتعليم، والخدمات الأساسية الأخرى .
يعود بنا أبعاد الكارثة الراهنة ، ما حدث في ترسين لا يمكن اعتباره مجرد كارثة طبيعية معزولة، بل هو نتيجة تضافر عوامل طبيعية وبشرية مثل البراكين والانحدارات الحادة مع غياب البنية التحتية ووسائل الإنقاذ ، إرث الصراع المسلح الذي ترك المنطقة معزولة ومنهكة .
يحتاج الواقع الي استجابة شاملة في هذه المأساة التي فرضها الحاجة إلى :
1. تدخل إنساني عاجل لإنقاذ الناجين وتقديم الغذاء والمأوى والخدمات الطبية.
2. إعادة تقييم المخاطر البيئية في جبل مرة، مع وضع خطط وقائية للكوارث الطبيعية.
3. مساءلة سياسية وتاريخية حول التهميش المتواصل الذي جعل سكان جبل مرة الأكثر عرضة للهشاشة .
عزيزي القارء اعلم جيدًا بان كارثة ترسين تجسد تقاطع غضب الطبيعة مع الإهمال السياسي والتاريخي ، فهي تذكير صارخ بأن سكان جبل مرة يعيشون بين فكي الكوارث الطبيعية والحروب، وأن إنقاذ حياتهم يتطلب أكثر من استجابة طارئة؛ بل رؤية شاملة تعترف بتاريخ التهميش وتعيد الاعتبار لهذه المنطقة المنسية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات