محمد الحسن أحمد
يقولون أن لكل من اسمه نصيب، لكن الجنرال عبدالفتاح البرهان، يثبت أن لكل قاعدة شواذ، فالرجل ومنذ أن ظهر على المسرح السياسي ومن قبله العسكري لم يفتح الله عليه بموقف واحد يصلح للتدليل على كونه رجل دولة أو جيش.
خذ من براهين البرهان عزيزي القارئ أو انتقي ما شئت من لدن فض اعتصام القيادة العامة مرورا بقتل المتظاهرين ورفض الاتفاق الاطاري وانقلابه المشؤم وليس انتهاء بالحرب العبثية الدائرة، لتعلم كم هو حيران لا يملك ثمة برهان.
عبثا يحاول الجنرال في متاهاته الوصول لحلم أبيه برئاسة السودان ولو على الجماجم والحطام.. يجمع بين الموقف ونقيضه.. يتلاعب بجمهور المسرح العبثي العابس يرضي هؤلاء بتصريح عابر فيغضب أولئك.. يتبدل القول فتتبدل المواقف بين السخط والقبول.. يسحب جيشه تاركا مواطنيه لمصير أسود ثم يعود معزيا ما تبقى من المواطنين.. يتخذ من المنطقة الرمادية ثكنة وهو في ذلك اشبه بسياسي متردد من جنرال مقاتل.
ومذ أن أشعل الاسلاميون حرب السودان، بدأ الجنرال هينا لينا تجاههم يتجاوز عن اساءاتهم يغفر تحقيرهم لشأنه وجيشه وبالمقابل لا يدع سانحة أو منبر دون النيل من القوى المدنية التي تحاول إسكات صوت الرصاص وإنقاذ ما تبقى من اشلاء الوطن الممزق.
يدرك البرهان وهو يخطو عامه السادس على سدة السلطةأ ن نهاية الحرب تمثل نهاية لحلم أبيه والمفارقة أن مصيره مطابق لمصير إخوانه الإسلاميين الذين جعلوه كمن يمتطي اسدا فإن نزل عن ظهره التهمه وإن بقى قضى جوعا وما بين هذا وذاك يلعب على حبال المواقف والزمان.. يتشابه المصير وتختلف الغايات في تحالف ذئبي يطارد طريدة فإذا سقط واحد منهم كان الفريسة.
خلال تنوير عسكري، أعلن البرهان ترحيبه بالمبادرة السعودية وغلق الباب أمام الرباعية وهو ذات الموقف المعلن من قبل مجرمي الحركة الإسلامية.. تبدو المفارقة في عدم وجود مبادرة سعودية في الأصل وهي ذات السعودية التي انسحب وفده من منبرها بمدينة جدة والحرب في شهرها الثاني، فمن الواضح أن تصريحات المستشار الأمريكي مسعد بولس، بشأن تحريك ساكن مبادرة الرباعية والتي قضّت منام الكيزان كانت هي الدافع لما جرى في التنوير.
حتى في تنويره العسكري، تحاشى البرهان اتخاذ الموقف الواضح بلا أو نعم حيال المبادرة الرباعية بل أطلق جملة زئبقية تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة – غير مبرئة للذمة – انتزع بها إعجاب البلهاء من البلابسة وداعب بها دوغمائية الكيزان واحلامهم القاتلة للشعب.
وفي تساؤل يشبه جلطاته وحيراته، تسأل البرهان منكرا سيطرة الكيزان على قيادة الجيش، وكأن لم يطرق اذانه حديث الدجال الأكبر عبدالحي يوسف : (البرهان أعجز من ان يقضي على الحركة الإسلامية وهي تسيطر حتى على مكتبه) دع عنك نعته لقائد الجيش بعديم الدين والأخلاق، وبالقطع الجنرال يتناسى كم مرة أجبره الذين ينكرهم على نزع فتيل الحرب ورفض إيقافها.
من نافلة القول التعريف بمعدن الزئبق فهو
المعدن الوحيد الذي يوجد في الحالة السائلة عند درجة حرارة الغرفة والضغط القياسي، إذا كل ما علينا انتظار ارتفاع درجة حرارة الموقف الدولي وزيادة ضغطه لنرى الضفدع.. أيستطيع التأقلم وانتظار الحتف المؤجل ام يقضي عاجلا على يد شركاء المصير الذين دفعوه لرفع حدة الخطاب استباقا لتصنيفهم جماعة إرهابية وهو الوضع الاليق بهم.

