مجموعة المناصرة من أجل السلام تشدد علي نزع الأيدولوجيا الإسلاموية من عقيدتها.وإنهاء ظاهرة تعدد الجيوش
كينيا:حسين سعد
مجموعة المناصرة من أجل السلام
عقدت مجموعة المناصرة من أجل السلام) AGPS(، بقيادة الدكتور فرانسيس دينق والبروفسير عبدالله النعيم، سلسلة من الاجتماعات، في نيروبي، كينيا، خلال الفترة من 4 إلى 10 اكتوبر ،بمشاركة كامل عضوية المجموع ة، إلى جانب مجموعة متنوعة من المفكرين وقادة المجتمع المدني السوداني. وتعد هذه الاجتماعات ت هي الأولى التي تجري على أرض الواقع بعد سلسلة من اللقاءات الافتراضي ة خلا ل الأشهر الماضية من ذ اندلاع الحرب ف ي 15 من أبريل.
انتظم المشاركون خلال الأيام الثلاثة الأولى من سلسلة الاجتماعات في ورشة عمل داخلية هدفت إلى التشاور والتفكير وصياغة مواقف المجموعة من قضايا الحرب والسلام، العدالة والعدالة الانتقالية، ورسم إستراتيجية المجموعة لجهودها في المناصرة. أعقب ذلك سلسلة من حلقات نقاش أخذت طابع المائدة المستديرة مع عدد من الدبلوماسيينن والمنظمات الدولية غير الحكومية والمجتمع المدني السوداني والافريقي.
اتفق المشاركون في ورشة العمل على أن القوى المدنية الديمقراطية لا تعنيها سرديات أطراف الحرب الحالية من خلال ادعاءاتها بأنها حرب ” للكرامة” أ و حر ب لتفكيك ” دولة 56″. فالمجموعة ترى بأن الحرب تمثل أطرافها وأجندتهم الحربية، فقط. فالحرب قد استهدفت المواطن في حياته ومسكنه ومعاشه وهددت مستقبل السودان. وقد اتفق المشاركون أن مجموعة المناصرة تعرف حرب 15 أبريل ب أنها استمرار لكافة حروب السودان السابقة في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان. أي أنها حرب مثل سابقاتها لا يمكن الانتصار فيها عسكريا . ولذلك، لا يمكن الوصول إلى سلام عادل ومستدام ، دون تتبع تاريخ وجذور كل تلك الحروب المستمرة منذ استقلال البلا د ومن ثم استنباط الحلول وفقا لذلك.
وتناولت المناقشات أيضا البنية والتشكيلات الأمنية والعسكرية للأطراف المتحاربة. وقد حصر المشاركون عشرات الجيوش والمليشيات المسلحة المنخرطة حاليا في الحرب. وتوصل المشاركون إلى أن فشل محاولات معالجة قضية الجيش المهني الواحد، تمثل واحد ة من تحديات قضايا جذور الحروب في البلاد، منذ اتفاق ق اديس ابابا في 1972، مرورا بكافة الترتيبات الأمنية في اتفاقا ت السلام، وصولا لمقاومة الدولة العميقة لها خلال الفترة الانتقالي ة المنقلب عليها في 25 أكتوبر 2022. وشدد المشاركون على أن حرب 15 ابريل تحتم مناصرة مبدأ إعادة تأسيس المنظومة العسكرية- الأمنية بصور ة جديدة، وذلك بنزع الأيدولوجيا الإسلاموية من عقيدتها. يضاف إلى ذلك، إنهاء ظاهرة تعدد الجيوش والتشكيلات العسكرية، وإبعادها عن السياسة، وتصفية إمبراطورياتها الاقتصادية واستغلالها لموارد البلاد وثرواتها.
كما ناقشت الورشة، قضية الدين والدولة، ضمن قضايا جذور الحرب، والتركة المثقلة لثلاث عقود من هيمنة الحركة الإسلامية على البلاد، وتسببها في دفع جنوب السودان للانفصال، وما يلعبه الآن الإسلامي ون من أدوار رئيسية في حرب 15 ابريل. وقد شد د المشاركون على أهمية التعامل الجاد للحركة السياسية والمدنية السودانية مع ذلك الإرث المظلم، وفي مقدمتها دعم وتعزيز مبادئ فصل الدين عن الدولة، وضمان تعزي ز المواطنة المتساوية والتنوع السوداني كمكونات أساسية لأي إطار حل يسعى للحفاظ عل ى وحدة البلاد وتحقيق السلام العادل والدائم.
أيضا، جرى التأكيد على قضايا العدالة والعدالة الانتقالية، حيث أقر المشاركون على أن الإفلات من العقاب ظل أحد سمات حروب البلا د المستمرة، وهو ما يشجع على استمرار ارتكاب الجرائم الجسيمة والجرائم ضد الإنسانية والإبادات الجماعية، مثلما يحدث في الحرب الجارية. وقد أكد المشاركون على ضرورة مناصرة جهود تضمين العدالة الانتقالية في مضمونها الشامل في أي اتفاقات سلا م وعقود سياسية، وفي مقدمتها العدالة الجنائية، المحلية والعالمية.
وقد دعا المشاركون، في ذات السياق، المجتمع المدني السوداني لاستعادة أداوره ومقدراته في توثيق الانتهاكات بمهنية واحترافية، بعيدا عن التسيس والتحيزات الجهوية، والدفع بمبادرات محاربة العنصرية والعنصرية المضادة ومحاربة حالة الانقسام الاجتماعي- الثقافي الحادة التي تفاقمت منذ بدء حرب 15 ابريل، وظلت تمثل خطرا على وحدة البلاد .وخلصت المجموعة إلى أهمية تطوير نموذج سوداني للعدالة الانتقالية، يتجاوب مع تعقيدات البلاد وقادر على مواجهة فظائع الماضي بتعزيز جهود إبراء الجراح والمصالحة وجبر الضرر في كافة المناطق، بما يمهد الطريق لسلام مستدام قائم على العدالة والمساءلة، لكسر حلقة العنف ولضمان مستقبل سلمي وموحد للبلا د.
في اليوم الثالث لورشة العمل، ناقش المشاركون الإطار الرئيسي لتطوير إستراتيجية المناصر ة الخاصة بالمجموعة، مستندا على المبدئية والاستقلالية والتماسك الداخلي بين كافة حملات المناصرة، مستهدفة داخليا جماهير الشعب السوداني وقواه المدنية والسياسية، وخارجيا مختلف جهود الوساطة الإقليمية والدولية. حيث إتفق المشاركون على ثلاثة محاور رئيسية تستهدفها أنشطة مجموعة المناصرة من أجل السلام في السودان، تشمل المجالات التالي ة:
- جهود المناصرة الخاصة بوقف العدائيات للأغراض الإنسانية وحماية المدنيين.
- أنشطة المناصرة الخاصة بإنهاء الحرب عبر عملية للسلام العادل الشامل
- وضع إطار للاستقرار المؤسسي والسياسي لاستعادة النظام الدستوري والحياة المدنية الديموقراطية
في ختام أعمال الورشة الداخلية، دشنت مجموعة المناصرة من أجل السلام في السودان أنشطتها العملية بتنظيم ثلاث طاولات نقاش مستديرة في العاصمة الكينية نيروبي، أيام 7، 8 و10 اكتوبر. حيث عقدت الطاولة المستديرة الأولى بعنوان “حرب السودان وإمكانية إحلال السلام العادل”، بمشاركة مجموعات من الإعلاميين والشباب والشابات ومنظمات المجتمع المدني السوداني بنيروبي، فضلا عن عدد من منظمات المجتمع المدني الكينية. واستهدفت المائدة المستديرة الثانية ممثلين عن السلك الدبلوماسي والسفارات والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في السودا ن، حيث تم عرض مواقف مجموعة المناصرة ورؤيتها في القضايا المختلفة والحوار حول أدوار المجتمع الدولي في دعم الاستقرار والسلام العادل في السودان. وخصصت الجلسة الثالثة للتحاور مع الفاعلين الدوليين في المجال الإنساني للتعريف بالأوضاع الإنسانية والسياسات والتدخلات المطلوبة للتخفيف من الكارثية الإنسانية المتفجرة منذ حرب 15 ابري ل 2023.