الجمعة, أغسطس 22, 2025
الرئيسيةاخبار سياسيةكيف يتم تقويض الخط العام في الثورات عندما يحدث صراع بين مكونات...

كيف يتم تقويض الخط العام في الثورات عندما يحدث صراع بين مكونات السلطة نموذج صراع الجيش و الدعم السريع في السودان ؟

كيف يتم تقويض الخط العام في الثورات عندما يحدث صراع بين مكونات السلطة نموذج صراع الجيش و الدعم السريع في السودان ؟

ورقة علمية ، بقلم : سيف الدين ادم ( ديفيد)

في مسارات الثورات الشعبية السلمية و المسلحة ، يُشكّل الخط العام بمثابة البوصلة التي توجه الفعل و المقاومة الثورية وتحدد أولوياته ومواقفه من الأحداث والمتغيرات . هذا الخط يُبنى على أساس رؤية واضحة للصراع بين الثورة التي خرجت من رحم الشعب وقوى الظلم والاستبداد . غير أن هذا الخط كثيرًا ما يتعرض لمحاولات التقويض ( أي الانحراف ) خاصة في اللحظات الحرجة ، مثل حدوث صراع داخلي في السلطة (نموذج صراع الجيش السوداني و الدعم السريع ). هنا تتسلل مجموعة صغيرة و غالب تراهم متواجدين في قيادة الثورات بمحاولات تزييف الوعي داخل الثورة ، وتظهر أصوات تروّج لتغيير البوصلة الثورية لصالح احد أطراف الصراع ، لكن السؤال الجهوري ما المقصود بالتقويض ؟ كيف يحدث ذلك ؟ وكيف يواجه الثوار هذه التقويض ؟
اولا: “تقويض الخط العام” : يعني تبديل أولويات الثورة من مقاومة الصفوة و اليتها القمعية الجيش السوداني و الدعم السريع إلى التماهي مع أحد أطراف الصراع مع إضعاف الموقف الأخلاقي والسياسي للثورة و الثوار أمام شعوبهم وهو لا يحدث بشكل مباشر أو معلن ، بل يتسلل تحت غطاء “الواقعية”، أو “التهدئة”، أو حتى “التخوين بالوطنية المزيفة”.
ثانيًا : لحظة انقسام السلطة هي فرصة أم فخ ؟
عندما ينشب صراع داخلي بين أطراف السلطة سواء داخل أجهزة الدولة بكل مليشياته و الأحزاب المتحالفة و مع المجموعات الثورية ضد معسكر الثورة ، تنشأ حالة من الإرتباك في الشارع الثوري و الخط العام تتمظهر في الاتي :
طرف يبدو أكثر “اعتدالًا” ، طرف يستخدم شعارات قريبة من مطالب الثورة ، طرف في السلطة الثورية أصواتها تنادي و تدعو لدعم أحد الأطراف ” لتقويض الخط العام ” ، لكن هؤلاء لديهم أدوات يستخدمونها و غالب ما يكونوا في حرم السلطة الثورية ، هذه الأدوات هي :
1- ظهور مجموعة منتفعة يتمسك بالاطر المنتفعة .
2- حدوث إجتماعات سرية يتبناها افراد مع احد قادة أطراف الصراع .
3- ظهور صور لأفراد المجموعة الساعية مع قيادة احد اطراف الصراع في مواقع التواصل الإجتماعي .
4- استخدام التخبط الإداري لتكميم أفواه الثوار المعتدلة .
5- ظهور مجموعات في مسيرات لدعم حكومات أطراف الصراع .
وهنا يبدأ تقويض الخط العام إن لم يُحسم الموقف الثوري بحزم و وضوح .
ثالثًا: آليات تقويض الخط العام
1. الترويج لأحد أطراف الصراع اعلاميآ مع مهاجمة الطرف الآخر .
2. شيطنة الثوار واتهامهم بأنهم يحدثون الفوضى ، بينما يُبرأ أحد الأطراف التي تدعم احد أطراف الصراع .
3. دعوات التهدئة والتسوية دون شروط ، أي دون عدالة أو محاسبية .
4. اختراق الصفوف الثورية بخطاب رمادي يدعو لـ”الانحياز للعقلانية” مع اتهامهم “بالتطرف الثوري او التخوين ” .
رابعًا: آثار تقويض الخط العام
1. فقدان الثقة الثوري عند الثوار و شعوبهم .
2. تشتت الوحدة الثورية وانقسام صفوفها .
3. إعادة تدوير السلطة الإدارية بأشكال جديدة تُبقي على جوهر القمع والاستغلال .
4. خلق حالة من الإستسلام التدريجي بدلًا من الحسم الثوري .
خامسًا: كيفية حماية الخط العام من التغويض ؟
1. التمسك بالمبدأ الأساسي : الثورة ضد أطراف الصراع كاملة ، لا ضد طرف دون آخر .
2. كشف و تحليل طبيعة الصراع بين اطراف الصراع : هو صراع مصالح لا علاقة لها بمصالح الشعوب السودانية .
3. رفض الإنحياز لأي طرف في معسكر الصراع و الاستبداد مع التأكيد على أن التناقض الأساسي بين حقوق الشعوب و مصالح أطراف الصراع .
4. تعزيز الوعي السياسي داخل قواعد الثورة ، عبر التثقيف والمواقف الموحدة .
5. بناء خطاب بديل واضح ، يوضح أن الحل لا يكمن في أحد أجنحة اطراف الصراع ، بل في إسقاط النظام بكل اجهزتها العسكرية كامله و بناء موقف بديل يخدم الوطن و المواطن السوداني .
الخاتمة:
الصراع بين الجيش السوداني و الدعم السريع و المجموعات المتحالفة معهم هي لحظة كاشفة عند العمل علي كيفية حفاظ الخط العام مع استمرارية العمل الثوري ، لكنها أيضًا لحظة خطرة في حالة محاولة الوقوف مع احد أطر الصراع . فإما أن تكون فرصة لتعزيز الموقف الثوري وكشف زيف منظومات الاستبداد ، أو تكون مدخلًا لتقويض الخط العام وتفكيك الوعي الثوري . ومن هنا، فإن ثبات الخط العام و وضوحه هو شرط بقاء الثورة وشرط انتصارها . فالثورات لا تُهزم فقط بالسلاح ، بل قد تُهزم حين تتنازل عن بوصلتها .

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات